مقدمة ضد الرداءة

23 نوفمبر 2014 - 21:17

من بديهيات الحياة أن لا نقاش مع السفهاء. لكن يحدث أن تتجاوز تفاهة البشر حدّا يتحتم مع القيام برد فعل مهما كان، على الأقل تخليصا لضمائرنا أمام التاريخ، هذا الأخير الذي لن يرحمنا بكل تأكيد عند الحكم على هذه الفترة المريرة من تاريخنا المليء بالكبوات.

مناسبة هذا الكلام هو ما اقترفه أحد “أغبياء” هذا الوطن، و الذي يقدم نفسه على أنه داعية لإسلام لا يعرف عنه بلا شك سوى أركانه الخمسة. هذا “الجاهل” حتى بأبسط الأخلاق الإنسانية، لم يتوان في تصوير مؤخرات مواطنات مغربيات في الشارع العام، في تطاول وقح على حياة الناس الخاصة، من أجل الاستدلال على أن النسوة هن سبب كل البلاء، و كل هذا من أجل إشباع نزوات نفسيته المهزوزة.. نفسية شخص معتوه فشل في فهم الدين كما فشل قبله في امتهان الفن !

و لكي لا نبقى على هامش المشكل، يجب أن نعترف أن هذه الحالة ليست إلا تجليا آخر لعملة الوقت المنتشرة، و هي التفاهة. ففي السياسة كما في الفن، الثقافة و الصحافة، و بقية المجالات، لا صوت يعلو على الرداءة. هي مسؤوليتنا جميعا، بطريقة من الطرق، كل ساهم فيها بنسبته الخاصة. و سيأتي يوم ندفع جميعا فيه ثمنها غاليا.

و يبقى أن نشير أن الملاحظة اليومية تؤكد ما تأَكّد مرارا، و هو أن قدر الشعوب المتخلفة أن تستفيد قوى التخلف أكثر من غيرها من كل تطور تكنولوجي، حدث هذا عن دخول المطبعة إلينا ذات يوم، و يحدث الآن في استعمال التكنولوجيات الحديثة.
و رجوعا إلى موضوع الفتى، الذي يذكرنا بالمقولة الشهيرة “وحدها الدلاء الفارغة تحدث ضجيجا”، ليست الجريمة التي اقترفها و المصمم دائما على الدفاع عنها، وحدها الخطيرة في الأمر. بل يجب الانتباه أيضا إلى كم الشباب المسكين الذي انبرى للدفاع عنه. شباب تائه، فارغ، جاهل بكل المفاهيم التي استعان بها للاستدلال على وجهة نظره، هذا إن افترضنا وجود وجهة نظر في الأصل. هذا الشباب نفسه هو أكبر دليل على فشل الدولة و المجتمع من بعدها، هما اللذين لم ينجحا في شيء سوى إنتاج أشباح مواطنين، سينتجون ما هو أفظع للأسف الشديد.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي