في رده على المقال الذي نشره نائب الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف في مدينة الدار البيضاء، القاضي حكيم الوردي، نشر المحامي عبد الصمد الإدرسي، مقالا تفصيلا على حسابه الشخصي في فيسبوك؛ وجه فيه رسائل من تحت الماء على الرغم من أنه لم يسميه.
لإدريسي الذي عنون مقاله بـ”رسالة إلى قاض.. وعبرة من التاريخ..”، قال إن من يطالع بعض المقالات والتدوينات وما ينشره البعض بخصوص قضية الدكتور عبد العالي حامي الدين، يتساءل باستغراب، لفائدة من يرافع هؤلاء ؟!
المحامي والقيادي في حزب العدالة والتنمية افتتح مقاله بـ” هذه رسالتي إلى كل قاض يهرف بما لا يعرف.. وبتمحيص ما يكتبونه وخلفياته والحماسة التي يبدونها، وطريقة وسرعة تمكين بعضهم من وثائق الملف، سواء كانت شواهد التبليغ ومحاضر التحقيق، بل بما في ذلك قرار الإحالة الصادر عن قاضي التحقيق باستئنافية فاس الأستاذ محمد طويلب، حتى قبل أن يتوصل الدفاع به، يفيد أن هؤلاء يترافعون ويدافعون عن أي شيء إلا القانون”.
وأضاف الإدريسي “لم استعمل يوما في حياتي الشخصية ولا المهنية ما درج عليه المغاربة في وصف أعضاء النيابة العامة (المغرق)، لإيماني بأن النيابة العامة وأعضاءها خصم شريف، يمثل المجتمع وينوب عنه في تحريك ومباشرة الدعوى العمومية لفائدة القانون وحماية النظام العام، وتجنيب المجتمع مخاطر الجريمة والمجرمين، لكن اليوم، للأسف، أجد أن أنسب وصف لما يقوم به هؤلاء هو دور “المغرق” من خارج المحكمة لا من داخلها.. من دون اختصاص ولا صفة ولا مصلحة.. المغرق الذي يغرق القانون والمسطرة، يغرق الحياد وواجب التحفظ.. بل الذي يغرق نفسه”.
وقال المحامي “لهؤلاء أقول يمكنكم أن تعودوا للتاريخ الحديث، وسجلات المحاكم وتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، والمقررات التحكيمية الصادرة عنها، لتخلصوا إلى أن قضاة كثيرين سبقوا للقيام بالدور الذي تقومون به اليوم، فأين هم الآن؟! لقد نسيهم التاريخ -حتى لا أقول إنه رمى بهم في ركن آخر- وبالمقابل خلد ضحاياهم، محاكمات بالجملة انقعدت على مقصلة القضاء، وتاريخ المغرب شاهد عليها وأرشيف المحاكم أيضا، لكن عادت الدولة لتنصف ضحاياها وضحايا القضاء غير المستقل، من خلال الآلية المغربية للعدالة الانتقالية: هيئة الإنصاف والمصالحة، هل نذكر اليوم أؤلائك القضاة الذين وضعوا أسماءهم وتوقيعاتهم على الأحكام الجائرة ضد زعماء وهامات النضال السياسي والحقوقي بالإعدام والمؤبد وعشرات السنين؟ من يذكر اليوم أولائك القضاة الذين كانوا يدخلون محراب المحكمة بقرارات في جيوبهم، أولائك الذين لم يكونوا يأبهون لمرافعات الدفاع، ولا للطعون المقدمة أمامهم لإبطال مساطر الاستماع وقرارات الإحالة؟ لكن، التاريخ -يا زملائي- يذكر المهدي بنبركة ومحمد الفقيه البصري وأبراهام سرفاتي وعبد السلام ياسين وعبد الرحمان اليوسفي… كشهداء وأبطال ومجاهدين.
وختم الإدريسي مقاله بـ”نذكر اليوم المسؤولين الذين أبدعوا الإنصاف والمصالحة، أما الذين قبلوا أن يكونوا مجرد أداة، فحتى من سخرهم لا يكاد يذكرهم، ولكل قاض اختار هذا الطريق أقول: لك أن تختار، يا صديقي، من الآن، الخانة التي ستكون فيها بعد عقد أو عقدين من الزمن.. هل سيذكرك التاريخ كقاض أم مجرد قاض حاجة، هل ستكون مع القاضي أو مع القاضيين؟ نحن في كل هذا مخيرون لا مسيرون، وليس أسوأ للمرء من أن يخير فيترك القمة ويندحر نحو المصير الهاوية، وكما قال الشابي: “ومن لم يحب صعود الجبال.. يعش أبد الدهر بين الحفر”.