بعد أقل من سنة على مغادرته قصر الإليزيه الرئاسي، في حفل تسلم وتسليم « السلطة » لخلفه إيمانويل ماكرون، أصدر السياسي الاشتراكي ورئيس الجمهورية الفرنسية السابق، فرونسوا هولاند، كتابا تحت عنوان “دروس السلطة” les leçons du pouvoir، يسلط من خلاله الضوء على تجربته السياسية في فترة الأعوام الخمسة التي قضاها في سدة الحكم. كتاب هولاند الجديد « دروس السلطة » الصادر عن « دار ستوك »، تضمن استعادة مفصلة لولاية الرئيس الفرنسي السابق، التي انتهت بأن أصبح أول زعيم فرنسي في التاريخ الحديث لا يسعى لإعادة انتخابه وتجديد ولايته، والأجدر بالذكر أن هولاند أوضح في مقدمة الكتاب الذي استهله بالتفاصيل والمشاعر الذي رافقته خلال الساعات الأخيرة لمغادرته الإليزيه، (أوضح) أنه اتخذ قرار إصدار هذا الكتاب، بالضبط يوم حفل تسليم السلط، ولعله يحاول من خلال هذا الكتاب « التفسير والتبرير وقول كل شيء، قبل أن تنسب له أشياء.. والتاريخ لا يرحم ».
هولاند: الظروف الاجتماعية والتعصب الديني والتبشير في المساجد والأحياء السبب في الهجمات الارهابية
هولاند يعتبر أن المآسي والصعوبات الاجتماعية والظروف الشخصية للإنسان، تلعب دورا أساسيا في مسار الفرد واختياراته، وإن حدث واقترنت بالتعصب الديني، فذلك يتسبب في العنف لا محالة. « إنهم إخوان فوضويون، طفولة مأساوية، وضعوا في المركز السجني كوريز، الذي أعرفه جيدا زرته عندما كنت منتخبا، واحد في السجن، والثاني يزور الشرق الأوسط ويشهد على التطرف التقدمي بالمنطقة، الذئاب المعزولة؟ هذه الرسالة دائما ما تتركني مرتابا، هؤلاء هم ورثة جماعة خالد كلكال، الذي كان عنوانا لأكبر الاعتداءات الإرهابية خلال تسعينيات القرن الماضي، هو وراء أول هجمات الإسلاميين على الحرب الأهلية في ذلك الوقت بالجزائر، قتلة اليوم هم على اتصال مع القاعدة في اليمن ».
ويسلم الزعيم الاشتراكي، بكون التطرف ليس عملية أو حالة مستمرة، فقد يكون لحظيا وسريعا جدا؛ « كما هو الحال بالنسبة للقاتل المسؤول عن اعتداءات نيس، الذي لم تكن له سلوكات مريبة مسبقة ولم يقم بأي اتصال مع جماعة إرهابية قبل قيامه بالعملية الإرهابية، ولكن غالبا التطرف يتطور تدريجيا، من الالتزام إلى السلفية، تحت إشراف قادة الجماعة الذين يمارسون التبشير منذ فترة طويلة، في الأحياء والمساجد بانتظام.. منذ انتخابي توصلت بتقارير عديدة عن المغادرين في اتجاه سوريا، وأغلبهم شباب تم التأثير عليهم وهذا لا يزال أمرا مخيفا، هؤلاء تلقوا فيما بعد دروسا في استخدام الأسلحة والعنف الأكثر تطرفا.. الإخوان كواشي من هذه الفئة، التي كثفت قلقنا » هولاند الذي قال في وقت سابق إن « العلمانية والإسلام متوافقان في فرنسا وإن هدف الإرهابيين هو نشر الهلع والشك بين المواطنين، والسعي إلى تحريف الإسلام وتقويض الحضارات »، عاد في كتابه « دروس السلطة »، ليؤكد « ألا أحد يولد إرهابيا، ولا شيء يبرر الإرهاب، غير أن المآسي والصعوبات الاجتماعية والظروف اللإنسانية التي تصادف المرء خلال نشأته، تتحكم في اختياراته وترسم مساره، وإن حدث واقترن كل هذا بالتعصب الديني فتلكم هي الكارثة، النتيجة ستكون العنف لا محالة ».
ولم ير الزعيم الاشتراكي حرجا في اعتبار منفذي اعتداء شارلي إيبدو، ضحايا ظروفهم الاجتماعية، في قوله « إنهم أخوان فوضويان، هما اختصار لطفولة مأساوية، وضعوا في المركز السجني كوريز، الذي أعرفه جيدا زرته عندما كنت منتخبا، واحد في السجن، والثاني يزور الشرق الأوسط ويشهد على التطرف التقدمي بالمنطقة.. الذئاب المعزولة؟ هذه العبارة رسالة دائما ما تتركني مرتابا، هؤلاء هم ورثة جماعة خالد كلكال، الذي كان عنوانا لأكبر الاعتداءات الإرهابية خلال تسعينيات القرن الماضي، هو وراء أول هجمات الإسلاميين على الحرب الأهلية في ذلك الوقت بالجزائر، قتلة اليوم هم على اتصال مع القاعدة في اليمن ». ويسلم الزعيم الاشتراكي، بكون التطرف ليس عملية أو حالة مستمرة. فقد يكون لحظيا وسريعا جدا، « كما هو الحال بالنسبة للقاتل المسؤول عن اعتداءات نيس، الذي لم تكن له سلوكات مريبة مسبقة ولم يقم بأي اتصال مع جماعة إرهابية قبل قيامه بالعملية الإرهابية، ولكن غالبا التطرف يتطور تدريجيا، من الالتزام إلى السلفية، تحت إشراف قادة الجماعة الذين يمارسون التبشير منذ فترة طويلة، في الأحياء والمساجد بانتظام.. منذ انتخابي توصلت بتقارير عديدة عن المغادرين في اتجاه سوريا، وأغلبهم شباب تم التأثير عليهم وهذا لا يزال أمرا مخيفا، هؤلاء تلقوا فيما بعد دروسا في استخدام الأسلحة والعنف الأكثر تطرفا.. الإخوان كواشي من هذه الفئة، التي كثفت قلقنا »..
جيل الإرهاب
الرئيس السابق للجمهورية الفرنسية، يقول في مؤلفه « دروس السلطة » الصادر منتصف شهر أبريل الماضي، إن بلده لم يشهد هجمات إرهابية منذ قضية الجهادي محمد ميراح الذي نفذ هجمات إرهابية في مارس 2012، ذهب ضحيتها سبعة أشخاص في مدينتي تولوز ومونتوبان، لكنه كان يتوقع عاصفة مرتدة نتيجة قراراته السياسية الخارجية.
« منذ قضية ميراح، توقفت الهجمات الإرهابية، لكن عرفنا أنه مجرد هدوء مؤقت، تدخلنا في مالي، والملف السوري، وبشكل عام الرمز الذي تمثله فرنسا زاد من حدة هذا التهديد.. الإرهاب قصة قديمة.. لقد عايش آباؤنا وأجدادنا الحرب، ونحن نعيش في عصر الهجمات والاعتداءات الإرهابية.. عندما كنت طالبا، كان الإرهاب اليساري المتطرف هو المسيطر. كانت إيطاليا دامية بسبب « سنوات الرصاص »، وألمانيا أيضا مع « شريط بادر ». في فرنسا، قتلت منظمةDirect Action شخصيات ورجالات محسوبين على الدولة وقوتها.. كما ارتكبت بعض الجماعات الفلسطينية أو النشطاء المدعومين من إيران أو سوريا أو تركيا هجمات واعتداءات قاتلة، وعاد الإرهاب إلى الظهور في تسعينات القرن الماضي بسلسلة من العمليات الدموية.. وقد حاول أحد أفراد الكوماندوس حتى قبل 11 شتنبر استهداف باريس بطائرة، وتم إيقافه بفضل شجاعة رجال الدرك الفرنسيين الذين اقتحموا ماريناني حيث هبطت الطائرة ».
ويؤكد هولاند أن الجماعات وعلى مر السنوات لم تحقق أهدافها السياسية المباشرة وذلك بفضل الشعوب التي وبالرغم من الرعب الذي عايشته تمكنت من المحافظة على هدوئها، ولم تتنازل عن أي شيء جوهري بالرغم من محاولتهم إخضاعهم عن طريق العنف، الأمر الذي يعتبره هولاند ينطبق أيضا على ما سماه المؤسسة الإرهابية الإسلامية التي تعمل في الأراضي الفرنسية. « الدولة مع احترام القانون، وأقوى من الجماعات التي تتحداها، إن قواتنا الأمنية والاستخباراتية يقظة، والجيش الفرنسي مستعد بعنف لمجابهة أولئك الذين أعلنوا الحرب علينا، دعونا نتذكر التاريخ الحديث: في ديمقراطيات القرن العشرين، على الرغم من المآسي التي لم يكشف عنها، تم هزم النازية والفاشية، انتصرت على الشيوعية الشمولية ومعظم الأنظمة الاستبدادية… ننتقد في بعض الأحيان افتقارهم للعزيمة، وبطئهم في الرد على العدوان.. لكنهم قادرون على الصمود ورد الهجمات إن استدعى الأمر وبدعم من ارتباط الشعوب بالحرية، تربح الديمقراطيات الحروب. هذا هو الدرس المستقى من القرن الماضي. وسيكون ذاته درس القرن الذي يبدأ ».