خرجت الودادية الحسنية للقضاة بقوة موجّهة مدفعيتها الثقيلة ضد أصحاب المبادرة ومؤيديهم، ومُشهرة ورقة الدعم والرعاية الملكيين التي قالت إنها تتمتّع بهما. الناطق الرسمي باسم الودادية، نور الدين الرياحي، كتب مقالا مطوّلا حول هذا الموضوع، خصّص صفحاته الأولى لسرد مقاطع من خطب ملكية لكل من الراحل الحسن الثاني والملك محمد السادس، تحثّ على نشر الأحكام القضائية الجيدة وتعميم فائدتها، وأنهى الرياحي مقاله بسرد لائحة من فصول القانون الجنائي، التي تُنزل عقوبات سجنية مشددة ضد مرتكبي بعض الأفعال، مُدرجا المبادرة الحقوقية الجديدة ضمنها.
المقال هاجم بقوة أحد المساهمين في المبادرة، وهو المحامي عبد العزيز النويضي، مشيرا إليه بالأستاذ المحامي الذي خاطبته رئيسة جمعية عدالة، جميلة السيوري، محتجة على استعمال اسم مشابه لاسم جمعيتها لإطلاق المشروع. النويضي بدوره قال إنه مجرّد مستشار للجمعية، التي أطلقت المبادرة، ضمن مختصين آخرين، «ونشر الأحكام القضائية هو ممارسة جرى بها العمل منذ عقود شريطة أن يتم ذلك بطريقة علمية وموضوعية». وعلّق النويضي على الاحتجاجات المناهضة للمبادرة مستعملا مثلا فرنسيا يقول، إن من لديهم جثث داخل الدواليب هم الذين سينتفضون، «نحن نعلم أن كثيرا من القضاة يشتغلون في ظروف صعبة، ونحن قلنا إننا سنحدث لجنة علمية ولن نتصيّد الأخطاء».
الناطق باسم الودادية قال إنه اتصل بوزير العدل والحريات المصطفى الرميد، مستفسرا إياه بصفته نائبا لرئيس المجلس الأعلى للقضاء، عن حقيقة ما قيل إنها موافقة صدرت منه لفائدة المبادرة الجديدة، «فأجاب السيد الوزير، بل طلب نقل تصريحه بأمانة بأنه فعلا استقبل صاحب المشروع، إلا أنه لم يعط أية موافقة، باعتباره غير معني بمبادرة إنشاء جمعية من عدمها، مصرحا بأنه في حالة الإقدام على ذلك، وهذا ليس موافقة في نظره؛ وإنما نصيحة يجب أن يستشار القاضي صاحب الحكم أو القرار»، ومطالبا الوزير بإصدار بيان رسمي لتوضيح موقفه.
وذهب الرياحي إلى أن الودادية الحسنية للقضاة هي «الجمعية الوحيدة التي تحظى برعاية ملك المغرب، باعتباره الممثل التاريخي والشرعي والمخاطب لقضاة المملكة بمقتضى الخطب الملكية السامية، وخصوصا منها لمن فاته ركب المعرفة نذكره بالخطاب الملكي السامي لجلالة الملك محمد السادس نصره الله بمناسبة افتتاح دورة المجلس الأعلى للقضاء )مارس 2002(«، مستخلصا أن من له الأمر في نشر الأحكام القضائية «هو رئيس المجلس الأعلى للقضاء، ورئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، باعتباره الضامن لاستقلال القضاء، هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى، فإن تمويل الطبع والنشر والتعليق لا يكون أبدا من موارد أجنبية، وإنما بهبات ملكية وأوامر سامية. اعتبارا للفصل 115 من الدستور الذي ينص على أن جلالة الملك هو رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية»، وهي الفقرة التي تشير إلى تمويل السفارة الهولندية للمشروع.
النويضي قال إن التمويل الأجنبي هو الذي يسمح بوجود كبريات المنظمات الحقوقية في المغرب، من بينها «ترنسبرنسي المغرب والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان والجمعية المغربية لحقوق الإنسان وجل المنظمات النسائية، ثم إن هذه المنظمات تحمل قيمة مضافة، وتلك الأموال تستعملها بكل شفافية في توظيف الناس وضمان استقرارهم، في الوقت الذي لا تمنحها الدولة أية مساعدة». وبعدما قال إن: «الأستاذ الرياحي خاطبني دائما ببشاشة ولطف، وأتمنى أن يحافظ عليهما»، قال النويضي إنه لا يرتبط بأية عداوة مع القضاة، «والذين يعرفون أنفسهم هم من أصدروا أحكاما مرشحة للخضوع لهذه المبادرة، وإن لم يستحيوا فإننا سنطلب منهم موافاتنا ببعض أحكامهم ونعلق عليها، وآنذاك فليذهبوا إلى القضاء كي يعاقبنا». ودعا النويضي مهاجمي المبادرة إلى التريّث واعدا بعقد جلسات مع جميع الجمعيات الممثلة للقضاة، «كي نوضح لهم منهجية عملنا ونأخذ آرائهم».