خبير أمريكي يكشف النوايا الأمريكية الخفية في ملف الصحراء

11 يناير 2019 - 02:00

كشف جاك روسولييه، أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة العسكرية الأمريكية، كيف أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تسعى إلى إبراز بعثة الأمم المتحدة في الصحراء، المينورسو، كنموذج لفشل البعثات الأممية في مهامها، وبالتالي، تقليص النفقات المالية الموجهة لهذه البعثات، والتي تتحملها واشنطن بالدرجة الأولى. الخبير الأمريكي، الذي نشر مقالا عبر موقع مركز “كارينغي”، المتخصص في تحليل السياسات، قال إن الجهود الرامية إلى الحد من تفويض بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في “الصحراء الغربية” ونطاقها، قد تجعل الأطراف يبتعدون عن الحل السياسي وتحمل معها خطر حدوث مزيد من زعزعة الاستقرار.

الخبير، الذي يعتبر أن المشاركين في تحرير كتاب “وجهات نظر عن الصحراء الغربية: الأساطير والقومية والجيوسياسة”، قال إنه وبعد بعد استراحة دامت ست سنوات، “أقامت الأطراف المعنية مباشرة بالنزاع في الصحراء الغربية – المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا – محادثات جديدة في جنيف في الخامس والسادس من دجنبر الماضي”. وأوضح روسولييه أن هذه النقاشات لم تسفر عن نتائج محددة، إلا أنها انتهت بالتزام الأطراف بإجراء مزيد من المباحثات التي يمكن أن تنضج وتتحول إلى مفاوضات مباشرة. “بيد أن هذا التعبير عن حسن النية لا يحمل في طياته تحولا، ولو طفيفا، في مواقف هؤلاء الأفرقاء. بدلاً من ذلك، تسعى الدبلوماسية المكّوكية التي تتم برعاية الأمم المتحدة إلى إنقاذ بعثة الأمم المتحدة في “الصحراء الغربية” (مينورسو) من الحماسة المستجِدّة لدى واشنطن التي تحاول جعل عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة فاعلة لناحية التكلفة، ومستندة إلى النتائج”.

الخبير الأمريكي ذكر كيف أعلنت واشنطن في أبريل 2018، بعدما نجحت في فرض تجديد تفويض بعثة المينورسو لمدّة ستة أشهر فقط، بدلا من التمديد المعهود لمدة عام واحد، “أن البعثة فشلت في تحقيق غايتها السياسية وأمهلت الأطراف ستة أشهر للعودة إلى طاولة المفاوضات. وقد وصفت خطة الحكم الذاتي التي وضعها المغرب لـ”لصحراء الغربية” في العام 2007، والتي حظيت لسنوات بدعم أحادي من واشنطن، بأنها “مقاربة محتملة”. وكان ذلك مؤشرا عن استعداد إدارة ترامب لإبقاء خيارات غير مستكشَفة مطروحة على طاولة البحث، فيما تنأى بنفسها عن تأييد إدارة أوباما المطلق “للجهود المغربية الجدّية وذات الصدقية” في إطار خطة الحكم الذاتي”. جاك روسولييه قال إن الهدف من ذلك “ربما كان إجراء إعادة تقييم دقيقة لأسلوب الإدارة الأمريكية في التعاطي مع كل من الجزائر والمغرب، عبر تقدير مساهمة الجزائر في مكافحة الإرهاب، ودعم المغرب لتثبيت الاستقرار الإقليمي من خلال مجموعة دول الساحل الخمس”.

الخبير الأمريكي شكك في ادعاءات مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي، جون بولتون، والتي قال فيها إن ضغوط بلاده هي التي أثمرت لقاء جنيف الأخير، مستدلا على ذلك بكون مبعوث أمريكي هو من كان يتولى تدبير الملف طيلة سنوات، أي كريستوفر روس. روسولييه قال إنه لا يجب النظر إلى محادثات جنيف الأخيرة بأنها تحمل تغييرا جوهريا في مواقف الأطراف، “بل يجب إدراجها في سياق الجهود الأمريكية لتصوير بعثة المينورسو بأنها نموذج عن الخلل الذي تعاني منه الأمم المتحدة وعملياتها لحفظ السلام. إلا أنه ليس واضحا كيف يمكن أن تُغيّر إدارة ترامب تفويض المينورسو ووظائفها العملانية أو تحدّ منها، من دون إحداث خلل في التوازن الذي يساهم في الإبقاء على الوضع القائم الراهن”.

المتحدث نفسه، قال إن المغرب لطالما سعى إلى جعل بعثة الأمم المتحدة تقتصر على التفويض العسكري (أي الحفاظ على وقف إطلاق النار) من دون أي إشارة إلى تقرير المصير، في حين أن جبهة البوليساريو ترغب في بقاء البعثة على حالها، لا سيما في ما يتعلق بالدعم الذي تقدّمه من أجل التحضير لإجراء استفتاء حول تقرير المصير، ومهامها الإضافية المتمثلة بوضع تقارير عن التطورات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في الصحراء الغربية، لا سيما حقوق الإنسان. وخلص روسولييه إلى أن من شأن أي تغيير في الوضع القائم أن يؤدّي إلى رجحان كفة الميزان بسهولة لمصلحة المغرب أو البوليساريو، “وفي جانب مهم، قد يشكّل الحد من إمكانات بعثة المينورسو تهديداً للاستقرار والأمن في المنطقة. على سبيل المثال، قد يقرر المغرب زيادة إنفاقه الدفاعي ووجوده الأمني في “الصحراء الغربية”، الأمر الذي من شأنه أن يؤدّي إلى تصعيد خطير من الجانبَين. هذا فضلاً عن أن خفض التمويل للبعثة يؤدّي، أيضا، إلى تراجع الاستثمارات في التنمية المحلية. وهذا يتعارض مع التزام إدارة ترامب، عن طريق “استراتيجية إفريقيا الجديدة”، باستخدام أموال المساعدات بطريقة أكثر فعالية، ومع اهتمام بولتون المعلَن بوقف هدر الموارد على إطالة أمد نزاعات مجمّدة إلى ما لا نهاية، وتحويلها نحو التنمية الاقتصادية”.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي