وقع المغرب بداية الأسبوع الجاري على الأحرف الاولى لاتفاق جديد للصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي، يعيد بموجبه البواخر الأوروبية للصيد في الواجهة الأطلسية للمغرب، مقابل 52 مليون أورو، حيث سجلت الحكومة المغربية الاتفاق الجديد، كانتصار سياسي للمغرب، تجاوز به عقبة الاتفاق الفلاجحي السابق، الذي استثنى الأقاليم الجنوبية بحكم قضائي بعد دعوى رفعتها « البوليساريو ».
وعن المكاسب السياسية، يقول أحمد نور الدين، الباحث في القضايا الدولية، في حديثه لـ »اليوم 24″ محللا تفاصيل ما نشر رسميا عن الاتفاق الجديد بين المغرب والاتحاد الاوروبي، أنه حسب ما ورد في بلاغ وزارة الفلاحة وبتحفظ إلى حين قراءة نص الاتفاق كاملا، فأن ما وقع عليه المغرب يمثل سياسيا أضعف الإيمان وليس نجاحا للمفاوض المغربي لعدة أسباب، أولها أن البلاغ يخصص أكبر فقرة فيه للتأكيد على أن اتفاق الجانبين على تخصيص عائدات الصيد للساكنة، وهو ما يرد ضمنيا على ما استندت عليه محكمة العدل الاوروبية لإصدار حكمها، حيث اعتبرت أن الساكنة الجنوبية لا تستفيد من عائدات اتفاق الصيد البحري.
واعتبر نور الدين في ذات التصريح، أن المحاور المغربي، سمح للاتحاد الأوروبي للتدخل في الشأن الداخلي للمغرب، والخوض في تفاصيل توزيع المغرب للعائدات من هذا الاتفاق، حيث نص على أن عائدات جزء من الاتفاق ستهدف للبنية التحتية في الأقاليمي الحنوبية وتعزيز الخدمات الاجتماعية، ومحاربة الفقر، وكأنه يقول أنه أخذ بعين الاعتبار حيثيات الحكم الأوروبي، وهو ما قال عنه نور الدين « خرق للسيادة المغربية بالسماح لطرف أجنبي بالخوض في توزيع عائدات زهيدة للاتفاق ».
وفيما ينص بلاغ وزارة الفلاحة الصادر عقب التوقيع مع ممثلي الاتحاد الأوروبي على الأحرف الأولى لاتفاق الصيد البحري، على أن الاتفاق يعتبر االمغرب كمحاور وحيد للفاوض على الاتفاقيات الدولية التي تشمل الصحراء، يقول نور الدين أنه « إذا صح هذا الخبر، فهذا كلام خطير جدا، لأن هذا الكلام في القانون الدولي يقال على الدول التي تملك سلطة إدارية على إقليم معين، أما المعركة التي يخوضها المغرب فهي معركة الاعتراف بالسيادة، فإذا كانت تعرف الوزارة هذا الكلام فهي مصيبة وإن لم تكن تعرف فالمصيبة مصيبتان ».
أما اقتصاديا، ففيما يعتزم المغرب بيع مائة ألف طن سنويا من السمك، على أقل تقدير، بعائد مالي إجمالي بقيمة 52 مليون أورو لأربع سنوات، وهو ما يقدر بقيمة 1.45 درهم للكيلوغرام الواحد من السمك، فإن نور الدين يقول إن هذا الاتفاق الذي يتجه المغرب نحو توقيعه، ليس نجاحا اقتصاديا، لأن المغرب كان يطالب برفع المداخيل الى تسعين مليون في حين لم تقبل أوروبا إلا ب52 مليون أورو، في وقت تفوق فيه الأرباح التي تجنبها السفن الأوروبية ثلاثة أضعاف ما يجنيه المغرب، وتصل عائداتها إلى 180 مليون أورو، متسائلا عن جدوى توقيع المغرب لهذا الاتفاق، إذا لم يكن له عائد سياسي واقتصادي.