إدريس اليزمي: رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان
كيف تقيمون المقاربة التي تعامل بها المغرب أخير فيما يخص الترحيل القسري للمهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، والتي جرت على المغرب انتقادات حقوقية سواء من منظمات محلية أو دولية؟
أعتقد أن هنالك إشكالية حقيقية الآن مطروحة على أغلبية دول العالم، وهي هل من حق الدول مراقبة الحدود أم لا؟ شخصيا أعتقد أنه من حق الدول بما فيها الدولة المغربية مراقبة الحدود ومحاربة كل أشكال محاولة العبور غير القانونية. اعتقال المهاجرين عبر الحدود لترحيلهم خارج البلد لا أعتقد أنها عملية غير مشروعة، ولكن العملية يجب أن تتم داخل إطار قانوني وتمر في ظروف إنسانية ولا تمس بعض مجموعات المهاجرين، يعني أن تستهدف هذه العمليات الأشخاص المعنيين باختراق الحدود بطريقة غير قانونية. المجلس الوطني لحقوق الإنسان لازال يحاول جمع أكبر عدد ممكن من المعطيات الدقيقة لإنجاز تقريره ويتخذ الخطوات اللازمة، إذا تأكد أنه جرى فعلا ارتكاب عمليات غير قانونية، ولكن في المبدأ ليس هنالك مشكل بالنسبة إلي، فأخيرا قامت الحكومة الفرنسية بعملية مشابهة فيما يخص ترحيل معسكرات لعدد من المهاجرين قرب حدودها.
لكن هذه المقاربة اعتمدها المغرب بعد نهجه لاستراتيجية إدماج المهاجرين وتسوية وضعيتهم، وفي غضون بضع سنوات حصل هنالك تحول، كيف تفسرون برأيكم هذا التحول؟
التحول الأساسي الذي لا يجب إغفاله، هو أن هنالك بالتأكيد تغيرا في موجات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، وإذا قارنا بين سنتي 2017 و2018، كل الأرقام تؤكد أن عدد المهاجرين الذين دخلوا إسبانيا بطريقة قانونية عن طريق المغرب خلال هذه السنة، كان أقوى من عدد المهاجرين الأفارقة الذين دخلوا إيطاليا عن طريق ليبيا، إذن أكيد هنالك تغيرات على مستوى موجات الهجرة غير القانونية، وأكيد أن لشبكات الاتجار في البشر دورا في ذلك. التغير الأساسي الثاني هو أن المغرب قام بعدة محاولات ومفاوضات مع الاتحاد الأوربي في هذا الإطار، وكان هنالك ضغط من طرف الاتحاد الأوربي على المغرب من أجل القيام بمراقبة أقوى وأكبر لحدوده.
ارتباطا بجانب الهجرة دائما، ولكن هذه المرة فيما يخص قوارب الموت بعد تزايد موجات هجرة شباب مغاربة نحو «الجنة الأوربية» بطريقة سرية وعلنية في نفس الوقت، كيف تقيم المقاربة التي اعتمدها المغرب في التعامل مع هذه الظاهرة، والتي وصلت حد إطلاق النار كما وقع مع قضية حياة؟
ليس هنالك أي برهان يفيد بأن هنالك تزايدا لموجات الهجرة غير القانونية للمغاربة أكثر من الماضي، وليس هنالك أي تقرير دولي أو علمي يؤكد فعلا أن هنالك تزايدا لنسب الهجرة غير الشرعية حاليا أكثر من السنوات الماضية. اليوم الذي حصل أن الظاهرة أضحت أكثر بروزا من الماضي بسبب الهواتف الذكية والوسائل الجديدة، أما الهجرة غير الشرعية للمغاربة ليست بظاهرة جديدة. التصور الثاني الذي لا أتفق معه والذي تساهمون أنتهم، الصحافيين، في انتشاره، هو أن الهجرة هي مشكل جنوب-شمال، بينما الهجرة الآن عالميا وإفريقيا هي جنوب-جنوب، فمن بين أربعة مهاجرين أفارقة على خمسة يبقون في إفريقيا ولا يقصدون أوروبا. يعني أن غالبية طالبي اللجوء في العالم اليوم، هم أفارقة ومتواجدون في إفريقيا. لذا لا بد عليكم كصحافيين رغم أنكم تقومون بعملكم أن تساهموا في إظهار الوجه الآخر للهجرة، وهو المتعلق بجنوب-جنوب.
فهذا التصور القائل إن الجنوب يريد كله الهجوم على أوربا علميا هو تصور خاطئ. المهاجرون عبر العالم المتوجهون نحو أوربا بينهم 12 في المائة فقط أفارقة، إذن الهجرة بالأساس هي إفريقية من دولة فقيرة إلى دولة فقيرة. وهذا التصور المتعلق بهجوم الجنوب على الشمال هو تصور قنوات عالمية غربية. هذا لا يعني أنه ليس هنالك هجرة مغربية، فكل دول العالم اليوم أضحت دول هجرة وعبور واستقبال، وهذا الواقع نعيشه في زمن الهواتف الذكية. 5 ملايين مغاربة المتواجدون اليوم في الخارج لم يهاجروا بالأمس، بل هاجروا منذ سنوات وأغلبيتهم هاجروا بطريقة غير شرعية آنذاك. أما فيما يخص إطلاق النار والحالة التي ذكرتها، فأرى أنه يجب أن يفتح تحقيق قضائي، والقضاء سيقول كلمته، على اعتبار أن أسمى حق هو الحق في الحياة. الدولة من حقها محاربة الهجرة غير الشرعية ولكن ليس بالقتل، يجب أن يكون هنالك توازن.