خوان كارلوس.. ملك المواطنة بدل الرعية

29 مايو 2018 - 02:00

« إلى حدود نونبر 1975، كان خوان كارلوس دي بوربون مغمورا، وفي نفس الوقت، شخصية تُعقد عليها الآمال »، قولة خافيير توسيل تعكس بالملموس نفسية المجتمع الإسباني تجاه التغيير الذي كانت تبشر به الملكية البرلمانية.

الانتقال الديمقراطي كان مدهشا وانتهى إلى ترسيخ نموذج دولة شبيهة بالدول الأوروبية المتقدمة: دولة القانون الاجتماعية. تغيير حظي منذ البداية بحدس ملكي عرف كيف يكسب عطف الشعب الإسباني، وهو العطف الذي كان من الصعب في البداية توقعه وتأكيده.

في سنوات قليلة، عمليا ورسميا، ارتقى الإسبان إلى مستوى المواطنين، عندما لمسوا الاعتراف لهم بالحرية والحق في المشاركة في الحياة السياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية. انتقلت إسبانيا من دولة معطوبة إلى ومتخلفة في مجال الحماية الاجتماعية إلى تحقيق نموذج رفاهية جيد يوازي ذلك السائد في البلدان الأوروبية المتقدمة.

يمكن الاستمرار في نقاش هل كانت إعادة تثبيت الملكية بإسبانيا بعد وفاة فرانكو، الطريقة الأكثر صوابا وحداثة وإقناعا لطرح الانتقال الديمقراطية؛ لكن الشيء المؤكد اليوم هو أن التجربة نجحت، لا لشيء إلا لأن إرادة الدمقرطة المؤسساتية كانت محط إجماع جل من يعرفون بالصناع الرئيسيين للانتقال الديمقراطي، بمن فيهم الرئيس الجديد للدولة (الملك).

تجدر الإشارة، باستعمال لغة بيرت س. هيرشمان، إلى أنه في تلك السنوات، وحتى نهاية الانتقال السياسي، تغلبت الرغبة الديمقراطية على المصالح الحزبية الضيقة. كان الجميع يدرك حق المعرفة أن الأهم هو تجنب السقوط في الخطأ وإعادة هفوات الماضي، ومعرفة أن استعادة الحريات الأساسية المفقودة منذ زمن الديكتاتورية فوق أي اعتبار، وتعلم استعمال هذه الحريات من أجل بناء مجتمع أكثر عدلا وازدهارا.

كتاب السليماني

في الحقيقة يتعلق الأمر ببلوغ مستوى مواطنين يتمتعون بكامل الحقوق، والعمل في إطارها.

منذ القرن الـ18 ومفهوم المواطنة في تطور مستمر بالتزامن مع اتساع لائحة الحقوق الأساسية. لا يمكن لأي ديمقراطية تدعي أنها كذلك، فهْم أن المواطنة كتنازل ثنائي نابع من إرادة الملك. الانتقال من الحكم المطلق إلى الليبرالية تجلى في ترسيخ بعض الحقوق التي كانت تقتصر في البداية على المواطنين الناشطين، لأنهم كانوا الوحيدين الذين كانت لديهم أملاك ويدفعون الضرائب. رويدا رويدا، بدأت تعمم هذه الحقوق الأولى المعترف بها، الحقوق المدنية والحريات، حتى بلغنا مستوى دولة القانون التي ليست فقط دولة ليبرالية، بل اجتماعية.

أضاف إعلان حقوق الإنسان سنة 1984 إلى الحقوق المدنية والسياسية، الحقوق الاجتماعية، كنقطة أساسية لضمان الحريات والمشاركة السياسية. ضم هذا الجيل الثالث من الحقوق إلى الدساتير الأوروبية، بدأ يعطي فعاليته لدرجة ستصبح فيها دولة الرفاهية واحدة من أكثر العلامات الإيجابية والفريدة للهوية الأوروبية. هذا هو نموذج الدولة الذي يتلاءم مع مفهوم المواطنة التي نعترف بها اليوم كما هي. المواطنة هي التي ولجها الإسبان عند الانتقال من الديكتاتورية الفرانكوية إلى الديمقراطية.

الفيلسوفة فيكتوريا كامبس

ترجمة: توفيق السليماني

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي