مجلس الحسابات يفضح إدارة الضرائب: فقر في البيانات وضعف في التتبع وقرارات فردية و"أخطاء" أدت إلى خسائر كبيرة

14 مارس 2022 - 23:00

كشف المجلس الأعلى للحسابات، في تقرير جديد، عن وجود قصور كبير في أداء قباضات إدارة الضرائب للمهام المنوطة بها، لاسيما عدم التزامها بإنجاز الإحصاء المنتظم للملزمين، وعدم التقيد بضوابط موضوعية فيما يخص تدبير بعض الإقرارات بالأرباح، والبت في قضايا بشكل فردي دون اللجوء إلى هيئات معنية، فضلا عن ضعف قواعد البيانات وعدم شموليتها، فيما تنتهي عدد من المنازعات الضريبية بتفويت مبالغ هامة بسبب عدم احترام إدارة الضرائب للمقتضيات وللشكليات القانونية.

الملاحظات التي ذكرها المجلس في تقريره السنوي، جاءت عقب إنجازه 10 مهمات لمراقبة التسيير شملت المديريات الجهوية والإقليمية للضرائب بكل من مراكش وفاس وطنجة وأكادير ووجدة، إضافة إلى تقسيمات الضرائب بكل من تمارة وتيفلت وسلا وآسفي، والجديدة.

 

وهكذا، وبخصوص تدبير الوعاء الضريبي، الذي تتكفل به مصلحة خاصة معنية بتحديد وإحصاء الملزمين، وتلقي الشكايات الضريبية، لاحظ التقرير أن هذه المصلحة لا تنجز بشكل منتظم عملية الإحصاء السنوي، كما أنها لا تتوفر على وضعية شاملة للملزمين المتخلفين عن الإقرار الضريبي، بالإضافة إلى تأخرها في مطالبة الملزمين المتخلفين بتقديم إقراراتهم الضريية، وكذا تفعيل مسطرة الفرض التلقائي للضريبة في حقهم.

 

أما بخصوص المراقبة الضريبية التي تعنى بالتأكد من صحة البيانات المحاسبية والإقرارات التي يدلي بها الخاضعون للضريبة، فيسجل التقرير وجود ضعف في توثيق الإجراءات والتدابير المتخذة في إطار المراجعات الضريبية، وكذا عدم دقة المعايير التي تعتمد على نظام تحليل المخاطر، فعلى سبيل المثال يشير التقرير إلى أن تصحيح الإقرارات بالأرباح العقارية بطريقة جزافية لا تحكمه ضوابط موضوعية، كما يتم اتخاذ عدة قرارات بصورة فردية وليس في إطار هيئات أو لجان، كما لا يتم في بعض الأحيان الالتزام بالإجراءات الشكلية كتحرير مذكرات توضيحية ومحاضر وكذا صياغة قرارات مكتوبة ومعللة.

أما بشأن استخلاص الضرائب التي تعرف صعوبة ما، والتي تقوم إدارة الضرائب بتدبيرها بسلطة تقديرية واسعة، وذلك بإبرام اتفاقات مع المعنيين بخصوص آجال ومبالغ الديون، يسجل التقرير أنه وفي أحيان عديدة لوحظ عدم توفر المصالح المختصة على قاعدة للبيانات تتضمن مجموع الاتفاقات ومراحلها المختلفة، وكذا طرق تتبع التحصيل الذي يعتبر شرطا ملغيا للاتفاق إذا لم يتم احترامه، كما يتم أحيانا إبرام اتفاقيات على مستويات إدارية مختلفة “بصفة فردية” بدل صدورها عن هيئات يفترض أن تؤسس لهذا الغرض.

وفي حين تتوفر إدارة الضرائب على صلاحية إلغاء بعض الضرائب وإسقاط جزء منها إذا توفرت بعض الشروط، يسجل التقرير أن ممارسة هذه الصلاحيات مشوبة ببعض الفوضى حيث يلاحظ “أنه في بعض الأحيان لا يتم احترام القواعد والشكليات المنصوص عليها في هذا الإطار”، كما أن عددا من الملفات التي قام المجلس بفحصها لا تضم في غالب الأحيان الوثائق الضرورية لإلغاء الضريبة على المعنيين بها.

 

 

وبخصوص المنازعات الضريبية فقد لاحظ التقرير أن أصلها يعود، في العديد من الحالات، إلى إصدار قوائم الإيرادات وأوامر الاستخلاص “بصورة جزافية”، وإلقاء مهمة إثبات العكس على عاتق الخاضع للضريبة، لتكون النتيجة في كثير من الأحوال رفض المدين لما ذهبت إليه الإدارة؛ الأمر الذي يتطور في بعض الأحيان إلى إلغاء هذه الديون بموجب أحكام قضائية لعدم الالتزام بالشكليات القانونية.

 

وبالنظر إلى ما سبق، أوصى المجلس بالتركيز على التدابير الكفيلة بتوسيع الوعاء الضريبي وذلك بالقيام بالإحصاء السنوي للملزمين، وكذا مسك وضعية شاملة ودقيقة لتتبع الملزمين المتخلفين عن التصريح من أجل حثهم على ذلك، والحرص على تفعيل مسطرة الفرض التلقائي للضريبة في حقهم عند الاقتضاء.

وبخصوص التكفل والتحصيل، أوصى المجلس بضرورة القيام بالمراقبات الضرورية من طرف القابض قبل التكفل وتحسيس مصالح الآمر بالصرف بأهمية الحصول على المعلومات الكاملة للملزمين وذلك لتسهيل عملية التحصيل. كما أوصى المجلس بخصوص الإبراء والإلغاءات، باحترام القواعد والشكليات المنصوص عليها في النصوص التنظيمية، والتي تشترط في الإلغاءات، استحالة تحصيل الديون المعنية. وبخصوص المنازعات الضريبية، أوصى المجلس استخلاص الديون بناء على أسس مثبتة ومطابقة للواقع، لتفادي خسارة الدعاوى القضائية بسبب الأخطاء في تقدير الضريبة أو وجود عيوب شكلية.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *