قصص معاناة إنسانية بسبب إغلاق الحدود المغربية الجزائرية

09 نوفمبر 2015 - 11:10

يعاني سكان المناطق الحدودية بين المغرب والجزائر من مشاكل اقتصادية واجتماعية جمة، بسبب تقلبات السياسة بين البلدين وتشديد سياسة اغلاق الحدود.
مدينة أحفير المغربية، التي تقع بالقرب من مدينة باب العسا بالجزائر، تعيش على مر الزمان تحت رحمة تقلبات العلاقات بين البلدين الجارين، رغم تداخل سكانها الثقافي وترابطهم الاجتماعي. فسياسة إغلاق الحدود، جعلت السكان على الجهتين يعانون على كل المستويات، ولعل أهمها هي العلاقات الإنسانية التي تعاني من وأد التواصل وقطع صلة الرحم.
المدينة التي تضم حوالي 20 ألف نسمة حسب الإحصاء العام للسكان بالمغرب لسنة 2014، جل سكانها من الشباب.

صوت شبابي جريء
بابتسامة مشرقة، لم تفارق محاياه طوال حديثه، يروي عمر معاناته خلال مشواره الغنائي، الذي يصر على إكماله رغم غياب الدعم والإمكانيات، فهو يكافح بمجهداته وإمكانياته الخاصة، ويقول عمر لـ DW عربية:“ اخترت الراب، لأن له دور مهم في التغيير داخل المجتمع، كونه يحمل هموم ومشاكل الشباب ويمكن من خلاله إيصال رسائل للرأي العام. ويضيف عمر، المعروف بين أبناء مدينته،” أحاول تسليط الضوء على المشكلات والتحديات التي تواجه شباب أحفير، كالبطالة وغياب المراكز الثقافية، بالإضافة إلى تداعيات إغلاق الحدود على المدينة”.
موسيقى عمر مشكور(24 عاما) تحمل هموم مدينته، وقد أختار أن يتمرد على واقعه بأسلوبه الخاص، إذ أصدر العديد من الأغاني المصورة بطريقة احترافية منها أغنية بعنوان “واش بيك” و أغنية “ أحفير الشبح”، وكذلك أغنية “الدونتيست”.

image
مغني الراب عمر مشكور يحاول تسليط الضوء على معاناة سكان الحدود المغربية الجزائرية في أغنيته “أحفير الشبح” تطرق عمر إلى عدد من المشاكل التي تعاني منها المدينة، ومن بينها مشكلة إغلاق الحدود بين المغرب والجزائر، التي ألحقت أضراراً اجتماعية واقتصادية بسكان المدينة. يقول عمر “التهريب كان يمثل مصدر الرزق الوحيد لعدد كبير من العائلات في المدينة، لكن بعد تشديد إغلاق الحدود أصبح وضع المدينة أسوأ من ذي قبل، كما ارتفعت نسبة البطالة بين الشباب، لأن المدينة لا توفر فرص عمل كثيرة”. ويضيف يجب توفير بديل للشباب، أي توفير فرص عمل من خلال إنشاء المصانع في المدينة فلو وجد البديل لن يضطر هؤلاء الشباب للعمل في التهريب.

حدود تفصل أبناء الأسرة الواحدة

بحسب عمر، فإن جدّته، المقيمة بأحفير، لا تستطيع التواصل مع أختها، التي تقيم على بعد أمتار معدودة في الجهة الأخرى من الجزائر، “تتواصل جدتي مع أختها المقيمة في الجزائر غالبا عبر الهاتف، وعندما يشتد بهما الحنين، تتجهان نحو المنطقة التي تسمى بين لجراف، التي تعتبر مكان تواعد العائلات المغربية والجزائرية”.
لا تشتهر منطقة بين لجراف بالأعلام المغربية المرفرفة في جهة المغرب، والأعلام الجزائرية في جهة الجزائر فحسب، بل أيضا بالمشاهد الدرامية التي تتكرر كل يوم تقريبا؛ مغاربة وجزائريون يتبادلون التحايا والحديث صراخا دون مصافحة أو عناق.
حنان ( 22 عاما) المولودة من أم مغربية وأب جزائري، تروي قصة معاناتهم وتقول “كنا نزور أهلنا في المغرب رفقة والدتي عن طريق التهريب، وفي آخر زيارة قامت بها والدتي بمفردها للمغرب، مرضت واكتشفوا أنها تعاني من نوع نادر من السرطان، وامتدت مدة إقامتها بالمغرب إلى سنة”.
وتضيف حنان، وقد اغرورقت عيناها بالدموع: “خلال هذه الفترة كنا نتواصل مع والدتنا عبر الهاتف، لأن عبور الحدود عن طريق التهريب كان جد مكلّف ومحفوف بالمخاطر، إلى أن اتصلت بنا جدتي لتطلب منا المجيء لرؤيتها”. وتردف “مازلت أذكر تلك الليلة التي عبرنا فيها الحدود لوحدنا، أنا وشقيقاتي ونحن بين الخوف من ذلك المهرب، الذي لا نعلم عنه شيئا، وخوفنا على والدتنا التي لا نعلم ما حل بها”.
وكما تتابع حنان حديثها، تتابع دموعها وهي تشعر بعجز كبير، “عندما فتح الباب في بيت جدتي ورأيت الناس مجتمعين، عرفت أن والدتي قد توفيت” وتضيف الشابة:” ما يحز في النفس أننا لم نتقاسم مع والدتنا لحظاتها الأخيرة ولم نستطع أن نكون بجانبها في أصعب الأوقات”.
قصة معاناة أخرى ترويها فاطمة، التي لم تستطع جدتها المقيمة بالجزائر حضور حفل زواجها، الذي كانت تنتظره منذ زمن طويل. في منطقة بين لجراف، المعبر الحدودي، ضربت فاطمة وعائلتها موعداً مع الجدة والأقارب، الذين يسكنون على بعد عشرة أميال في الجزائر، لكنهم لا يستطيعون تجاوز حدود أغلقتها السياسة.
تقول فاطمة لـ DW عربية:”تمنيت لو أن جدتي رأت كل الملابس الجميلة، التي أعدتها بمناسبة زواجي، تمنيت لو أخذتها في حضني، لكن فرحتي بهذه المناسبة لم تكتمل في غيابها، فقد كانت كبقية الجدات كلما أخذتني في حضنها، تدعو الله أن يبقيها على قيد الحياة لتحضر عرسي، لكن لم يتحقق حلمها، بسبب تأخر إجراءات السفر”.

image
مصادرة لحق الشعوب في التواصل

سياسيا لا يبدو في الأفق ما ينبئ بأن معاناة هاذين الشعبين على جانبي الحدود قد تنتهي يوما ما، خصوصا بعد الإجراءات الأخيرة بإقامة جدار على الحدود بين البلدين.
من جهة أخرى يحاول نشطاء من المجتمع المدني المساهمة مع نظراء لهم من الجزائر في الدعوة إلى فتح الحدود. منظمة العمل المغاربي، التي تأسست سنة 2011، كإطار مدني يسعى إلى التوعية بأهمية البناء المغاربي، تنظر إلى قرار إغلاق الحدود بأنه قرار ضد إرادة الشعوب المغاربية.
وبدوره يقول الدكتور إدريس لكريني، رئيس منظمة العمل المغاربي لـ DW عربية “بغض النظر عن مبررات هذا الإغلاق، فإنه لم يكن يوما من الأيام مدخلا للقضاء على المشاكل، بل هو مشكل في حد ذاته، ذلك أن الحروب الكبرى التي عاشتها الدول الأوربية لم تمنعها من تعزيز التنسيق والتعاون والوحدة أمام الأفراد والأفكار والسلع”….
ويلفت أستاذ الحياة السياسية والعلاقات الدولية، إلى أن هناك الكثير من التداعيات الاجتماعية السلبية التي يخلفها بقاء الحدود مغلقة على سكان المناطق المحاذية للحدود من الجانبين. ويعتبر لكريني أن هذه التعقيدات تعد بمثابة “تنكر للعلاقات الإنسانية والروابط العائلية والأخوية، مما يجعل قطع بضعة كيلومترات لصلة الرحم، أمرا مكلفا يتطلب التنقل عبر الطائرات لوقت طويل. ولذلك أعتبر أن بقاء إغلاق الحدود فيه مصادرة لحق الشعوب في التواصل”.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

hamid منذ 7 سنوات

هناك مغالطة لا ينتبه اليها الاعلام المغربي و هي الخلط بين الاسم التاريخي للبوليساريو الاصلي كحركة تحرر ضد الاستعمار الاسباني و البوليساريو الحالي.البوليساريو الاصلي مات منذ زمن طويل لم يبقى الا بوليساريو الجزائر أو بولجزائر بعد عودة عدد كبير من قياديي البوليساريو الى المغرب و اختطاف الاسم التاريخي للبوليساريو لاعطائه مدولا لا علاقة له بما كان يرمز اليه بالامس. على المغاربة ان يكشفوا للعالم هذه المغالطة. ان جماعة بوليساريو الجزائر لم يعد لها الحق للحديث باسم الصحراويين. اليوم البوليساريو الجزائر (البوليجزائر) اصبح مجرد اصل تجاري و ورقة في يد الجزائر. ان اكبر مغالطة يتم يتداولها في الاعلام المغربي و الدولي هو الخلط بين التسمية الاصلية للبوليساريو الاصلي و بوليساريو الجزائر الحالي

محمدالكبير منذ 7 سنوات

ما الذي يجعل شباب مدينة يعتمد في حياته ومعيشته على دولة أخرى الا اذا كانت دولته قد اهملته ولم توفر له أدنى مستلزمات العيش الكريم فالدولة المغربية ملزمة بايجاد حل لهؤلاء وليست الجزائر وفي نظرنا فان فتح الحدود في الظروف الراهنة لا يخدم احدا لا الجزائر ولا المغرب بغض النظر عن الفئةالقليلة من المهربين والتي تضر اقتصاد البلدين على السواء انا عندي ملاحظة واعتذر اذا كانت قد تسبب بعض التأويل الخاطئ ما اقرأه باستمرار وهو ان الجزائريين يعانون من فقر مدقع وهدا في اغلب الصحف والمواقع الاكترونية المغربية وما أراه ان الكثير من الشباب المغاربة يعملون في الجزائر بطرق غير شرعية معرضيين أنفسهم لخطر السجن وقد سنحت لي الفرصة ان أتحدث للكثيرين منهم في الموضوع فكانت اجاباتهم متشابهة تقريبا ما نربحه في أسبوع بالعمل في الجزائر يفوق بكثير كا نحصل عليه في شهر بالمغرب ويتساؤلون كيف يمكننا الحصول على الجنسية الجزائرية هذا الوضع يعكس بوضوح الاختلاف ما هو ظاهر وما هو مبطن ويعكس أيضا لماذا تضرر البعض من اغلاق الحدودالبرية أما من أراد التنقل بين البلدين عبر الجو فهي متوفرة بأقرب المطارات الى المغرب كوهران وتلمسان وهذا طبعا لا يساعد المهربين حيث لا يعقل ان نطلب من دولة فتح حدودها لان وضع المهربين قد تدهور وسبب مشاكل بطالة للدولة الجار هذا غير معقل بحيث لاا توجد دولة في العالم تسمح بالتهريب وكما نقول المكسي بتاع الناس عريان

التالي