بنكيران:لو نازعت الملك لخدمت صورتي إعلاميا لكن فلتذهب صورتي إلى الجحيم

مرة أخرى يعود عبد الاله بنكيران، رئيس الحكومة، للحديث عن علاقته بالملك محمد السادس وعن صلاحياته، لكن هذه المرة من المملكة الأردنية خلال مشاركته في المنتدى الاقتصادي العالمي بالأردن، حيث أوضح أن « تقسيم السلطة في المغرب مع الملكية سيخرب البلد »، مشبها الحكم بعلاقة الزواج، فـ »لا يمكن أن يتضمن عقد الزواج كل التفاصيل، لكن العلاقة تبنى على المكارمة والتعاون بنية حسنة، فيبذل كل طرف من جهته ما يستطيع لإنجاح العلاقة.. أما شد لي نقطع ليك فلا تصلح للحكم ».
وكشف بنكيران أن علاقته بالملك ليست دوما سمنا على عسل، وأنه في الغالب، وليس دائماً، تصدر القرارات بالتشاور.. « هناك صلاحيات نتمتع بها لا نرجع للملك فيها، وهناك صلاحيات للملك لا يرجع لنا فيها »، لكنه نفى أن تكون السلطات مقسمة بينهما، « فحين أقرأ الدستور أجد أن الملك هو رئيس الدولة، وأمير المؤمنين، وهذا ليس لقبا بروتوكوليا، فالمغرب يكاد يكون دولة دينية، كما أنه رئيس مجلس الوزراء، أما رئيس الحكومة فهو رئيس الإدارة ويبقى تحت مسؤولية الملك، فأين هو التقسيم؟ »، يتساءل رئيس الحكومة.
وأوضح الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أمس السبت خلال حلوله ضيفا على لقاء نظم على هامش المنتدى، أن « المغرب لا حاجة له بملك يسود ولا يحكم، وهو ما تعنيه الملكية البرلمانية، وهذا موقفي وموقف الحزب والمغاربة.. نحن نريد ملكا يحكم بالعدل وجهازا تنفيذيا يساعده »، مضيفا أنه عندما تسلم السلطة كان أمام خيارين، إما التنازع على الصلاحيات أو التعاون مع الملك، وأنه قرر أن يوقف التنازع، « ربما لو نازعت الملك لخدمت صورتي الإعلامية، لكن قلت فلتذهب صورتي إلى الجحيم، وأنا سأتعامل مع جلالته بمنطق التعاون، وهذا موقفي الشخصي وموقف الحزب »، قبل أن يستدرك بأنه توجد داخل حزب العدالة والتنمية تيارات، لكن ما هو مقتنع به كأمين عام للحزب وكرئيس حكومة هو التعاون مع المؤسسة الملكية، « وإذا لم يقبل الحزب هذا المنطق سأتركه وسأترك الحكومة ».
واستعرض حصيلة حكومته بالتأكيد على أنه لم يكن يعرف كل التفاصيل قبل تقلد المسؤولية، وشدد على أن الأقوياء أخذوا نصيبهم، في حين بقيت فئة في المجتمع تُركت لنفسها ضعيفة فقيرة تعيش من لا شيء وتدبر أمور نفسها وباعت ما يجوز ولا ما يجوز، « ونحن قلنا كحكومة إنه لابد أن يكون لها نصيب بخلق التوازن في المجتمع، وكانت خطتنا أن ننتبه إلى فئات لم ينتبه لها أحد، كالطلبة والمتقاعدين والأرامل، الذين سعينا إلى تحسين وضعياتهم »، منتقدا خيار احتكار الدولة لكل القطاعات، فـ »لا يجب أن تكون الدولة هي الطبيب والمتعلم والفلاح ..، علما أنها ستكون سيئة في كل ذلك، الدولة يجب أن تكون مراقبة في كل ما يمكن أن يستثمر فيه المواطنون »، منوها بوزير الصحة الحسين الوردي، الذي وصفه بالشجاع لأنه اتخذ القرار في قضية فتح الباب أمام الرأسمال للاستثمار في قطاع الصحة.
وقال بنكيران إنه منذ تولى رئاسة الحكومة لم تخرج ولا مظاهرة واحدة حقيقية تستحق التنويه، « وما رأيناه هو مظاهرات محدودة ومخجلة لبعض التنظيمات، قبل أن يتوقع أن تتجاوز نسبة نمو خمسة في المائة.
وبخصوص الانتقادات التي توجه للمغرب من قبل منظمات دولية حول واقع الحريات، وصف بنكيران كل من ينتقد بأنه أحد ثلاثة: « إما غير مطلع أو غير واقعي إن لم يكن مغرضا »، مشددا على أن أمورا كثيرة تغيرت في المملكة، قبل أن يجزم بأن « الحرية موجودة بلا حدود تقريبا »، كما دافع عن مشاركة المغرب في « عاصفة الحزم » التي تقودها السعودية ضد الحوثيين في اليمن، متسائلا: « هل تعتقدون أنه رغم كل العلاقات المتينة التي تجمعنا بالسعودية ودول الخليج ويوم يحتاجوننا لا يجدوننا؟ المغاربة لا يشعرون بأنهم بعيدون عن السعودية، هم يعتقدون أنها جزء منهم وهم جزء منها.. نحن المغاربة دوما نلبي النداء ولا نكتفي بالكلام ».
وعن علاقات المغربية الجزائرية، استعمل لغة دبلوماسية وتحاشى انتقاد الجارة الشرقية للمملكة، وذكر أن العلاقة مع الجزائر تتسم ببرود طال أكثر من اللازم، لكنها غير مقطوعة، مفضلا أن يترك ملف الصحراء للأمم المتحدة ويلتفت البلدان للعلاقات الثنائية، قبل أن يختم بقوله: « الأصدقاء يمكن أن تختارهم، أما الإخوان فهم إخوانك رغم أنفك، والجزائريون إخواننا. والتاريخ سيحكمنا علينا جميعا لإصلاح هذه العلاقة ».