تخوض شركة آبل الأمريكية معركة ضارية ضد الحكومة ومكتب التحقيقات الفدرالي FBI، الذي أصدر أمرا قضائيا ضد أشهر شركة هواتف محمولة، يجبرها على وضع نظام ثابت في الآيفون لفك شيفرات الهاتف المحمول دون ضياع المعطيات التي يحتويها، حتى تتمكن الأجهزة الأمنية من اختراق الهواتف المحمولة، والالتفاف على نظام الأمان فيها.
رفضت شركة آبل تنفيذ هذا الأمر القضائي، وطعنت فيه أمام المحكمة الفدرالية، وأوضحت الشركة أن تطويرها أي برمجيات تساعد في فك تشفير هاتف آيفون واحد، قد يسهل على القراصنة الإلكترونيين اختراق بيانات الهواتف الأخرى، حال حصولهم على هذه البرمجيات، أو تطوير برمجيات مماثلة.
وأكدت آبل أن الحكومة الأمريكية أساءت إلى قانون عمره 200 عام، لإجبارها على تطوير برمجيات تساعد في اختراق هاتف آيفون، لافتة الانتباه إلى أنها تدعم بقوة تطبيق القانون لتحقيق العدالة ضد الإرهابيين والمجرمين، لكنها ترفض هذا الطلب لأنه ينتهك الدستور والقانون والخصوصيات، والثقة التي يضعها الزبناء في هاتف آيفون، الذي يقدم إليهم باعتباره جهازا آمنا، ولا يمكن اختراق معطياته الخاصة من قبل أشخاص أو أجهزة خارج الشركة، التي تلتزم بأن تقدم، تحت أمر قضائي واضح، ما لديها من معطيات خدمة للعدالة في الحالات التي ينص عليها القانون.
وكانت السلطات الأمريكية قد عثرت على هاتف آيفون يخص الإرهابي سيد فاروق، منفذ هجوم سان برناردينو بولاية كاليفورنيا، الذي أسفر عن مقتل 14 شخصا وإصابة آخرين، في دجنبر من العام الماضي، وطلب مكتب التحقيقات الفدرالي بعض البيانات عن صاحب الهاتف من أبل، التي قدمت ما لديها من معلومات عامة. ولم يكتف مكتب التحقيقات الفدرالي بالبيانات التي سلمتها آبل عن آيفون الإرهابي، بل طالبها، من خلال قرار قضائي، بتطوير نسخة خاصة من نظام التشغيل iOS، يمكن تثبيتها على هواتف الآيفون تسمح للأجهزة الأمنية باختراقها عند الضرورة، فضلا عن إلغاء خصائص أخرى للأمان. آبل رفضت الامتثال للقرار، من خلال بيان رسمي، حمل توقيع المدير التنفيذي تيم كوك، الذي أكد أن قرار المحكمة يهدد أمن مستخدميها، لافتا إلى أن المساعدات المطلوبة لها تداعيات أبعد من مجرد قضية قانونية، بل إن الأمر يهدد ثقة المستخدمين في الأجهزة الموضوعة في جيوبهم.
القضية الآن أمام المحكمة الفدرالية، وعمالقة تكنولوجيا الإعلام والاتصال، مثل غوغل وفايسبوك، انضموا إلى فريق آبل، وأعلنوا تأييد وجهة نظرها، وقالوا إن «مكتب التحقيقات الفدرالي تجاوز مهمته في البحث عن معطيات لملاحقة المجرمين والإرهابيين، وإن الأمر القضائي الذي استصدره غير دستوري، ويهدد أمن المعطيات الخاصة وأمان أجهزة الاتصال».
ثم انطلق سجال قانوني وسياسي، وحتى فلسفي، حول المفاضلة بين الأمن والحرية، بين حماية المجتمع من الجريمة وحق الفرد في حماية حياته الخاصة.. بين التكنولوجيا التي دخلت إلى حياة الأفراد والتزاماتها الأخلاقية والقانونية تجاه الزبناء… الاتجاه اليميني المحافظ يدافع تقليديا عن «الأمن» وعن الجماعة في مواجهة الفرد، والاتجاه الليبرالي «اليساري» في أمريكا يدافع تقليديا عن الحرية وعن الفرد الحر، لكن الجميع يناقش ويدلي بما لديه من حجج، والحسم للمحكمة الفدرالية التي ستحسم الأمر، ولن تنساق، في الغالب، خلف الميول الأمنية لمكتب التحقيقات الفدرالي، الذي يميل تلقائيا إلى الحد من حرية الأفراد ومن خصوصياتهم، ومن نظام الأمان في هواتفهم وإيميلاتهم وحواسيبهم ورسائلهم… ليس غريبا أن تميل الأجهزة الأمنية في كل دول العالم إلى تغليب الاعتبارات الأمنية على ما دونها، لكن الغريب أن تصير هذه الأجهزة هي المرجع الأول والأخير في تعريف الأمن والحرية والخصوصيات، وألا ينتصب القضاء حكما ومرجعا في القضايا الحساسة التي تتعارض فيها الاعتبارات الأمنية مع قيم الحرية والخصوصية… كم من دولة حول العالم تستطيع فيها شركة كبيرة أو صغيرة أن تقاضي أقوى جهاز مخابراتي في العالم؟ كم من شركة في العالم تستطيع أن ترفض تطبيق أمر قضائي ينتهك خصوصيات المواطنين، وتتجه إلى الطعن فيه أمام المحكمة؟ وكم من جهاز في العالم يقبل أن يلعب مع الشركة بقواعد اللعب النظيف، وأن يذهب إلى المحكمة لتقول كلمة الفصل في موضوع حساس كهذا؟
شريط الأخبار
تجنبا لأية انفلاتات.. باريس تستقبل قوات « عدة دول أجنبية » خلال الصيف لتأمين الألعاب الأولمبية
« كاف » يحدد موعد نهائي دوري أبطال إفريقيا وكأس الكونفدرالية
النيابة العامة تطالب بسجن المدرب السابق للمنتخب النسوي الإسباني على خلفية قضية القبلة القسرية
ثلاثون شابا يستفيدون من ورشة للتصوير الفوتوغرافي بسلا
تجمع دعم العائلات المغربية المطرودة من الجزائر يستعد لتخليد ذكرى المأساة
بولندا وأوكرانيا يكملان عقد المتأهلين إلى بطولة أمم أوروبا 2024
منح شهادة الجودة للمعهد الوطني للصحة
فوزي لقجع يترأس ملتقى مفتشي الملاعب بالرباط المنظم من طرف « كاف »
الوقاية المدنية تنتشل جثة تلميذ قضى غرقا في قناة للري ضواحي أزيلال
مدرب منتخب الجزائر لأقل من 20 سنة يصفع عددا من لاعبيه في مشهد عنف غير مألوف