قال مسؤول في حزب الأصالة والمعاصرة، إن انضمام هيئته السياسية إلى منظمة الليبرالية الدولية، « ليس تخليا من حزبه عن « الديمقراطية الاجتماعية » التي سار على نهجها منذ تأسيسه عام 2008، وكانت تسمح بإدراجه في خانة أحزاب وسط اليسار كما كان يؤكد قادته السابقون.
والأربعاء، رحب المكتب السياسي للحزب في بيان، بانضمامه إلى هذه المنظمة التي تضم أيضا كلا من حزبي الحركة الشعبية، والحزب المغربي الحر. لم تثر هذه الخطوة جدلا في الوسط السياسي، ما يعكس اهتماما متدنيا بمسائل الهويات السياسية للكيانات الحزبية بالمغرب.
تفترض الديمقراطية الاجتماعية، كما تشير إلى ذلك مواد منشورة في موقع الحزب، « الاهتمام بنموذج « الدولة الاجتماعية » والإعلاء من قيمة العنصر البشري، واعتبار السوق أداة للكسب المالي في خدمة المجتمع، وليس العكس ». صدرت هذه المواد غالبا قبل 2020، أي في الفترة التي سبقت تحول « الدولة الاجتماعية » إلى خيار استراتيجي للسلطات المغربية بعد أزمة وباء كوفيد. يثير ذلك أسئلة حول هذا التحول في الحزب.
يشدد « الجرار » على أن عضويته في هذه المنظمة « تفتح أفاقا للدفاع عن المصالح العليا للبلاد، وتعزيز التعاون الدولي مع الأحزاب الليبرالية ». يوضح مصدرنا بالحزب أن قرار الانضمام « كان مدفوعا برغبة الحزب في مواجهة خصوم البلاد في ما يتعلق بالوحدة الترابية على صعيد هذه المنصة، دون أي تخل عن المبادئ الأساسية التي شكلت هويته السياسية منذ 2008 ».
في الوثيقة المذهبية للحزب التي صودق عليها في مؤتمره الخامس فبراير الفائت، لم تجر الإشارة بوضوح إلى « الديمقراطية الاجتماعية »، وكذلك الليبرالية نفسها. لكنها كالت انتقادات حادة إلى الليبرالية الجديدة.
ظل الحزب يدافع باستمرار عن تموقعه كحزب وسط. وفي 2012، رست بوصلة الحزب على مرجعية “الديمقراطية الاجتماعية المنفتحة” كمذهب عام يحكم ممارسته.
وقد أفضى المؤتمر الاستثنائي للحزب في ذلك العام، إلى هذه المرجعية بالمصادقة على وثيقة أطلق عليها « في تأصيل المرجعية الفكرية والسياسية لحزب الأصالة والمعاصرة: الديمقراطية الاجتماعية المنفتحة ».
وهكذا تصبح هذه المرجعية، كما قال إلياس العماري، وكان وقتها عضو بالمكتب السياسي للحزب، « بوصلة الحزب التي تنفتح على الاجتهادات الأخرى »، ومذهبا عاما يحكم الممارسة السياسية داخل هذه الهيئة، ليكون كذلك « عنوانا عريضا » له.
وفي 2016، حرص العماري وقد أصبح أمينا عاما للحزب، على إدراج حزبه ضمن خانة « وسط اليسار »، بعدما صادق المؤتمر الثالث في يناير من ذلك العام على وثيقة « الديمقراطية الاجتماعية ورهانات التحديث السياسي ». وزكى خلفه عبد الحكيم بنشماش هذا الاتجاه بعدما أحاط نفسه بنخبة من السياسيين ذوي الخلفية اليسارية.
سيتغير ذلك في عام 2020، مع إبعاد بنشماش، وحلول عبد اللطيف وهبي مكانه في قيادة الحزب. وهبي، اليساري المتشدد سابقا، باعتباره كان عضوا نشطا في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي (قومي. يساري)، لم يمنح مساحة للنقاشات حول هوية الحزب، مركزا على تطوير بنيته التنظيمية بدلا عن ذلك. وبحلوله في المرتبة الثانية في الانتخابات التي أجريت عام 2021، ومشاركته في الحكومة مع التجمع الوطني للأحرار (ليبرالي)، توارت الهوية السياسية للحزب حتى كادت تضمحل.
وتشكل فاطمة الزهراء المنصوري، بمعية القيادة الجماعية التي أوكل لها إدارة الحزب منذ فبراير 2024، امتدادا لهذه النظرة إلى أولويات الحزب. وفي مرحلتها، سيُتخذ القرار بشأن الانضمام إلى منظمة « الليبرالية الدولية ». لنذكر أن المكتب السياسي للحزب في الوقت الحالي، يضم شخصيات عرفت بأصولها اليسارية.
يعتقد قادة في الحزب تحدث إليهم صحفي « اليوم24″، أن الهوية السياسية أو المرجعية المذهبية « توقفت عن البروز في أجندة الحزب منذ أربع سنوات على الأقل، لكن كما قال لنا قيادي، مستدركا، أصبحت هذه الهوية متجسدة في الممارسة السياسية لأعضاء الحزب، في الحكومة، كما في البرلمان أو الشارع، « دون الحاجة إلى مزيد من التنظير ».