رغم ان الخبرة الجنية لم تظهر في المغرب الا في العقدين الأخيرين، الا انها ساعدت في حل الكثير من القضايا التي وقف القضاء عجزا أمامها. هذا ما أكده محامون وقضاة مغاربة، خلال ندوة نظمت اليوم الجمعة حول « الخبرة الجينية ودورها في اثبات النسب »، داعين الى ضرورة جعل الخبرة إجبارية في التحري والبحث.
وفي هذا الصدد، قال صلاح الدين طيوبي، رئيس قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بالعرائش، ان الخبرة الجينية او ما يعرف ب ADN ساعدت في وضع حد لتملص الأب من الاعتراف بابنه، وأزالت الشك الذي يمكن ان يقع فيه أب بخصوص أبوته لطفل ما، مشيرا الى الحالات التي يتم اجراء الخبرة الجينية لإثبات النسب، مثل ادعاء الزوج بأنه لم يلتق زوجته التي التي أنجبت بعد مرور أدنى مدة الحمل منذ العقد، او في حالة تزوج المرأة في عدة طلاق أو وفاة تلاها حمل.
واضاف طوبي، ان مدونة الاسرة أكدت إمكانية الاعتماد على الخبرة في مجال إثبات النسب بتوافر شروط معينة، متجاوزة بذلك الوضع الذي كان في ظل مدونة الأحوال الشخصية حيث لم تنص هذه الأخيرة على إمكانية اعتماد الخبرة، إضافة إلى العمل القضائي الذي كان يستبعدها في دعاوي النسب.
من جهته، فضل عبد العالي مصباحي، محامي عام لدى محكمة النقض، الحديث عن قضايا عاينها خلال مشواره في المحاماة، حيث تطرق لقضية شخص دهسه قطار وأصبحت جثته عبارة عن أشلاء مما صعب عملية التعرف عليه. وبالموازاة مع الحادث، عملت احدى الاسر على تقديم شكاية بشان اختفاء ابنها عن المنزل، ليتم اخبارها بان الشخص الذي صدمه القطار هو ابنها وقامت بتسلم جثته وقامت بدفنه، ليظهر فيما بعد بان الابن الحقيقي لازال حيا يرزق وانه فقط قرر السفر دون اخبار الاسرة.
وأراد مصباحي ان يبرز من خلال هذه الواقعة انه لو تم اجراء الخبرة الجينية لتأكد من الوهلة الاولى ان جثة الشخص الذي دهسه القطار لا علاقة له بابن الاسرة المختفي.
كما استند مصباحي، عن قضية ثانية تم فيها استعمال الخبرة الجينية لإثبات نسب طفل كان نتيجة اغتصاب ظل والده في جميع أطوار المحاكمة ينفي معرفته بالفتاة المغتصبة، الى ان تم اجراءADN الذي أكد نسب الطفل له، فما كان أمامه الى ان أقر واعترف بانه هو من اغتصب الفتاة مانتج عنه حمل.
القصاتان أراد مصباحي من خلال سردهما إبراز أهمية الخبرة في الإثبات في الميدان الجنائي، لافتا الانتباه إلى انه للوصول إلى نتائج مطمئنة يجب أن يتم الفحص في مختبرات تخضع لإشراف الدولة، وأن لا تكون تابعة لقطاع خاص وأن لا يجري هذا الفحص إلا بناء على أمر أو حكم قضائي وألا ينتدب في هذه المسائل كخبراء لدى المحاكم سوى المعتمدين رسميا المتخصصين في هذا المجال. كما شدد على أهمية أن يجري الفحص على أكثر من عينة لضمان الحصول على نفس النتائج وإعطاء الحق للمعترض في إجراء الفحص مرة أخرى.
ومن جانبها، أبرزت فايزة الشبل مسؤولة بالمختبر الوطني للشرطة العلمية والتقنية بالدار البيضاء، ان الخبرة الجينية وسيلة فعالة تصل إلى حد اليقين في مجال إثبات او نفي النسب، موضحة أنه بالاضافة الى إثبات النسب تبقى الخبرة الجينية دليل ناجع لفك أسرار بعض الحالات كالنزاع حول النسب، والتعرف على بعض الجثث المفحمة، وطرق التعرف على المجرمين.
وأشارت إلى أنه يمكن تطبيق تقنية البصمة الوراثية على جميع العينات البيولوجية، حيث يمكن الحصول عليها من أي مخلفات بشرية مثل الدم، واللعاب، والحيوان المنوي، أو أي أنسجة مثل الجلد، والشعر والعظام.