سجن مفتوح في قرية هندية

15 مارس 2014 - 15:27

أما في قرية سنغانير الهندية فالأمر يختلف تماماً. ففي هذه القرية يقضي العشرات من المجرمين وأصحاب السوابق محكوميتهم في الهواء الطلق. ويقضي في هذا السجن الذي لا يوجد به أسوار عالية أوأسلاك شائكة أو علامات تحدد نهايته، أومكار(48 عاماً)، الذي أدين في خمس قضايا قتل ويرافقه العشرات في هذا المكان. ويختفي السجين خلال ساعات النهار ليظهر في المساء وهو يتحدث على هاتفه النقال. ويلتقي أومكار بأصدقائه في مقهى أحد أحياء القرية. وانتخب «المجرم» عمدة للقرية في 2011. ومنذ ذلك الحين يعمل على حل مشاكل الأهالي المتعلقة بالماء والكهرباء.

وعلى الرغم من أن سنغانير تبدو مثل أية قرية فلاحية أخرى في الهند، إلا أنها تحمل الكثير من القصص الغريبة، فمن كل عائلة تعيش هناك يقضي شخص على الأقل حكما في قضية قتل. وأدت الخلافات بين الفلاحين إلى نشوب نزاعات أدت في بعض الحالات إلى جرائم بشعة. وهناك من «النزلاء» من قتل زوجته أو أخته لأسباب تتعلق بالمهر أوالشرف. وتقول السجينات الخمس الموجودات في السجن المفتوح، إن القضاء في الهند وصل إلى حد من الفساد بحيث يمكن لصاحب المال أن يتحكم في مجريات الأمور كما يشاء، في حين تدفع بعضهن ببراءتهن وتقلن إن الأحكام الصادرة في حقهن غير عادلة.

ويعيش أغلب السجناء مع زوجاتهم وأطفالهم والمدارس مجانية في القرية. ويشترط أن يكون السجين متزوجاً ليقضي عقوبته في سنغانير، في حين يستبعد القتلة المحترفون والمتورطون في قضايا الاغتصاب وأيضاً مهربو المخدرات. أما المحكوم عليهم بالمؤبد فلا يقضون إلا 20 عاماً، منها 10 سنوات في سنغانير في حال حالفهم الحظ.

يؤكد الحارس في السجن المفتوح، كيشان مينا، أنه من الطبيعي أن يكون في هذا النوع من السجون قتلة فقط، «لقد قتلوا ولكن ما عدا ذلك فهم يتحلون بالشجاعة». ويضيف أنه «لا يوجد هنا سرقة أو جرائم». ويعتبر كيشان وزملاؤه أن وظائفهم «مناصب من دون عمل فعلي». وهم لا يحملون سلاحا ولا يرتدون زياً مميزاً. ويقوم الحراس بدوريات من الحين إلى الآخر ويتأكدون من تواجد جميع النزلاء، وفي حال غاب أحدهم، فلا يوجد داعي للقلق لأن السجين قد يكون في المقهى أو ذهب لقضاء بعض حوائجه.

أما الحراس فيقضون الكثير من الوقت مع السجناء يرتشفون الشاي ويتجاذبون أطراف الحديث. ويقول الحارس فيجاي، «لا نلبس زي الحراس، أولاً لأنه لا يفيد شيئا، ثم إن زي الحراس يزيد العبئ النفسي على الأطفال والنساء الذين يعيشون هنا هم في غنى عنه». ويوضح أن «رب العائلة أدين بارتكابه جريمة قتل ولا داعي لنزيد الأمر سوءاً». والمهمة الرئيسية للحارس فيجاي -وربما الوحيدة- تكمن في النداء الصباحي للتأكد من وجود جميع نزلاء السجن المفتوح، أثناء التجمع اليومي. وبعدها يمكن للسجناء الذهاب إلى أي مكان يشاؤون في القرية أو بالقرب منها، فقد يكون أحدهم موظفا في مكان لا يبعد أكثر من ثمانية كيلومترات، لأنه يتعين عليه العودة قبل المغيب لحضور النداء المسائي.

ولم يشهد المعسكر إلا أربع حالات هروب منذ إنشائه في 1962. ويقول الحارس كيشان، «لماذا سيفكر السجين هنا في الهروب، يعيش مع عائلته ولديه عمل أيضاً». في المقابل يرفض بعض النزلاء مغادرة السجن المفتوح بعد انتهاء مددهم، أما الأشخاص الذين يثيرون المشاكل فيتم ترحيلهم إلى سجن عادي. وتقول إحدى السجينات وتدعى بارميلا سينغ، «أشعر أن التهديد الأكبر خارج هذا السجن». وتضيف بارميلا التي انتخبت في المجلس المحلي أن المكان آمن لأطفالها وأنها لا تريد أن يكبروا في المدن حيث تكثر الجريمة.

 

 

شارك المقال

شارك برأيك
التالي