تقرير أمريكي: اقتصاد المغرب هش.. ومن الصعب أن يصبح قوة إقليمية

16 يناير 2019 - 00:00

رغم احتلاله لرتب متقدمة كوجهة للاستثمار في أفريقيا عام 2017، يواجه المغرب تحديات كبيرة خلال السنوات المقبلة ستحول دون جعله قوة إقليمية رئيسية. هذا ما أبرزه تقرير حديث للموقع الأمريكي Global Risk Insights، المتخصص في تحليل السياسات الاقتصادية والسياسية.

وأبرز التقرير أن المغرب يعتمد في توقعات نموه على شراكاته العالمية القوية، فالمغرب مستمر في تنمية علاقاته القوية مع الدول الأوروبية التي تعتمد على المملكة لدورها الحاسم في قضايا الهجرة ومكافحة الإرهاب. كما يتمتع المغرب بغنى ثرة الفوسفاط التي تعتبر من بين الأغنى في العالم، وهي المورد الطبيعي الذي تعتمد عليه أوربا بشكل كبير في قطاعها الفلاحي.

ونطالع في التقرير أن اجتماعا عقد في الرباط شتنبر الماضي، قال فيه مفوض الاتحاد الأوربي جون كلود جونكر، « بالنسبة للاتحاد الأوروبي، المغرب شريك استراتيجي رئيسي في شمال أفريقيا والقارة بأكملها، نحن نتقاسم العديد من التحديات والفرص المشتركة ».

لهذه الغاية، استلم المغرب منحة 160 مليون دولار من الاتحاد الأوربي أكتوبر الماضي للحد من موجة الهجرة التي اجتاحت أوربا عبر سبتة ومليلية المحتلتين على الساحل الشمالي للمغرب، بنسبة زيادة مهمة عن السنة الماضية قدرت بـ20 مليون دولار. وأبرز التقرير الأمريكي أن قضية الصحراء تشكل أيضا محركا قويا للعلاقات المغربية الأوربية.

وفي الوقت الذي يعتمد فيه المغرب بشكل كبير على التمويل والاستثمار الأوربيين، فقد عمد خلال السنوات الأخيرة إلى تخفيف الاعتماد بشكل كلي على السوق الأوربية، لحماية نفسه من الصدمات الناتجة عن تغيرات هذا السوق، عبر الاعتماد على تبني أجندة أفريقية للهجرة، مما أعاد تنشيط وجود المملكة في القارة السمراء، وأصبح معها المغرب ثاني أكبر مستثمر إفريقي في القارة.

وعرج التقرير على الاتفاقيات الموقعة في هذا الصدد بين المغرب وشركائه الأفارقة في مارس من عام 2017، إذ وقع الملك 80 اتفاقية ثنائية في مجال التجارة والاستثمار مع دول أفريقية كمالي وغينيا والغابون وساحل العاج.

وأبرز ذات المصدر، أن المغرب سعى خلال الفترة الأخيرة إلى توسيع علاقاته التجارية بعيدا عن شركائه الاقتصاديين من خلال الانفتاح على الصين، وأصبح المستثمرون الصينيون يتدفقون على المغرب بشكل متزايد للاستفادة من اتفاقيات المغرب التجارية الحرة مع أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، نظرا للاستقرار الذي يتمتع به المغرب، وهو ما يشجع الشركات الصينية للاستثمار فيه.

كما ارتفعت أيضا نسبة السياحة الصينية بسبب رفع القيود على التأشيرة، كما توج التعاون بين البلدين بعقد اتفاقية مع المجموعة الصينية هايتي لإنجاز مدينة صناعية لنحو 300 ألف مغربي، إلا أن الاتفاقية لم تؤت ثمارها، وهو ما يبشر بعقبات هيكلية تحول دون تحقيق النمو الاقتصادي السريع.

وفي هذا الصدد، عمد التقرير إلى سرد عدد من التحديات التي تواجه الاقتصاد المغربي، مبرزا أنه رغم كل التحركات السالفة التي قام بها المغرب، إلا أن النمو الاقتصادي المغربي يبقى ضعيفا وهشا. « وهو ما أشار له البنك الدولي في أبريل الماضي، نظرا لغياب إصلاحات هيكلية أكثر حسما، وبالتالي من المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي ».

ولمنع المناخ الاقتصادي الهش من التدهور أكثر، أوصى التقرير الدولي بضرورة إعطاء الأولوية للنمو الشامل وخفض معدلات الضريبة على الشركات، وتحسين إدارة الاستثمارات العامة، ودعم الضرائب المدفوعة عن طريق المهن الحرة.

واستشهد التقرير بما أشار إليه نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فريد بلحاج، الذي قال في غشت المنصرم: « على مر سنوات، كانت هنالك جهود جادة فيما يتعلق بالإصلاحات والبنيات التحتية، لهذا أرى أن المغرب له الكثير من الإمكانات، لكن هناك مغرب آخر يواجه صعوبات هائلة، وهي إعادة توزيع الموارد والتماسك الاجتماعي، هناك شيء مزعج بعض الشيء: توجد الكثير من الإمكانيات والإنجازات التي تجعل من المغرب استثناء إقليميا، ولكن هناك أيضا بعض الهفوات ». مردفا « ستكون الإصلاحات الاقتصادية الداخلية الجوهرية خطوة حاسمة في تحقيق استقرار الاقتصاد وتمكين التنمية الشاملة ».

واعتبر تقرير « كلوبال ريسك » أنه رغم الإنفاق الكبير الذي وصفه بـ »المبهرج » على بعض مشاريع البنيات التحتية، مثل صفقات القطارات السريعة وتأسيس مدن جديدة، « فإن العديد من احتياجات النيات التحتية والتنمية في جميع أنحاء البلاد لا يتم الوفاء بها، وهو ما يستدعي من حكومة المملكة العمل على معالجة هذه الشقوق المحرجة، والتهديدات التي تلوح في الأفق إذا أرادت الاستمرار في مسار النمو التصاعدي ».

علاوة على هذه الفوارق الاقتصادية، يواجه المغرب أيضا تحديات على مستوى تغير المناخ، إذ توقع معهد « بروكينغر » أن تغير المناخ سيؤدي إلى ارتفاع متوسط درجة الحرارة في جميع أنحاء منطقة شمال إفريقيا بمقدار 3 درجات بحلول عام 2050. وفي الواقع، « على الرغم من أن معدلات هطول الأمطار من المتوقع أن تنخفض بنسبة 10في المائة، فإن الطلب على المياه سيستمر في الارتفاع بشكل كبير. سيكون لهذا تأثير هائل على قطاع الزراعة، مما يستدعي الحاجة إلى تنويع الاقتصاد المغربي وتحديثه بشكل أكبر ».

وأبرز التقرير أن المغرب بشكل عام يعاني من نمو بطيء مع تسجيله لانخفاض طفيف على مستوى الدين الخارجي، ما قد يمكنه من مواجهة بعض التحديات على المستوى المتوسط، إلا أنه لا زال أمامه الكثير للقيام به، خاصة على المستوى القطاعات الاقتصادية والاجتماعية الرئيسية، بما في ذلك علاج مشاكل الفئات السكانية المهمشة والفقيرة، والتغلب على سياسات الفساد وتجاوز الطرق التقليدية، علاوة على علاج المشاكل الداخلية التي تعتبر حاسمة في تحديد إذا ما كان المغرب بالفعل سيتمكن من أن يصبح قوة إقليمية على مستوى النمو والتق

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

عيد الجوهري منذ 5 سنوات

التعليم و سياسة التيليكوموند هما السبب

التالي