تسعى « تويتر » إلى منع إيلون ماسك من استحواذ كامل على أسهمها، إذ ليست الشركة متحمسة لأن يحكمها ملياردير معروف بتصرفاته وتصريحاته العفوية من دون الاكتراث إلى العواقب الناجمة عنها، ما يشير إلى أن المخاوف المرتبطة بمصير المنصة في حال امتلكها ماسك تطغى على المبلغ الذي اقترحه رجل الأعمال لشرائها.
ويقول المحلل روجر كاي من شركة « إندبوينت تكنولوجيز » إن « مجلس الإدارة يشعر بأن الأمور ليست على ما يرام »، مضيفا أن « ماسك هو في الأساس استبدادي، ونظرته التحررية فيها شيء من سياسات اليمين المتطرف ».
وقبل أسبوع، عرض إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم ومستخدم « تويتر » المثير للجدل، شراء كامل أسهم المنصة مقابل 43 مليار دولار، مشيرا إلى رغبته في جعلها مكانا أفضل لممارسة حرية التعبير.
ويثمن العرض الذي قال ماسك إنه نهائي قيمة سهم « تويتر » بـ54,20 دولارا، وهو سعر أعلى مما أغلق عليه السهم قبل عرض الملياردير لكنه أقل من أعلى مستوى سجله في فبراير العام الفائت عند 77,06 دولارا .
وقال مجلس إدارة « تويتر » إن أي استحواذ يفوق الـ15 في المائة من أسهم الشركة من دون الحصول على موافقته من شأنه أن يغرق السوق بالأسهم ويجعل عملية الاستحواذ بالتالي أكثر صعوبة.
ويمتلك ماسك أساسا أكثر من تسعة في المائة من أسهم الشركة، ما يجعله أكبر المساهمين فيها.
وغرد الملياردير في صفحته عبر « تويتر » « لوف مي تاندر »، وهو عنوان أغنية لإلفيس بريسلي اعتبرها البعض أنها تلميح إلى أنه يفكر في احتمال تخطيه مجلس الإدارة وعرض طرحه مباشرة على المساهمين.
ويرى المحلل روب إندرلي من مجموعة « إندرلي » أن ماسك « يتصرف بتهور »، معتبرا أن « تركيبة ماسك التي تجمع بين التحكم المحدود بالانفعالات والثراء الفاحش ليست مناسبة ».
وأعرب ماسك عن رغبته في جعل الخوارزمية الخاصة بـ »تويتر » مفتوحة المصدر، والسماح للمستخدمين بالاطلاع عليها واقتراح تغييرات فيها.
ودعا إلى سياسة تعتمد على إشراف أقل على المحتوى، وهي مسألة شائكة خصوصا في ما يتعلق بقضايا بارزة من بينها قضية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي منع من استخدام وسائل التواصل بعد اقتحام مناصريه مبنى الكابيتول في محاولة لقلب نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية أوائل العام الماضي.
ويقول المحلل روب إندرلي إن « ماسك يؤكد أنه سيجعل « تويتر » منصة اجتماعية من دون قيود، لكن كان هنالك عدد كبير من منصات مماثلة ولم تنجح، إذ يسيطر عليها المتصيدون ويصبحون عدائيين جدا ويبعدون الناس عن المنصة ».
ويرى إندرلي في حديث إلى وكالة فرانس برس أن محاولات إنشاء « منصات شبيهة بـ »تويتر » لليمين المتطرف » فشلت في جذب الانتباه، مشيرا إلى أمثلة عدة من بينها منصة « بارلر » والشبكة الاجتماعية الخاصة بترامب.
ويقول ماسك إنه لا يوافق على منع الأشخاص من استخدام « تويتر » جراء سوء سلوكهم، ما جعل كثيرين يعتقدون أنه لو كان يملك المنصة لكان سمح بعودة ترامب إليها.
وبالإضافة إلى أحاديثه عن حرية التعبير، يتضمن سجل ماسك السخرية من مبلغ عن مخالفات في شركة « تيسلا »، ووصف عامل إنقاذ تطرق إلى ثغرات تتضمنها فكرة رئيس « تيسلا » حول إنقاذ أطفال من كهف غمرته المياه في تايلاند قبل سنوات بأنه « متحرش بالأطفال ».
ويرى إندرلي أن « ماسك ليس تماما من دعاة حرية التعبير »، مضيفا « أعتقد أن الموضوع يتعلق بعدم رغبته بأن ترفض طلباته ».
وتعتبر المحللة في « كرييتف ستراتيجيز » كارولينا ميلانيسي أن تفاصيل الأعمال المرتبطة برؤية ماسك لـ »تويتر » بسيطة.
وتقول « لا أعتقد أن أحدا يشك في أن كل ما يفعله إيلون ماسك يقوم به لمصلحته ».
وتضيف « يسمع في شركة تيسلا عن العنصرية والافتقار إلى الاتحادات والطريقة التي يعامل بها العمال، ولا يبدو لي أن أولوياته تندرج في المكان المناسب ».
وقد يكون مجلس إدارة « تويتر » قلقا كذلك من أن يؤدي استحواذ ماسك على المنصة إلى تكثيف الضغط لمحاربة المعلومات المضللة المنتشرة عبر مواقع التواصل.
وتقول ميلانيسي « ربما تفكر « تويتر » في التدابير التي ستتخذها الجهات الرقابية في حال سيطر ماسك على المنصة »، مضيفة أن « »تويتر » تخضع أصلا إلى مراقبة كبيرة ستعزز في حال استحوذ عليها ماسك ».
وفيما تقدر مجلة « فوربس » صافي ثروة رجل الأعمال بـ 265 مليار دولار، يعود قسم كبير منها من أسهم شركة « تسلا » لتصنيع السيارات الكهربائية التي يديرها.
وأشارت وكالة « موديز » إلى أن ماسك سيحتاج إلى 39 مليار دولار لشراء كل أسهم « تويتر » القائمة، لافتة إلى « احتمال كبير » في تسديد أو إعادة تمويله مليارات الدولارات من الديون الحالية للشركة الواقعة في سان فرانسيسكو.
ومن بين الشائعات المنتشرة أن ماسك يتطلع إلى التعاون مع شريك ثري.
ولم يبد المحللون جميعهم تشاؤما، إذ اعتبر البعض أن عرض ماسك شراء « تويتر » إيجابي مستندين إلى تاريخ ماسك الريادي.
ويقول الرئيس التنفيذي للاستثمار في شركة « ريسك سميث » ريتشرد سميث « لا يمكن إنكار ما أنجزه ماسك »، مضيفا » أعتقد أنه قد يحدث تحولات في « تويتر » ».