في الوقت الذي لازالت تنفي فضيحة الاعتداء عليهن جنسيا ولفظيا في الحقول الإسبانية، أقرت الحكومة المغربية أن عددا كبيرا من العاملات المغربيات اللواتي انتقلن للعمل في إسبانيا في حقول الفواكه الحمراء، اخترن العيش في إسبانيا بدل العودة إلى الوطن وأسرهن وأبنائهن، لاسيما وأن جلهن متزوجات أو لديهن أبناء، كما ينص على ذلك بروتوكول التعاقد معهن وانتقاؤهن بين الرباط ومدريد قبل منحهن جواز سفر استثنائي لمدة 6 شهور للعمل في حقول مدينة « هويلفا »، ما بين شهر فبراير ويونيو. كما أن توقعات الحكومة المغربيات بخصوص العاملات « الهاربات » بإسبانيا أكثر سوءا وتشاؤما من نظيرتها الإسبانية.
معلومات كشفتها وزارة الداخلية المغربية لجهة مشرفة على عمليات تنظيم التعاقد مع المغربيات، ربما تكون جهة إسبانية، أفادت أنه إلى حدود الساعة تأكد هروب 4000 عاملة مغربية. وفي الوقت الذي يتحدث فيه البعض عن انتقال في موسم الجني المنصرم 17 ألفا أو 18 ألف مغربية للعمل بالضيعات الإسبانية، تكشف المعطيات ذاتها أن العدد لم يتجاوز 15134 عاملة، حسب صحيفة » إلباييس ».
هذا دون إغفال الآلاف من المغربيات اللواتي اخترن في السنوات السالفة البقاء في الجارة الشمالية، ولو أن العدد في السابق لم يكن يتجاوز 400 إلى 500 عاملة، وفق أكثر من مصدر.
مصدر من اللجنة المغربية الإسبانية المشرفة على عملية انتقاء العاملات المغربيات بيَّن قائلا: « من أصل 15134 عاملة انتقلن هذا الموسم إلى إسبانيا، 5000 منهن سبق لهن واشتغلن في السنوات الماضية بنفس الحقول بهويلفا. لهذا كان المشكل في الـ1000 اللواتي تم التعاقد معهن لأول مرة ».
واعترف أن « عملية الانتقاء (في أواخر سنة 2017 وبداية 2018) كانت سريعة وكنا متخوفين حقا أن يحدث شيء شبيه بهذا. لأنه كانت هناك نساء لم يسبق أن اشتغلن في الفراولة، واللواتي كن يرغبن فقط في الهروب من الفقر »، قبل أن يبرز قائلا: « 40 في المائة من أصل 15134 لم يعدن إلى المغرب وبقين في إسبانيا ».
وأشار، أيضا، إلى أن الشروط التي اعتمدتها اللجنة في عملية الانتقاء والتعاقد، كانت تهدف بالأساس إلى تجنب السقوط في فخ منح التأشيرة لنساء همهن الوحيد هو عبور مضيق جبل طارق، والبقاء في إسبانيا. ومن أجل إجبارهن على العودة، تم انتقاء نساء لا يبلغن من العمر 40 عاما، ولديهن أبناء قصر تقل أعمارهم عن 14 ربيعا. أغلب اللواتي يتم التعاقد معهن لديهن أبناء وذلك لضمان عودتهن للمغرب.
رغم هذا فالمصدر يقر بأن العملية شابتها بعض الأخطاء، بسبب استعجال المقاولين الإسبان في تسريع وتيرة التعاقد. « في الأخير، تم التعاقد حتى مع بعض النساء الحوامل بستة شهور، بعضهن لم يعملن ولو يوما واحدا بعد حطهن الرحال بإسبانيا، فيما أخريات غادرنا الضيعات بعد أيام »، يوضح مصدر مطلع.
كتابة الدولة الإسبانية المكلفة بالهجرة، كانت أشارت بداية الشهر الجاري إلى أن 1424 عاملة موسمية مغربية لم يلتزمن ببنود العقد الذي وقعنه، والذي يقضي بالانتقال للعمل في حقول الفراولة بمنطقة « هويلفا » لمدة لا تزيد عن 6 شهور، والعودة إلى المغرب بعد انتهاء موسم الجني. غير أن وكالة الأنباء « إيفي »، أوردت أن العدد أكبر، وقد يصل إلى 2500 عاملة هاربة. المعطيات ذاتها تظهر أنه خلال الموسم الماضي (2016/2017)، تعاقد إسبانيا مع 4500 عاملة مغربية، 521 منهن قررن البقاء في الجارة الشمالية بدل العودة إلى المغرب، أي أنهن يمثلن 11 في المائة من مجموعة المتعاقدات معهن. أكثر من ذلك، يلاحظ أن عدد العاملات المغربيات اللواتي يقررن الهرب بإسبانيا انتقل من ما بين 2 و6 في المائة سنة 2012، أي العام الأول لتوقيع هكذا اتفاقية، إلى 17 في المائة هذه السنة.