ماذا وراء أكمة محاكمة توفيق بوعشرين؟

11 أكتوبر 2018 - 09:20

المحامي عبد المولى الماروري 

جلسة 8 أكتوبر لم تكن كباقي الجلسات الصاخبة والمتوترة، سبقتها أحداث، ووقعت أثناءها أحداث جعلتني أرجح فرضية وجود شيء ما يطبخ في الخفاء كي تأخذ المحاكمة مسارا آخر، الهدف منه إضعاف بوعشرين ووضعه في عدة مآزق.. فالحدث الأول، وصلني من بعض المصادر أن ملف الاعتقال التحكمي لتوفيق بوعشرين وصل إلى جنيف بعد استكمال جميع طرق الطعن بالمغرب، وأن المحكمة الدولية راسلت الحكومة المغربية في هذا الشأن، ولكم أن تعلموا الحرج الكبير الذي وضعت النيابة العامة المغرب فيه! الحدث الثاني، اتهام أحد أقارب بوعشرين بالتورط في إيصال أشياء محظورة لسجين (بوعشرين) ومحاولة إيصالها له والارتشاء، مع « متابعة » أحد موظفي السجن، واستدعاء زوجة بوعشرين قصد الاستماع إليها من طرف الضابطة القضائية.. الحدث الثالث، هو قرار توفيق بوعشرين الانسحاب من مرافعات محامي المشتكيات، لأنها استهدفت شخصه بالسب والتهكم، مع خروجها عن القانون وأدبيات المرافعة..

في جلسة 8 أكتوبر، طلب دفاع المشتكيات إحضار توفيق بوعشرين باستعمال القوة العمومية، اعتقادا منهم أو جهلا من قبلهم أن المادة 423 التي يلتمسون تطبيقها تلزم رئيس الجلسة بتطبيقها، في حين أن هذا الإجراء جاء من باب الجواز. والغريب أن هذا الفهم السيء رافع فيه 7 من محامي المشتكيات.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، والغريب في الأمر أن هذه المرافعات جاءت بعد أن قضت هيأة الحكم باستئناف المناقشة في غياب بوعشرين خلال هذه الجلسة فقط، على أن تسوى مسألة انسحاب بوعشرين فيما بعد، وفي رأيي المتواضع أن قرار المحكمة كان صائبا وحكيما.

أثناء ذلك، تطوع زميلان من هيئة دفاعه من أجل إقناعه عن العدول عن الانسحاب، الأمر الذي تم بالفعل. وخلال هذه الفترة أيضا، طلبتُ من بوعشرين الصبر وعدم الاستسلام إلى بعض الاستفزازات التي يسعى بعض دفاع المشتكيات إلى توريطه فيها.

واستؤنفت مرافعة الأستاذ المسكيني الذي توسع بشكل مبالغ فيه في وصف بعض المشاهد الجنسية، الأمر الذي اضطر رئيس الجلسة إلى تنبيهه، إلا أن الأستاذ ظل وفيا لمنهجه في وصف تلك المشاهد الجنسية بطريقة غريبة، بل وأضاف إلى ذلك مشاهد غير مسجلة في الأشرطة المعروضة، وأمام تكرار هذا الأمر، اضطر توفيق بوعشرين إلى لفت انتباه المحكمة إلى أن الأستاذ يضيف مشاهد من نسج خياله، في هذه اللحظة (المنتظرة والمناسبة جدا) انطلق الأستاذ زهراش مهرولا من آخر القاعة إلى المكان المخصص لبوعشرين، صارخا بأعلى صوته « ما تقاطعش الزميل مالك في دار الباك .. لبسالة هادي ». لتخرج الجلسة عن السيطرة، وأخذ الكل في تبادل الاتهامات … لترفع الجلسة من جديد.

بعد العودة إلى الجلسة، أخذ دفاع المشتكيات الكلمة، ليتضح بعد ذلك ما يختفي خلف الأكمة.

لقد طالب دفاع المشتكيات من خلال ثلاث مرافعات بتطبيق مقتضيات المادتين 358 و359 التي تندرج في إطار جرائم الجلسات، وتقضي بطرد المتهم (بوعشرين) من جميع الجلسات إلى غاية النطق بالحكم!! هنا وبصعوبة كبيرة أخذت الكلمة لأوضح للمحكمة مرامي ما يقع؛

إن عدم حضور المتهم للجلسات يأتي على شكلين قانونيين، 1/ الغياب الاضطراري أو الانسحاب الاحتجاجي (وهي حالة توفيق بوعشرين)، وفي كلتا الحالتين تحفظ للمتهم حقوقه في العودة إلى الجلسة متى انتفت موانع الغياب أو أسباب الانسحاب..

2/ الطرد من الجلسة في حالة ارتكاب المتهم ما من شأنه أن ينال تلك العقوبة، وفي هذه الحالة يحرم نهائيا من حضور كل الجلسات إلى غاية النطق بالحكم.. والفرق واضح وبين بين الحالتين..

إن انسحاب توفيق بوعشرين من الجلسات التي يرافع فيها دفاع المشتكيات قرئت على أنها إهانة لهذا الدفاع، لذلك طالبوا بإحضاره باستعمال القوة العمومية، أما الطرد فهو إهانة لبوعشرين مع إلصاق تهمة الاعتداء على محام.. والفرق واضح بين الحالتين قانونيا وإعلاميا..

إن مشهد التدافع والملاسنات وقعت في مناسبتين على ما أذكر بين بوعشرين وزهراش، ولم يطلب دفاع المشتكيات تفعيل مقتضيات تلك المادة، فلماذا في هذه المناسبة بالضبط؟ لماذا طلبوا ذلك بعد أن بادر هو بطلب الانسحاب؟ وهل بين هذا الحدث واعتقال قريبه، وبين مراسلة جنيف للمغرب في شأن الاعتقال التحكمي علاقة أو ارتباط؟ هل هناك خيط رابط ومنهج ناظم بين كل هذه الأحداث؟ أم هي محض صدفة؟

المهم تم تطبيق المادتين 360 و361 من قانون المسطرة الجنائية في حق توفيق بوعشرين وإحالته على النيابة، ونحن ننتظر إلى ما سينتهي إليه فيلم الرعب الذي نعيشه كل جلسة.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

مواطن أ منذ 6 سنوات

بئس "وطن" و بئس "عدالة".

التالي