خوان كارلوس.. ملك يسمو بدولة القانون على حساب نفسه

30 مايو 2018 - 02:00

هذا هو نموذج الدولة الذي يتلاءم مع مفهوم المواطنة التي نعترف بها اليوم كما هي. المواطنة هي التي ولجها الإسبان عند الانتقال من الديكتاتورية الفرانكوية إلى الديمقراطية. المواطنة التي ينص عليها الدستور الإسباني لسنة 1978 في فصله الأول: “إسبانيا هي دولة اجتماعية والديمقراطية والقانون، التي تدافع عن قيم سامية في نظامها القانوني، الحرية والعدل والمساواة والتعددية السياسية”.

وبلغة إلياس دياث، هي شكل الدولة التي يمكننا اعتبارها “اكتشافا تاريخيا حقيقيا (…)، سواء قورن بالدولة الليبرالية أو الدولة السلطوية التي لا تعترف بدولة الحق والقانون”. أن تكون الدولة الإسبانية اختارت الملكية كنظام حكم، لا يمنع أن يكون هذا النظام “ملكية برلمانية”، سيرا على منوال ملكيات الدول الديمقراطية والحق والقانون. في هذه الملكيات، لا وجود للرعايا أو التابعين أو الخاضعين لإرادة رئيس الدولة، بل مواطنين خاضعين، في كل الأحوال، لشيء واحد يحكمهم جميعا: حكم القانون.

فكرة المواطن المتمتع بثلاثة أنواع من الحقوق- المدنية والسياسية والاجتماعية- كانت واحد من أعظم الأشياء التي قدمها القرن الـ20 في أوروبا إلى تطور دولة الرفاهية. كان يتم التفكير في مجتمع يستطيع التوفيق بين واقعين متناقضين: من جهة، وعد الرفاهية للجميع؛ من جهة أخرى، سياق اقتصاد رأسمالي ينتج الكثير من الفوارق الاجتماعية. من هذه الزاوية، وحده تدخل الدولة عبر سياسات تقييدية موجهة إلى تحقيق المساواة في الفرص، يسمح بتأكيد أن الحقوق الأساسية مضمونة.

 

مبدأ لا يمكن اعتباره، في هذا الوقت، مكسبا حصريا للديمقراطية الاجتماعية، بل ساهمت فيه، رغم كل شيء، حتى الإيديولوجيات المحافظة، على الأقل في إسبانيا.  لهذا لا يمكن بأي حال من الأحوال سرقة مكاسب في مجال الأمن الاجتماعي والتربية والصحة، من مواطنين مقتنعين بأن هذه المكتسبات جزء جوهري من حقوقهم الأساسية. التوجه العام اليوم هو أن ضمان الحرية والدفاع عنها لا يعني فقط تدخل السلطات في حياة الأشخاص، بل أكثر من ذلك. من دون تحرك إيجابي لهذه السلطات، لا يمكن ضمان هذه الحقوق الاجتماعية، إذ فقط يمكن استعمال هذه الحقوق من قبل الأشخاص الذين يمتلكون الوسائل المادية.

كتاب السليماني

الاعتراف الرسمي غير كاف. إذا كانت ضمانة الحريات مكسب مواجهة الدولة المستبدة، فإن ضمانة الحقوق الاجتماعية هي ضمانة من أجل الديمقراطية، التي تعني استمتاع الجميع بالحريات الشخصية والمدنية والسياسية. في هذا السياق، يمكن التأكيد على أن كل الحقوق هي، بشكل عام، حقوق الحرية، إذا فهمنا أنه لكي تكون الحرية أمرا واقعا، وليس فقط امتيازا للبعض، فإنه من الضروري تدخل الدولة من أجل توزيع الثروة التي لا يوزعها السوق بنفسه.

وفقا لطوماس مارتشال، المواطن الذي يتمتع بكامل مواطنته، هو ذلك الذي يضمن شروط العدالة الاجتماعية الضرورية، وليس حق الحرية والمشاركة السياسية فقط؛ الشيء الذي يجعل منه مواطنا حر.

 

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

علال كبور منذ 5 سنوات

في المغرب مجرد فيلم ديال الخيال

التالي