رغم أن روسيا، تمتلك واحدا من أعتى الجيوش في العالم، فإن تلك القوة لم تظهر جلية في غزوها لأوكرانيا. لدرجة أن أحد المحللين العسكريين الغربيين وصف أداء القوات الروسية في ساحة المعركة بأنه « بائس ». وأكثر من ذلك، هناك من يشكك في قدرتها على النهوض بعد الخسائر التي تكبدتها، حيث قال مسؤول عسكري في حلف « الناتو » من الواضح » أن روسيا لم تحقق أهدافها، وربما لن تفعل في نهاية الأمر ».
ويفترض خبراء عسكريون، أن الجيش الروسي ارتكب أخطاء؛ منها الاستهانة بصلابة المقاومة وبمقدرات القوات الأوكرانية القليلة العدد. لأن موسكو تنفق 60 مليار دولار سنويا، على الدفاع. فيما لاتتجاوز ميزانية الدفاع الأوكرانية 4 مليارات دولار سنويا.
كما أخطأت روسيا بمبالغتها في تقدير قوتها، بعدما أطلق الرئيس بوتين مشروعا طموحا لتطوير قدرات بلاده العسكرية، وصدق أنه بلغ هذه القوة المفترضة. وفي هذا السياق، قال مسؤول عسكري بريطاني كبير، إن أغلب استثمارات روسيا العسكرية أنفقت على اختبار وتطوير أسلحة نووية.
وبينما تؤكد مقولة عسكرية قديمة « أن الهواة يناقشون الخطط، بينما يدرس المحترفون الإمدادات »، لم تنتبه موسكو لهذه المقولة، وهناك أدلة تؤكد أن روسيا لم تول لهذا الجانب الاهتمام المطلوب. فبقيت قوافل المدرعات الضخمة التي نشرتها بدون وقود وغذاء وذخيرة، بل هناك عربات عسكرية تعطلت وأهملت في الطريق، واستولى عليها الأوكرانيون.
وخلافا لتوقعات المحللين لسيطرة روسية على الجو، بعدما اقتربت طائراتها المقاتلة من الحدود، وتفوقت على القوات الأوكرانية عدديا، لم تتمكن من تلك السيطرة، حيث أثبتت قوات الدفاع الجوي الأوكرانية فعاليتها، وقوضت حركة الطيران الروسي.
وفي السياق نفسه، قال مسؤول مخابراتي غربي كبير لموقع « بي بي سي » إن روسيا « كانت تعتقد أنها ستكتفي بنشر وحدات من القوات الخاصة مثل « سبيتسنيت » و »في دي في » للتخلص من مجموعات صغيرة من المقاومين، وينتهي الأمر ».
لكن المقاومة الأوكرانية تصدت للهجمات الروسية بالطائرات العمودية على مطار هوستمويل على مشارف كييف، ومنعتها من إنزال الجنود والعتاد الذي اضطرت إلى نقله برا، محدثة ازدحاما في الطرق، مما جعلها عرضة لهجمات القوات الأوكرانية. وانحرفت بعض الآليات العسكرية عن الطريق، وبقيت عالقة في الوحل، في صورة تعكس واقع الجيش الروسي.
وعجزت قافلة ضخمة من المدرعات الروسية-رصدتها الأقمار الاصطناعية شمالا- عن محاصرة كييف. وقال وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، إن القوات الروسية فقدت همتها، مضيفا « إنهم عالقون، وإنهم يتكبدون خسائر أكيدة وإن كانت بطيئة ».
وبينما كانت تسعى لتحقيق نجاح، وجدت القوات الروسية نفسها تواجه خسائر -لا توجد مصادر موثوقة لتحديد حجم الخسائر لدى الجانبين- بشرية، ومادية ومعنوية كذلك. فقد حشدت موسكو 190 ألف جندي لغزو أوكرانيا التي تقول – دون دليل يؤكد ذلك- إنها قتلت 14 ألفا من القوات الروسية.
ولتعويض خسائرها، اضطرت روسيا لاستدعاء المزيد من القوات، من بينها وحدات الاحتياط التي جاءت من مناطق بعيدة شرقي البلاد، ومن أرمينيا. ويعتقد مسؤولون غربيون أنه « من المرجح » أن يلتحق مقاتلون أجانب من سوريا بساحة المعركة قريبا، فضلا عن مرتزقة من جماعة فاغنر. وعلق مسؤول عسكري في « الناتو » على هذا بأنه « دليل على أنهم وصلوا إلى القاع ».
ويتحدث مسؤولون غربيون عن وجود أدلة على تدهور معنويات القوات الروسية، إذ يصفها بعضهم بأنها « محطمة تماما ». وتعاني « البرد والتعب والجوع » بسبب الانتظار لأسابيع وسط ثلوج بيلاروسيا قبل تتلقي الأوامر بالغزو.
وذكر مسؤولون أمريكيون أن روسيا طلبت من الصين تزويدها بما ينقصها من معدات، فيما تلقت أوكرانيا مساعدات عسكرية متواصلة من الدول الغربية، رفعت من معنويات قواتها المقاتلة. وأعلنت الولايات المتحدة أنها ستمنح أوكرانيا مساعدات عسكرية إضافية قيمتها 800 مليون دولار، فضلا عن المزيد من الصواريخ المضادة للدبابات والمضادة للطائرات، من بينها طائرة مسيرة صغيرة طورتها الولايات المتحدة تحمل في حقيبة ظهر وتحمل متفجرات تطلق على أهداف على الأرض.
ورغم الأخطاء العسكرية الروسية، سواء ما ذكر منها، ومالم يذكر، يحذر المسؤولون الأمريكيون من أن الرئيس بوتين قد « يضاعف حجم الوحشية »، لأنه لا يزال يملك القدرة على قصف المدن الأوكرانية « لفترة معتبرة من الزمن ». وأكد مسؤول استخباراتي ذلك بقوله لموقع « بي بي سي »، إنه « من المستبعد أن يرتدع الرئيس بوتين، بل يتوقع منه التصعيد، فهو لا يزال واثقا من أن روسيا قادرة على دحر أوكرانيا عسكريا ».