-->

تقرير.. العنف سبب "جروح نفسية قابلة لأن تتوارثها الأجيال" بالريف

18 يوليو 2017 - 01:00

شخصت الفيدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية بالمغرب أزمة الريف، وذلك من خلال تقرير مفصل، يعري طريقة تعاطي الدولة مع الحراك منذ بداية شراراته الأولى، حيث أكد الساهرون على إعداد التقرير أن مختلف الفاعلين المدنيين والرسميين، الذين تم الاستماع إليهم، أجمعوا على أن مقتل محسن فكري قد شكل سبابا مباشرا لاندلاع شرارة الاحتجاجات، لكنه لم يكن السبب الرئيس، فالمنطقة عرفت تهميشا تاريخيا وثقافيا ولغويا، وتعاني من أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة.

التقرير الذي صدر أول أمس السبت، وتتوفر « أخبار اليوم » على نسخة منه، قال إن المسيرات والوقفات الاحتجاجية قبل أن تدخل المقاربة الأمنية على الخط، تعرض خلالها المحتجون في أحيان كثيرة  للعنف المادي والرمزي من طرف مجموعات سميت بـ »البلطجية »، والتي تتشكل من عناصر مخربة وعنيفة، حيث تم الاعتداء على الوقفة المنظمة ببني عبد الله يوم 6 دجنبر، والوقفة المنظمة بالناظور يوم 25 دجنبر، وبجماعة أولاد أمغار يوم 21 أبريل، والمنظمة بجماعة بني بوفراح يوم 5 ماي.

هذا وانتقد التقرير تعاطي الإعلام العمومي مع الحراك، حيث يرى معدو التقرير أن الإعلام العمومي لم يلتزم بالمهنية، بل ساهم في زرع الحقد والكراهية تجاه منطقة الريف عبر نشر أخبار زائفة، كما تم تسجيل قيام بعض الجرائد والمواقع الإلكترونية بتنصيب نفسها في عداء للحراك ونشطائه.

التقرير الذي سطر أهم المحطات التي مر منها حراك الريف، يرى أن المقاربة الأمنية التي تنهجها السلطات الحكومية بـ »إفراط كبير وخارج قواعد المشروعية » في منطقة الريف، باتت تؤسس لسياسة « مؤثرة سلبا على مستقبل هذا الجزء من الوطن »، وتسببت في وقوع « جروح نفسية قابلة لأن تتوارثها الأجيال وتشكل حلقات مأساوية غير متناهية في تفاصيل الذاكرة الجماعية لأبناء الريف ».
وبخصوص استعمال العنف من طرف السلطات لتفريق الوقفات والمسيرات الاحتجاجية، اعتبر معدو التقرير أن « المبالغة في ممارسة العنف » من طرف السلطات الأمنية، « يكيف كاعتداء مادي مادام لم يخضع لمسطرة مشروعة ولا يحقق مصلحة عامة، في الوقت الذي حظيت فيه مطالب الحراك بالشرعية باتفاق الجميع عليها، بمن فيهم أعضاء الحكومة أنفسهم ».

إلى ذلك، تطرق التقرير إلى وضعية الأحزاب السياسية في منطقة الريف، إذ اعتبر أن تخبط وهشاشة الخطاب الحزبي وغياب الفاعل القادر على الإقناع وتفسير التراجعات الحاصلة في مجال حقوق الإنسان، وتوضيح الإكراهات التي تواجه معضلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ساهم في تأزيم وضعية انعدام ثقة المواطنين في الأحزاب السياسية والهيئات المنتخبة والسلطات الحكومية، مشيرا إلى أن تدبير الملف من طرف الحكومة يطبعه التردد والارتجال وعدم وضوح الرؤى والأهداف.

واعتبر معدو التقرير أنه لبناء الثقة بين ساكنة الريف والدولة، يجب القيام بتدابير مستعجلة، أولها « إطلاق سراح كافة المعتقلين » على خلفية هذه الأحداث، و »وقف مسلسل المتابعات والملاحقات الجارية في حق الساكنة والمحتجين »، و »التعجيل بتحريك متابعات قضائية حول تعرض بعض المعتقلين للتعذيب والعنف، وترتيب الأثر على المتورطين، وضمان معاقبتهم »، بالإضافة إلى « الإلغاء الصريح » للظهير رقم 1.58.381 الصادر بتاريخ 24 نونبر 1958، باعتبار الحسيمة منطقة عسكرية ورفع كافة أشكال ومظاهر العسكرة بالإقليم، كما دعا المصدر ذاته إلى فتح تحقيق في قضية المواطنين الستة الذين احترقوا بوكالة للبنك الشعبي بالحسيمة سنة 2011، علاوة على الفنان الحسين بلكيش، المعروف بـ « ريفنوكس » الذي قتل في ظروف غامضة سنة 2015.

وفي سياق متصل، دعت الفيدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية بالمغرب، إلى  مراجعة التقسيم الترابي وما يتصل به هيكليا وإجرائيا في إحداث بنية إدارية ترابية جديدة تغطي مركز ومحيط الريف، وأمكنة امتداد الحراك الشعبي: « أقاليم الحسيمة، الدريوش، الناظور، شرق تازة »، وتعزيزها بالبنيات المرافقية الحكومية المحلية والاجتماعية والتربوية والثقافية، وكذا هياكل المؤسسات الوطنية العاملة في مجال حقوق الإنسان.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي