توفيق بوعشرين:السيد الضحاك.. أفتنا في أمرنا هذا

27 أكتوبر 2015 - 21:29

«أنا رجل دولة، ولا أقبل اتهامي بدس ورقة في القانون المالي لتضليل رئيس الحكومة. أنا أرفض بث هذه السموم، لكني أشعر بعدم الراحة في هذه الحكومة، وأنا لا أستطيع الرد على مقال صحافي صدر في جريدة ‘‘أخبار اليوم’’. هذا مشروع مهيكل وكبير ولا يمكن أن نتلاعب فيه»… هكذا تحدث وزير الاقتصاد والمالية في حوار مع موقع 360 الذي يديره الزميل يوسف ججيلي.
لنبدأ بالجملة الأولى للسيد بوسعيد: «أنا رجل دولة». أولا، هذا ادعاء يحتاج إلى دليل، وكونك وزيرا لا يعني أنك صرت أوتوماتيكيا رجل دولة. هذه صفة الكبار في السياسة، وحتى الكبار لا يتبجحون بها ولا يضعونها لافتة فوق رؤوسهم، بل يتركون تقدير الأمر للآخرين. ولأننا نأخذ الناس بحسن نية في الغالب، فسأفترض أن السيد بوسعيد لا يعرف دلالات عبارة «رجل دولة»، لهذا يخلط بينها وبين الوزير الذي يوجد منه في المغرب المئات، وجلهم لا يتذكرهم أحد، لأنهم كانوا مجرد موظفين ينفذون التعليمات، ويمارسون مهنة التسلق طوال حياتهم، لهذا عندما يسقطون يُمحون من الذاكرة تماما إلا من رحم ربك، إذا كنت أنت رجل دولة، فماذا يقول عبد الرحمان اليوسفي وامحمد بوستة وعبد الهادي بوطالب ومزيان بلفقيه والجنرال دوغول وفرانسوا ميتران، وآخرون عن أنفسهم؟ «شوية» من التواضع مطلوب، السيد الوالي السابق.
«أنا لا أقبل اتهامي بدس ورقة في القانون المالي تخص صندوق تنمية العالم القروي. هذا اتهام خطير وبث للسموم من قبل من نشر هذا الكلام»… من حق السيد الوزير أن يرفض هذا الاتهام السياسي وليس الجنائي، لكني كنت أنتظر منه جوابا مقنعا يرتكز على الدستور والقانون، والمرسوم المحدد لاختصاصات كل وزير، ولم أسمع سؤالا من الزميلين اللذين استجوباه ولا جوابا من الوزير عن الاختصاص القانوني في الموضوع. طيب، رئيس الحكومة قال لك ولزميلك أخنوش إنكما لم تخبراه بأن التوقيع على صندوق تنمية العالم القروي سيخرج من بين يديه، وأنت وزميلك في الفلاحة تدعيان أنكما أخبرتما رئيسكما في الحكومة، إذن، أحد الطرفين يكذب، أو واحد منكم ذاكرته ضعيفة. ولأنكما وزيران تمثلان وزارتين، ولأن وبنكيران رئيس حكومة يمثل مؤسسة دستورية، ولأن التوقيع هنا على صندوق كبير ستحول إليه ميزانيات وزارات عدة، كان من المفروض أن توجد مراسلات بينكما حول قضية حساسة مثل هذه، وليس كلاما في الهواء. كنت أنتظر من السيد بوسعيد «رجل الدولة» أن يحمل معه إلى استوديو 360 صورا من المراسلات التي تبادلها هو وزميله أخنوش مع رئاسة الحكومة حول موضوع تعديل جوهري في القانون المالي يخص المادة 30، ويخص مشروعا ملكيا كبيرا يحتاج إلى أكثر من دردشات على سلم رئاسة الحكومة، أو كلام في الهاتف.. أليس كذلك يا «رجل الدولة»؟
السيد بوسعيد قال إنه يشعر بعدم الراحة في الحكومة بعدما اهتزت الثقة بينه وبين بنكيران، ونحن نسأله: ولماذا تشعر بعدم الراحة فوق الكرسي الوثير لوزارة المالية؟ إذا كنت قد التزمت بالقانون وبمقتضيات الثقة وبأخلاق رجال الدولة، كما تقول، إذا كان الأمر كذلك فيجب أن تكون مرتاحا جدا، «ويا جبل مايهزك مقال صحافي»!
الآن لنمر إلى جوهر الموضوع الذي لم يتحدث فيه بوسعيد ولا أخنوش، ولا انكشارية الإعلام الموجه الذي يلعب في الحديقة الخلفية لرجال المال والسلطة أدوارا مرسومة بعناية، وكل حسب «مواهبه». لنفترض أن رئيس الحكومة وافق على نقل صلاحياته في الأمر بالصرف إلى السيد أخنوش لصرف ميزانية أكثر من 10 وزارات ستضع حوالي 55 مليار درهم في هذا الصندوق على مدى ست سنوات للنهوض بالعالم القروي، ألا يفترض هذا وجود مرتكز قانوني لهذا التفويض؟ ألا يتطلب هذا تشكيل لجنة وزارية مختصة للمساهمة في إدارة هذا الصندوق الذي سيقوم بمد الطرق وبناء المدارس والمستشفيات والمساكن وتوصيل الماء والكهرباء وتوفير الأمن وحماية البيئة… ولماذا يعطى لوزير الفلاحة وحده وليس لوزير الثقافة مثلا؟ ولماذا تعطى وزارة الفلاحة إمكانية تفويض جزء من صلاحيات الصرف من هذا الصندوق إلى الولاة والعمال التابعين لوزارة الداخلية؟ كان الأولى أن يعطى الصندوق لوزارة الداخلية مباشرة. أما السؤال الأهم فهو: هل مرسوم الاختصاصات الذي يعطيه رئيس الحكومة لوزرائه قبل الشروع في عملهم مع بداية كل ولاية حكومية ينص على إعطاء السيد أخنوش صلاحية الأمر بالصرف في هذا الصندوق؟
الأزمة الموجودة الآن بين رئيس الحكومة ووزيري الفلاحة والمالية ليست أزمة سياسية، بل هي أزمة دستورية وقانونية، و«الحياحة» الذين يثيرون الغبار السياسي على هذه المسألة القانونية يعرفون هذه الحقيقة، وهم الآن يضغطون على البرلمان لكي لا يصحح هذا الخطأ، ويقدمون دفوعات متهافتة عن وجود صناديق أخرى في يد الوزارات مثلا، أو أن المشروع ملكي، أو أن هناك تعليمات عليا صدرت بإشراف أخنوش على هذا الصندوق… أولا، الصناديق الأخرى التي يسيرها الوزراء تتعلق بوزاراتهم ولا تشمل وزارات أخرى وميزانيات قطاعات أخرى، كما هو حال صندوق تنمية العالم القروي. ثانيا، كون المشروع ملكيا لا يعني أن أخنوش سينفذها خارج القانون ومبادئ وضع الميزانية. ثالثا، إذا كانت هناك تعليمات عليا لإعطاء أخنوش هذا الصندوق، فهذه التعليمات ستمر من مكتب رئيس الحكومة وليس من فوق رأسه. وفي كل الأحوال، هذا يفترض تهييئا قانونيا لهذا الأمر، أليس كذلك يا سيد إدريس الضحاك، رجل القانون في المجلس الحكومي؟ أفتنا في أمرنا يرحمك الله.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عقة بن بوعزة منذ 7 سنوات

الدولة العميقة، البيروقراطيون الذين توارثوا الحكم والمناصب حتى اصبحت جزءا من شخصيتهم، ولا يستطيعون ان يتروكوها ابدا لانهم يعتبرون انفسهم المسيرون، وان الدولة بدونهم ستنهار...هوولاء لا يتقنون اي عمل معروف سوى اعطاء الاوامر والذهاب الى المكتب كل صباح... من يوم خروج فرنسا وضعت لهم كل شىء واصبحت المساطير والاجرءات مثل اركان الصلاة، لا تقبل النقاش ويستخيل العمل بدونها وهكذا يخاربون كل جديد وكل انسان مهما كان خارج قطيعهم...حتى الملك اذا خرج عن البتركول لا يرونه بعين الرضا

احمد اولاد عيسى منذ 7 سنوات

مقال ينم عن نباهة في التحليل ودقة في التدليل لموضوعية صاحبه و لسعة اطلاعه وامتاعه.

hakim منذ 7 سنوات

bravo Tawfiq tu n'es pas seul on est derrière toi

Krimou El Ouajdi منذ 7 سنوات

De mon point de vue, effectivement, M. le Ministre n'est pas un homme d'état sinon il aurait été plus précis comme vous le souhaitiez, M. Bouachrine, et il n'aurait pas cherché à esquiver la vérité imposée par les textes institutionnels. Le moins qu'on puisse dire, dans cette histoire, c'est qu'il y'a une recette qui n'a pas de goût que certains, qui ne veillent que sur leurs intérêts, ont voulu faire passer. JE trouve que tous les moyens sont bons pour faire remonter la côte du P.A.M ou au moins lui étaler les tapis qu’il faut. Mes prévisions me disent que la bataille qui a commencé en 2011 est loin d’être finie. L’année législative en cours risque d’être pleine de surprises. J’espère que je me trompe.

نادية منذ 7 سنوات

الله يعطيك الصحة السي بوعشرين كتبرد القلب. اود الله يخليك تقرا الافتتاحية المهزلة ديال نادية صلاح وتعلق عليها.

علال منذ 7 سنوات

قبل الخوض في كل هذه المتاهات لنبدأ أولا بحصر المسؤوليات السيد رئيس الحكومة وقع علي المشروع ووزير المالية على علم بتفاصيله اذن لوم الماكرين والمخادعين والمدلسين عبث وسخافة ونظرية المؤامرة تبدو "حــــامضة" و"باسلة" كتلكم النكتة المعلومة

يوسف منذ 7 سنوات

ولا أروع... واااااصل

جوادد منذ 7 سنوات

السيد وزير الفلاحة ابان عن حقيقته وافتضح امره في هذه الواقعة واصبح من التماسيح والعفاريت الذين يتكلم عنهم بن كيران. السيد اخنوش كان يسوق صورة عنه مفادها انه رجل اعمال كبير محترم مقرب من القصر لايأخذ راتبه الشهري والان اتضح انه كان يقوم بذلك من اجل التمويه فقط، نحن نسائله هل شركاته تؤدي الضرائب للدولة أم لا. وبخصوص بوسعيد فهو ينتمي الى حزب الاحرار الذي خان كل العهود والالتزامات وابان عن ميولاته اثناء تشكيل مكاتب الجماعات والجهات ولذلك فهو يراهن على الانتخابات التشريعية المقبلة وعلى البام . واخير اتمنى ان يتم تعديل هذا الفصل من قانون المالية اثناء مناقشته في البرلمان وارجاع الامور الى نصابها

الورزازي منذ 7 سنوات

أضحكتني عبارة "كل و مواهبه".. إنه تنافس صحافيين كسالى يكتبون بقلم أخضر، مزهوين برضوخهم لخط تحريري مرسوم باللون الأحمر

حكيم منذ 7 سنوات

حكيم لترك جانبا مسألة من سيكون الآمر بالصرف، كيف يعقل أن نهئ و نخطط لبرنامج من هدا النوع و هدا الحجم في وقت قصير و موارد بشرية .... لتجمعات عشوائية خاصة في منطقة الكيف التي دمرت الغابة والتي لاتصلح لإنجاز بنايات ولا شبكة طرقية بسبب التداريس الجيولوجية، ازلازل و التغيرات المناخية... المطلوب التريث و التفكير في مقاربة نوعية للإنجاز مشروع ملكي يجعل من المغرب دولة صاعدة يسود فيها السلم والسلام

YOUBA منذ 7 سنوات

إذا تمكّنت و تغلغلت العدالة و التنمية في المجال القروي ، كما فعلت في المدن.. في ظلّ أحزاب مُتاهلكة ، لا مستقبل لها . و حزب سياسي ذو مرجعية إسلامية ، يتقوّى يوم عن آخر بسرعة قاتلة رُبما ، رغم كلّ التشويش و العقبات.. آنذاكْ ، سنقع في المحظور. أو ربما ، الرجوع لنقطةالصفر.. أظن في المرحلة الحالية ، التوازن ضروري ، و التنازلات واردة ، لمصلحة البلاد و لمصلحة حزب المصباح أيضا.. لم يبقى لهم سوى أصوات القرويين ، و إذا إنتزعت أو نافستهم في ذلك ، سيُخرجون المخالب ... منهج الإصلاح في ظل الإستقرار ، يبغي النفس الطويــــل ، و برغماتية سياسية ... أدولفو سواريز ، إبان الولايتين التي حكم فيها حزبه ( UCD) ( LES ANN7ES GLORIEUSES EN EUROPE)، دافع بشراسة عن المؤسسة الملكية،لم يتصارع معها ،و قدم بعض التنازلات في دستور ٧٨ ، تمّ إرجاعها في ما بعد ، مع الإشتراكي فيليبي غونزالس..

مواطن من تطاون منذ 7 سنوات

كما قلت أيها الأخ بوعشرين الكريم بالأمس أن قانون رقم 30 دسه أحد الأطراف في طيات مشروع القانون المالي لعام 2016 ، ثم اخترع بعد ذلك وزيرا الفلاحة والمالية أدوارا متبادلة لتمريره لصالح أخنوش قصد توظيفه سياسويا لنفسه ولأطراف سياسية معينة لا سيما حزب البام الذي أراد أن يتفوق انتخابيا على حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية المقبلة بدون أي استحقاق أيضا كما فعلت أحزاب الادارة المخزنية في انتخابات رئاسة الجهات ورئاسة مجلس المستشارين. فاللعبة تتكرر أيضا بمكر شديد عندما سيتمكن هؤلاء الماكرين من كائنات أحزاب الادارة المخزنية أن يمرروا هذا المشروع لتنمية العالم القروي لفائدتهم وذويهم. أمام هذا المكر الغبي الذي يتكرر مرارا في عدة محطات استحقاقية وتنموية ، يمكن القول أخي بوعشرين الكريم أن هذا الأمر الخطير يشكل تهديدا عظيما على حاضر ومستقبل هذا البلد الأمين ، فهناك أيدي خفية حقيقية مرتبطة بمن يمسك بدراية كبيرة بخيوط هذه المؤامرة التي تريد ارباك عمل الحكومة الحالية وأشك بيقيني في الأطراف القريبة من نظام الدولة المغربية الذين يمسكون بأيديهم بقراراته ، فهم الذين أومأوا أو سمحوا لوزيري أخنوش والمالية أن يلعبا هذا الدور المشين الذي يستحيل أن يقبله راس الدولة المغربية. ولا شك أن هذه الأطراف حسب خبرتها في علاقتها برئيس الحكومة تدرك بعمق أن عبد الاله بنكيران لا يمكن تجاوزه وافشال عمله الحكومي واذعانه الا بهذه الطريقة الماكرة ، وبالفعل يمكن أن يستجيب ويتنازل عن بعض صلاحياته الدستورية بطريقة أخرى مخافة أن يتصدع التكتل الحكومي والمحافظة على استمراريته.

جمجم منذ 7 سنوات

واش أخنوش وزير الفلاحة أولا وزير العالم القروي؟

MELHAOUI / LIEGE منذ 7 سنوات

يرحمك الله ،لا فُــضَّ فـوك و لا قـلـمُـك

charif منذ 7 سنوات

فعلا بوسعيد لم يعد يشعر بالراحة في مجلس الحكومة منذ فاجعة منى ....ذهب عند رب الكعبة واراه الموت....ورجع ولم يشعر بالراحة في مجلس الحكومة ..فليرجع الى منى لرمي الجمرات فقد نسي رجم الشيطان ....

ahmed allal منذ 7 سنوات

اخي توفيق انتظر منك هذا السؤال هل اخنوش خالد ودائم على راس وزارة الفلاحة ادا كان الجواب نعم فلا حاجة لنا بانتخابات 2016 ادا كان الجواب لا فلم تكون وزارة الفلاحة اذن هي المسؤولة عن الصندوق

نعيم منذ 7 سنوات

هذه هي الازمة الحقيقية.عندما تفرز الصناديق شباب لازال تطبعه حب ......فيعتقد ان مهمة وزير تخول له صلاحية ان يشرف من اعلى الهرم....طبيعة انسانية،لكن لو انتبه لمن يوجد حوله من الشعب ل...اخجل احيانا...و كنت اخجل دائما ان استهلك ما انتجه المجرة...و القائمة طويلة... الاخلاص للشعب و الوطن لا يتطلب الاحساس بانك فوق المواطنين.............