هل يستغل بنكيران اسم الملك أم يقوي شرعيته؟

05 أبريل 2015 - 07:00

تتهم أحزاب المعارضة الأربعة، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، باستغلال اسم الملك في الصراع الحزبي. كُرر ذلك أكثر من مرة، لكن في المرة الأخيرة اهتدت إلى رفع مذكرة خاصة إلى رئيس الدولة. خطوة المعارضة التي أثارت انتقادات شديدة ضدها، لأنها تطلب تحكيما ملكيا في صراع حزبي صرف، في مخالفة صريحة للدستور.

تهمة المعارضة إلى بنكيران دفعت « اليوم24» إلى محاولة استقصاء تصريحات رئيس الحكومة المتكررة التي أثار فيها اسم الملك، سواء بصفته رئيساً للدولة أو بصفته أميرا للمؤمنين، خلال السنوات الثلاث الماضية، وفي سياقات ومحطات سياسية مختلفة، حيث يظهر بوضوح أنها تصريحات تقدم خدمات كبيرة للملكية أكثر من أي شيء آخر، وتقوي حضور الملك وشرعيته الدينية والسياسية باستمرار، سواء في أوساط حزبه الإسلامي أو في أوساط شعبية مختلفة، بشكل لم يكن يجرؤ عليه أي رئيس حكومي قبل بنكيران.

أعمل برأي الملك حتى لو خالف قناعتي الدينية لأنه أمير المؤمنين

يحرص عبد الإله بنكيران دائماً على إعلاء مقام أمير المؤمنين، التي تعني عنده « الرئاسة الدينية للدولة »، كما بسطها ودافع عنها الفقه الإسلامي. في حواره الأخير مع « كيفاش »، قال بنكيران إنه يتعامل مع الملك محمد السادس بمنطق وصى به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حينما بعث الصحابي سلمان الفارسي إلى اليمن، رفقة صحابي آخر، ونصحهما بقوله: « يسرا ولا تعسرا، بشرا ولا تنفرا، تطاوعا ولا تختلفا »، قبل أن يضيف بنكيران قائلا: « أعمل برأي الملك محمد السادس حتى وإن كان أحيانا يختلف مع مرجعيتي الدينية ». وبرر بنكيران موقفه هذا بأن الملك هو أمير المؤمنين، الذي تجب طاعته في جميع الأحوال…

رفعت تصريحات ضاحي خلفان إلى الملك  

إثر تصريحات ضاحي خلفان، قائد شرطة دبي سابقا، ضد حزب العدالة والتنمية، اختار بنكيران عدم الرد عليه مباشرة، ورفع الملف كله إلى الملك. بنكيران في لقاء مع الكتاب المجاليين لشبيبة حزبه في بوزنيقة في دجنبر الماضي، قال صراحة «لقد رفعت الملف إلى جلالة الملك»، واعتبر أن تلك التصريحات «تُسيء إلى المغرب».

خلفان زار المغرب لحضور منتدى فكري لمؤسسة الفكر العربي بالصخيرات في مطلع دجنبر الماضي، وكذا العيد الوطني لبلاده بالسفارة الإماراتية بالرباط، وبعد عودته إلى بلاده كتب تغريدات على حسابه الشخصي «تويتر»، يهاجم فيها حزب العدالة والتنمية وقيادته، متنبئا بسقوط حكومة بنكيران خلال عام أو أكثر قليلا. لم يرد بنكيران على خلفان، كما كان يفعل مع كل معارضيه، بل اعتبر هجومه، «تدخلا غير مسبوق في الشأن الوطني»، ويحتاج إلى تدخل ملكي مباشر، «لأن العلاقات الخارجية بيد الملك»، ولأن الإمارات دولة صديقة وحليفة للمغرب. 

علاقتي بالملك ليست مبنية على اللعب

خلال حضوره للمؤتمر الجهوي لحزبه بالدار البيضاء، اتهم بنكيران، جهات لم يكشف عنها، تسعى إلى إفساد علاقته بالملك، مؤكدا أن من يحاول ذلك سيفشل، لأن علاقته بالملك ممتازة ويحرص على  أن تظل كذلك.

بنكيران قال إن علاقة حزبه بالملك «ليست مبنية على اللعب، بل على الشرع»، واستعان بالآية الكريمة: «وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم»، وأكد أن المرحوم العلامة عبد الله كنون، استشهد بها أمام الملك الراحل الحسن الثاني لما طرأت بينهما أمور خلافية، واستوحى منها أن العلاقة مع الملك غير مبنية على المحبة، لأنها تتبدل.

المغرب يقوده الملك وأنا تدربت على قول سيدنا

صرح رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، خلال ندوة نظمت مؤخراً بالمدرسة الحسنية للأشغال العمومية بالدار البيضاء، بأن للمغرب رئيسا واحدا هو الملك.

وأضاف قائلا: «تدربت على قول سيدنا للملك، ولا أشعر بأي نقص في ذلك». وأضاف أن الدولة المغربية لا يسيّرها رئيس الحكومة، بل محمد السادس». واسترسل في الحديث قائلا: «وبالطبع لدى رئيس الحكومة دور، لكن الملك هو رئيسي، وعندما نجتمع في المجلس الوزاري، فإن الملك يكون في الوسط، وأنا إلى جانبه، فهو رئيسي في نهاية المطاف».

هذه البلاد فيها البركة ديال الله، وفيها الشرفاء وفيها سيدنا الله ينصرو

يدافع بنكيران عن تصور تقليدي للملك بصفته أمير المؤمنين، له نفاذ اجتماعي قوي في الأوساط الشعبية، ففي كلمته بمدينة الراشيدية يوم 15 مارس الماضي، قال بنكيران منتقدا خصومه من الأحزاب السياسية: «الخصوم ديالنا ما خلاو ما دارو باش يشوّشو علينا ويوقفونا». ولم تكن تلك العبارة إلا مقدمة للتقرب بالملكية مرة أخرى، إذ أنه فسر استمرار حكومته، ليس بالتفاف الشعب عليها مثلا، وكونها منتخبة ديمقراطيا، بل لأن «هادْ البلاد فيها البركة ديال الله، وفيها الشرفاء، وفيها سيدنا محمد السادس الله ينصرو، الذي رفض الخضوع للضغوط».

وكرر بنكيران، ما سبق أن قاله مرارا، بأن حكومته كادت تكون في مهب الريح، لولا إرادة الملك «كانت هذه الحكومة فواحد الوقت غادا تمشي، ولكن بفضل الله سبحانه وتعالى جلالة الملك بْغا باش تستمر». بل حمايته الشخصية باتت بيد الملك، إذ كشف أن تهديدات شخصية طالته، لأن «هناك من تعرّض لي، ولكن سيدنا وقْف معايا، وقال لوزير الداخلية يْدير ليا رْبعا ديال الناس يمشيو معايا (الحراس الشخصيون)».

بنكيران: لستُ نبيا.. وشؤون الدين بيد أمير المؤمنين 

في حوار له مع جريدة الشرق الأوسط (السعودية)، قال بنكيران إنه «بعد تعيينه رئيسا للحكومة من لدن عاهل البلاد، استشعر بأنه مسؤول في دولة لتدبير الشأن العام لكل المغاربة، ولم يشعر أنه نبي جاء برسالة خاصة». وأضاف «أنا مجرد مسؤول في دولة، قد أصيب وقد أخطئ في معالجة مشاكل الناس، أما الأنبياء فقد كان خاتمهم محمدا، صلى الله عليه وسلم».

وتوقف بنكيران عند علاقة رئيس الحكومة بما هو ديني، فقال إنه «رئيس حكومة منتخب من المغاربة للإسهام في حل مشاكلهم، وليس للتدخل في أنماط تدينهم أو حرياتهم».

وأعلن بنكيران عن تفويضه المسألة الدينية للملك علانية، قائلا: «لم آت لكي أغير تدين الناس، فقد جئت لكي أحل مشاكلهم، والتدين مسألة شخصية وشؤونها منظمة بإشراف إمارة المؤمنين، فجلالة الملك هو أمير المؤمنين»، وفق تعبيره.

الملك أول من يحارب الفساد

رفع حزب العدالة والتنمية شعار محاربة الفساد قبل وصوله إلى الحكومة وبعدها، لكن ذلك تسبب في تخوفات وتوجسات منه، دفعت بنكيران في حوار شهير له مع قناة الجزيرة في غشت 2012 إلى إطلاق عبارته الشهيرة: «عفا الله عما سلف». لكن أقوى عبارة قالها في ذلك الحوار كشفه أن الملك محمد السادس قال له : «إذا كان هناك شخص وقع في الفساد، ولو في محيطي، فلن أتركه وسأعاقبه»، وهي العبارة التي اعتبرها بنكيران تحولا كبيرا في منطق وعمل الدولة، لأن الالتزام بمحاربة الفساد ليس شأنا حكوميا أو حزبيا فقط، بل أصبح التزاما لرئيس الدولة.

ردا على إلياس العماري: راه الملك هو أمير المؤمنين

خلال السنة الأولى من عمر الحكومة، حاول إلياس العماري، نائب الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، الضغط على بنكيران بعلاقته بالإخوان المسلمين، وبأنه يسعى إلى إقامة «إمارة إسلامية، لعلاقته بحركة التوحيد والإصلاح التي لها مشروع ديني للسيطرة على السلطة حسب زعمه. بنكيران سكت عن العماري مدة أسبوعين فقط، قبل أن يختار الرد عليه خلال الدورة العادية للمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، في نونبر 2012، وقال بنكيران: «واش نردو على شي واحد قال بنكيران باغي يدير إمارة إسلامية؟ واش نرد على هاد الأشخاص؟ راه أمير المؤمنين هو الملك محمد السادس». في الوقت الذي تجنب الرد على تصريحات مشابهة لمصطفى الباكوري، الأمين العام للإصابة والمعاصرة ، إذ قال عنه: «ما يمكنش نضارب مع واحد غير مدفوع».

الدولة يقودها الملكووليس الأغلبية أو المعارضة

لأكثر من مرة، كرر بنكيران أن رئيس الدولة هو الملك محمد السادس، وهو من يقود البلاد، وليس رئيس الحكومة. في آخر مرة تطرق فيها إلى هذا الموضوع قال لطلبة المدرسة الحسنية للأشغال العمومية «لكي تكون الأمور واضحة، فإن من يقود المغرب، لا هو في الأغلبية ولا هو في المعارضة، من يقودها هو محمد السادس». وقال بنكيران مدافعا عن التصور الرئاسي للدستور: «إن الملك هو رئيس الدولة وهو أمير المؤمنين، وهو رئيس القوات المسلحة الملكية، وهو رئيس مجلس الوزراء الذي أنا عضو فيه، الرئيس ديالي هذاك أشبغيتوني ندير مع رئيسي ؟».

الملك رئيس الحكومة وهو من يحكم

أقر بنكيران بأن الصلاحيات الأساسية للحكم بيد الملك محمد السادس، وأن رئيس الحكومة له دور محدد فقط في هيكل الدولة. كرر هذا مرارا، لكن يوم قاله في حوار صحافي مع الموقع الإلكتروني لقناة «الحرة» (غشت 2014) خلال زيارة رسمية إلى أمريكا، أثار ذلك اعتراض إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، الذي وصف تصريح بنكيران بأنه «إساءة للمغرب في أمريكا»، وضرب للدستور. بنكيران قال يومها «لم أقل إلا ما ينص عليه الدستور»، وأوضح «أن الملك دستوريا هو رئيس الدولة وهو من يرأس المجلس الوزاري، وبالتالي، الحكومة برئيسها». وأضاف وهو «أمير المؤمنين والقائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية ورئيس السلطة القضائية، وبالتالي، شنو هي هاد السلطة اللي ما عندوش؟». وشدّد قائلا: «لن أكذب على المغاربة»، بل «أتكلّم بكل وضوح وصراحة، وأقول الواقع كما هو في دستورنا، وأذكّر أن من صوّت عليّ هو الشعب المغربي وليس إدريس لشكر، وإن كان لهذا الأخير رأي آخر في الدستور فليبادر إلى تغييره».

 راه البنوات ممسوحين أسي بنكيران

قال بنكيران إنه فكر في الاستقالة سنة 2013 على إثر حادثة سير مميتة وقعت بمنطقة تيزي نتيشكا على الطريق الرابطة بين مراكش وورزازات، وكشف لأول مرة خلال لقاء مفتوح مع طلبة المدرسة الحسنية للأشغال العمومية يوم 24 مارس الماضي بالدار البيضاء، أنه يوم وقع الحادث اتصل به الملك محمد السادس وقال له: «تصور أسي بنكيران أن البنوات ممسوحين». وهو تصريح يكشف عن حجم الاهتمام الملكي الذي لا يقف عند ما هو استراتيجي، بل يمتد إلى ما هو تنفيذي، بل إلى ما هو جزئي، ويفترض أن يكون من اهتمام الحكومة كمؤسسة تنفيذية. لكن بنكيران أورد القصة على سبيل إظهار الحرص الملكي على القضايا التي تهم المواطنين مهما تكن صغيرة أو كبيرة. 

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

البيعة لحامي حمى الملة و الدين منذ 9 سنوات

إن لعبدالإلاه بن كيران كما للمغاربة بيعة في عنقهم لولي أمرهم حامي حمى الملة و الدين محبوب عندهم و لا يدخل بين الظفر و الحم إلا... و هذا عهد المغربة منذ قرون. و لا يحتاجون في تبرير ذلك لقوم آخرين فهو رمز وحدتهم يخدم مصلحة وطنه و شعبه و رائه فاللهم يسر له الخير و أعنه عليه. أما من ألفوا أكل أموال الناس بالباطل يصطادون في الماء العكر وقد تقلبت الأمور من حولهم و أصوات المغاربة بينهم

krimou El Ouajdi منذ 9 سنوات

Que le Bon Dieu aide notre roi et lui facilite toutes les tâches. Je le dis du fond du cœur. J’ajoute aussi heureusement que notre pays n'était dans les mains de Lachgar ou Chabat ou des personnes ayant leurs profils. J'en suis certain que nous serions devenus le pays le plus désordonné au monde. La preuve avec un peu de liberté nous avions bien pu relever les difficultés causées au nouveau gouvernement. Vous vous rendez compte même en présence d'un visionnaire tel que Feu Majesté Hassan II, nous avions eu du mal à faire avancer les choses à causes de certains râpasses qui voulaient à tout prix renverser le régime. Je me demande qu'est-ce que nous serions devenus s'il y avait des profils tels que certains apaches. D'ailleurs mêmes sans pétrole et sans trop de richesses naturels nous avions pu relever la tête ce qui n'est pas le cas pour les pays voisins proches ou lointains.

التالي