هذا ما أكده تقرير لـ»كارنيغي للسلام الدولي»، حرره جاك روسولييه، الأستاذ في الجامعة العسكرية الأميركية الذي شارك في تحرير الكتاب الذي سيصدر قريباً بعنوان «وجهات نظر حول الصحراء الغربية: الأساطير والقومية والجيوسياسة».
وأوضح محرر التقرير أن المغرب سعى طوال مايناهز الثلاثين عاماً إلى تطبيق خطة طموحة لتحقيق التنمية في الصحراء بمستوى موازٍ لمستوى الإنماء الوطني، وذلك تلبيةً لغاية سياسية تنطلق من الاعتقاد بأن التنمية تولّد قبولاً لحكم المغرب داخل الصحراء، وموافقة دولية ضمنية على مطالبة المغرب بالصحراء، معتبرا أنه لم تَظهر بعد أدلّةٌ تُبيِّن أن هذه المقاربة يمكن أن تقود إلى قبول الحكم المغربي على الصحراء، إذ لم يتبلور حتى الآن أيّ دعم دولي لخطة الحكم الذاتي التي وضعتها الرباط، ولاسيما من قبل الجزائر وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر. وأوضحالتقرير أن المملكة التزمت، لأسباب اقتصادية وسياسية على السواء، بإجراء تقييم عميق لسياستها الإنمائية في المنطقة الجنوبية، وذلك عبر النظر إلى الرابط الأساسي بين التنمية والاستقرار والتسوية طويلة الأمد للنزاع في الصحراء.
وقد وضع المغرب، يضيف محرر التقرير، مجموعة واسعة من السياسات والأدوات المؤسسية لتعزيز الاستثمار وتفعيل الأهداف الإنمائية في الصحراء التي تساهم، حسب المصدر ذاته في 4 في المائة من إجمالي الناتج الوطني المغربي من خلال الفوسفاط، والصيد البحري، والسياحة. ويبقى الناتج المحلي الإجمالي في الصحراء أعلى من المعدّل الوطني، يضيف التقير الذي تحفظ على هذه المعلومة، معتبرا أن هذا الرقم ربما كان مضخّماً بسبب الاستثمارات العامة واحتساب رواتب الوظيفة العمومية. وبعد أن اعترف التقرير بأن معدّل الفقر شهد انخفض في الصحراء بنسبة 17.9 في المائة بين العامَين 1994 و1999، مقارنةً بـ1.9 في عموم التراب الوطني، اعتبر أن تأثير هذا التراجع سينحسر في المدى الطويل جرّاء الارتفاع المتوقّع في معدّل البطالة، والذي يبلغ حوالى ضعف المعدل الوطني (19.6 في المائة مقابل 9.6 في المئة في العام 2006)، ويُعزى ربما إلى حجم التمدّن المرتفع نسبياً في الصحراء، حسب المصدر ذاته، فضلاً عن ذلك، قد يكون الارتفاع في معدّل البطالة ناجماً عن نزوح الباحثين عن عمل من المناطق الشمالية في المغرب نحو الصحراء، سعياً وراء فرص العمل المتوافرة هناك في قطاع الخدمات. ليخلص التقرير إلى أن مؤشر التنمية البشرية في الصحراء أعلى منه في كل المناطق المغربية الأخرى، ويبقى فوق المعدّل ضمن العالم العربي، مع تحفظه على أن نجاح الخطة التنموية في المغرب يتوقّف إلى حد كبير على حجم المردود الذي يمكن أن تحقّقه في السياسة، لناحية دعم الصحراء للحكم المغربي عليها، وذلك في مقابل الاستثمار العام الذي ستوظّفه هذه الخطة، موضحا أنه قد ظهر نسيج مجتمعي هش، بسبب التمدّن السريع والتفكّك الفجائي للثقافة البدوية في أوساط السكان الذين تجتاحهم الانقسامات الداخلية جرّاء التوزيع المتفاوت، وأحياناً غير المنصف، للمستحقّات الاقتصادية والاجتماعية، والتطلّعات التي تراود المجموعات السكّانية المختلفة.