الزهاري: الحكم على بوعشرين يؤكد توظيف القضاء في تصفية الحسابات

17 يناير 2019 - 23:00

محمد زهاري: الرئيس السابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان*

كيف تعرفت إلى توفيق بوعشرين؟

تعرفت على توفيق بوعشرين كصحافي بيومية المساء، وكنت أجد نفسي مضطرا عندما تتاح لي فرصة للاطلاع على هذه اليومية أن أقرأ ما كان يكتبه توفيق. ثم من خلال تجربته بالجريدة الأخرى، ازداد اهتماماتي بما ينشر ويكتب من خلال تجربة يومية “أخبار اليوم”. التقينا في محطات فكرية وثقافية قليلة جدا، رغم معرفتنا ببعضنا البعض، سعدت كثيرا عندما سير الندوة الفكرية التي نظمتها جمعية “الحرية الآن” خلال يوليوز 2016 بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بمناسبة مرور خمس سنوات على دستور 2011، وكنت أحد المتدخلين إلى جانب الأستاذين محمد مدني وعبد العزيز النويضي وآخرين.

كيف تجد تجربته الصحافية؟

تبقى تجربة توفيق الصحافية متميزة، فهو يمتلك ثقافة قانونية وسياسية واسعتين، إضافة إلى علاقاته المتعددة مع مصادر متنوعة للخبر، كل هذا أهله ليبدع في ما يكتب بأسلوب يتضمن التحليل المباشر، واستعمال أسلوب الترميز أحيانا أخرى. فتجده يتناول قضايا مهمة تهم الشأن العام وتدبير السياسات العمومية بأسلوب صحفي يعتمد السرد الحكائي المنطقي، يحلل ويصدر المواقف، وينطلق من الفرضيات، ويصوغ المسلمات، ينتقي بدقة المواضيع.

لكنني أؤاخذه على عدم تعامله أحيانا بموضوعية مع بعض المفكرين والباحثين والجمعيات ومنها الحقوقية على وجه الخصوص، ما زلت أحتفظ بذاكرتي بحدث أثر في كثيرا عندما غطت جريدة “أخبار اليوم” أول ندوة فكرية وطنية نظمتها العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان أواخر شهر شتنبر 2011 بقاعة با حنيني بالرباط، بعد أن تحملت رئاسة العصبة لمدة تزيد عن شهرين، حول موضوع: “دور الحركة الحقوقية بعد دستور 2011″، وحضرها رؤساء للجمعيات الحقوقية (خديجة الرياضي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان- ادريس بولعيد، نائب رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان- مصطفى المانوزي، رئيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف – المصطفى الرميد، رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان- عبد العزيز النويضي، رئيس جمعية عدالة – محمد النوحي، رئيس الهيئة المغربية لحقوق الإنسان)، وشملت التغطية مداخلات كل الحاضرين إلا مداخلة رئيس العصبة، ولم تشر الجريدة إلى الجهة المنظمة مطلقا، واكتفى معد المادة بخبر “تم تنظيم ندوة بمدينة الرباط حول …..”، واتصلت بتوفيق هاتفيا فأجابني بطريقة غريبة: “ما مساليش”، وبعدها حاولت الاتصال به دون إجابة، وأظن أن يومية “أخبار اليوم” لم يسبق لها خلال المرحلة التي توليت فيها الرئاسة نشر بيانات وبلاغات العصبة إلا مرة أو مرتين وبطريقة مبتورة، لتعزيز رأي كانت الجريدة تتبناه وتدافع عنه.

أردت استحضار هذا الحدث دون أن أضمر لتوفيق حقدا أو ضغينة، فقد استجبت بكل تلقائية لدعوة تأسيس لجنة الحقيقة والعدالة في قضية الصحفي توفيق بوعشرين، وانخرطت وما زلت في الدفاع عن حقه في التمتع بشروط وضمانات المحاكمة العادلة، وهو الموقف النابع من قناعاتي الحقوقية الكونية.

كيف تنظر إلى اعتقاله والحكم الابتدائي الصادر في حقه؟

سبق لي أن عبرت عن هذا الرأي، وأؤكد من جديد أن مناهضي الخط التحريري للجريدة ولموقع “اليوم 24” استهدفوا سمعة المجموعة والطاقم الصحفي المشتغل بها من طرف منابر إعلامية، مقدمين أن “المتهم” صحفي والضحايا المصرحات أو “المشتكيات” صحفيات كذلك لخلط الأوراق، من أجل إبعاد التضامن مع السيد توفيق بوعشرين، وإبعاد الملف عن دائرة حرية الرأي والتعبير، لكن الأمر في اعتقادي الشخصي هو غير ذلك، فالمستهدف الأول من القضية هو حرية الرأي والتعبير، والإجهاز على كل الأصوات المعارضة والمنتقدة والفاضحة لما جري ويجري ويعد له.

فالحكم الابتدائي اعتبرته مباشرة بعد صدوره ظالما وقاسيا، ويؤكد توظيف القضاء في تصفية الحسابات مع الذين ينتقدون السلطات العمومية ويكشفون عن أخطائها وفضائحها، وأتمنى أن تبطل غرفة الجنايات الاستئنافية هذا الحكم الذي صدر رغم تسجيل لجنة الحقيقة والعدالة ومنظمات حقوقية وطنية ودولية لخروقات سافرة شابت هذه المتابعة، منذ الإعلان عن الاعتقال إلى صدور الحكومة، خروقات طالت الدعوى العمومية على مستوى الشكل والمضمون تجعل من المتابعة باطلة أصلا.

 

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي