القصة الكاملة للمصريين التسعة المعدومين

26 فبراير 2019 - 06:02

على بعد أقل من أسبوع من تنفيذ عقوبة الإعدام في حق ستة متهمين في مصر، على خلفية ما عرف بـ »أحداث كرداسة » و »قتل ابن المستشار »، عمدت السلطات المصرية مجددا على إعدام تسعة مصريين متهمين في قضية اغتيال النائب العام السابق هشام بركات، برغم مناشدات منظمات حقوقية دولية أبرزها منظمة العفو الدولية، التي وصفت الحكم في تغريدة لها على تويتر  بالقاسي واللاإنساني،  مطالبة السلطات المصرية بوقف عمليات الإعدام والإعلان الفوري عن توقيف أحكام العقوبة، التي جرت أطوارها داخل سجن استئناف القاهرة. العقوبة طالت هذه المرة الأسماء التالية: أحمد طه نجل محمد طه وهدان، عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين، يبلغ من العمر 30 سنة، مهندس مدني، وأحمد جمال حجازي،21 سنة، طالب بكلية العلوم جامعة الأزهر، ومحمود الأحمدي، طالب في جامعة الأزهر كلية اللغات والترجمة، وأبوبكر السيد، وعبدالرحمان سليمان، وأبو أحمد، وأحمد محمد، وإسلام محمد، بالإضافة إلى أحمد محروس سيد، 25 سنة، طالب بكلية الهندسة بجامعة الأزهر، شعبة الإلكترونيات والاتصالات

« اعتراف تحت التعذيب »

قبيل ملاقاتهم لمصير الإعدام اعترف عدد من المحكومين بتعرضهم للتعذيب والتهديد بالاغتصاب من أجل انتزاع اعترافهم بالضلوع في جريمة لم يرتكبوها، كما ورد على لسانهم على أشرطة فيديو مصورة تعود لهم، وفي هذا الصدد قال القاسم يوسف، أحد الشباب الذي طالهم الحكم، وهو طالب في جامعة الأزهر، مخاطبا المحكمة إنه كان معصوب العينين ومعلقا بأحد الأبواب لسبع ساعات متواصلة، إضافة إلى تعرضه للصعق الكهربائي في أماكن حساسة من جسده، وذلك من أجل انتزاع اعترافات منه.  من جهته، وفي فيديو له لقي انتشارا واسعا في الفضاء الأزرق، قال محمود الأحمدي، أحد المعدومين في المحكمة، مخاطبا القاضي أنه تعرض للتحقيق لمدة 20 ساعة دون توقف ودون نوم، مؤكدا أن ما جاء على لسانه من اعترافات فيما يخص ضلوعه في جريمة الاغتيال جاءت تحت طائلة التعذيب الكهربائي، وقال في هذا الصدد، مخاطبا القاضي  « أعطيني صاعقا كهربائيا وأجلسني مع أي شخص تختاره في القاعة وسأجعله يعترف بأنه هو من قتل أنور السادات »، وأردف قائلا: « لدينا كهرباء تكفي مصر لمدة 20 عاما ».

مواقف رسمية

أصدر الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام بيانا مشتركا مع شبكة المحامين والمحاميات ضد عقوبة الإعدام، يستنكر فيه ما أقدمت عليه السلطات المصرية في حق فريق من المحكومين « في تجاهل تام لنداءات منظمات حقوقية وإنسانية حاولت ثني مصر تصميمها قتلهم الجماعي باسم القانون والقضاء، وبأيام قليلة قبل إطلاق المؤتمر العالمي السابع للائتلاف الدولي لإلغاء عقوبة الإعدام ببروكسيل. واعتبر البيان المشترك أنه من العبث تقديس عقوبة الإعدام، على اعتبار أنه مناقض لحقوق الإنسان وفيه كراهية للحق في الحياة « لا يسمح لا للدولة ولا لسلطاتها ولا لقضائها أن تباشره انتقاما من المذنب وتصفية له ». واعتبرت النهضة التونسية أن تنفيذ الإعدامات في مصر يعكس استخدام القضاء في مواجهة الخصوم السياسيين، موضحة أن « تنفيذ أحكام الإعدام تعكس الإيغال في استعمال القضاء لمواجهة الخصوم السياسيين ». من جهته، وفي مقابلة تلفزيونية معه استنكر الرئيس التركي، طيب رجب أردوغان، سياسة الإعدامات التي تنهجها مصر، واصفا إياها بالجريمة ضد الإنسانية « وأن السيسي أعدم منذ توليه السلطة 42 شخصا ».  بدورها، أدانت جماعة الإخوان المسلمين في بيان لها أحكام الإعدام محملة السلطات المصرية مسؤولية استباحة « الدماء البريئة » والحال الذي آلت إليه مصر « وما تشهده من تدن في شتى المجالات ».

 « هشتاغات » تطالب بإلغاء العقوبة

مباشرة بعد تداول خبر الإعدام، اجتاحت موجة غضب مواقع التواصل الاجتماعي، عبر إطلاق « هشتاغات » وتدوينات منددة ورافضة لما أقدمت عليه السلطات المصرية في حق المصريين التسعة. الأمر لم يتوقف عند شخصيات عادية، بل دخلت على الخط شخصيات حقوقية وإعلامية وسياسية مصرية طالبت بتوقيف « مجزرة الإعدامات »، ليتصدر وسم « لا لتنفيذ الإعدامات ». وفي السياق ذاته، كتب المفكر العربي عزمي بشارة « إعدام النظام تسعة شباب مصريين هو جريمة قتل سياسية، تفوق جريمة قتل النائب العام. ستصبح هذه الجريمة علامة فارقة في تاريخه، أولا لفداحتها وبشاعتها، وثانيا، لأنها لم ترتكب انتقاما أو للاقتصاص، بل في استغلال بارد لجريمة قتل النائب العام، باعتبارها فرصةً لصياغة صورة رادعة وصارمة للنظام ».

السيسي: « لا نتدخل في القضاء »

يذكر أن النائب العام السابق هشام بركات جرى اغتياله في تفجير استهدف موكبه في القاهرة يونيو من عام 2015، وكانت جماعة الإخوان المسلمين قد خرجت حينها ببيان رسمي تنفي فيه ضلوعها في التفجير. وكانت السلطات المصرية اتهمت حينها جماعة الإخوان المسلمين، التي تصنف جماعة إرهابية، بالضلوع في جريمة الاغتيال بالتعاون مع حركة المقاومة الفلسطينية حماس، وهو ما ردت عليه الجماعة حينها ببيان تنفي فيه كل التهم الموجهة إليها، نافية أي صلة لها بالحادث. وفي تعليق له عن الحكم قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إنه « لا يستطيع أحد التدخل في عمل القضاء واستقلاله، وإن بلاده تدعم مختلف الهيئات القضائية باعتبار أن سيادة القانون هي أساس الحكم »، على حد قوله.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي