بعد الأمن الوطني، أقرّت الحكومة والمجلس الوزاري تغييرات جديدة في أجور وتعويضات العسكر، علاوة على الرفع من قيمة مصاريف التغذية (مجانا)، وكذا تعويضات التنقل لأفرد الجيش والدرك، في خطوة يبدو أن الهدف منها تحسين الوضع الاجتماعي للجنود بمختلف رتبهم.
ولم تنشر في الجريدة الرسمية بعد المراسيم التي تضمنت هذه القرارات، والتي صادق عليها المجلس الحكومي والمجلس الوزاري على التوالي يوم 4 يونيو الماضي.
وقال خالد يايموت، أستاذ العلوم السياسية، إن النهوض بالأوضاع الاجتماعية للعسكريين والأمنيين يعكس « وجود اهتمام ملكي بهذه المؤسسات، وينطوي على رغبة في تمتين وتعزيز وتقوية المؤسسات الصلبة للنظام السياسي، وهما الجهازان العسكري والأمني »، واعتبر يايموت أن هذا « الاهتمام يعود إلى تطور الحياة العامة، وارتفاع تكلفة المعيشة، لكن يبدو أن المرحلة التي تلت الربيع العربي فرضت على النظام السياسي الاهتمام أكثر بالتموقع الاجتماعي لأفراد الأجهزة الأمنية والعسكرية ».
لكن على خلاف مرسوم الأمن الوطني الذي صدر في الجريدة الرسمية الأسبوع الماضي، الذي عدّل في قيمة التعويضات (المهام، الأخطار والأعباء)، وإدماج التعويض عن السكن في قيمة الأجر الشهري، وما إلى ذلك من انعكاس إيجابي على قيمة التقاعد، لا يبدو أن الجيش اعتمد المنهجية عينها في إعداد المراسيم الجديدة الخاصة به، والتي صادق عليها المجلس الوزاري، ويتعلق الأول منها بتحديد مرتبات العسكريين المتقاضين أجرة شهرية التابعين للقوات المسلحة الملكية، فيما يتعلق الثاني منها بتحديد نظام أجور وتغذية ومصاريف تنقل العسكريين بالقوات المسلحة الملكية المتقاضين أجرة تصاعدية خاصة، وكذا قواعد الإدارة والمحاسبة المتعلقة بذلك.
وكشفت مصادر مطلعة لـ »أخبار اليوم » أن المرسوم الأول المتعلق بتحديد مرتبات العسكريين المتقاضين أجرة شهرية، والتي صادق عليها المجلس الوزاري، تضمن نوعين من التعويضات: الأولى تقرر الرفع من التعويض عن « التكاليف العسكرية »، وتصل في الحد الأقصى بين 3 آلاف درهم لفائدة كولونيل (الرتبة الاستثنائية)، و1000 درهم للجندي في درجة « عريف أول » الرتبة الأولى. ويستثنى من الزيادات في تعويضات « التكاليف العسكرية » العسكريون في درجة « كولونيل ماجور »، الذين يحصلون على تعويضات ومنافع تساوي ما يحصل كاتب الدولة في الحكومة، كما استثني العسكريون في درجة جنرال بمختلف رتبهم الذين يحصلون على تعويضات ومنافع بدرجة وزير).
أما التعويض الثاني، فهو عبارة عن منحة جديدة للعسكريين مقابل الشهادات والدبلومات المهنية التي يحصلون سواء من المدارس العسكرية الوطنية، أو المدارس العسكرية الأجنبية لكن بقرار من المكتب الثالث بهيئة الأركان العامة للجيش، وتتراوح تلك التعويضات، تبعا لنوعية الدبلوم أو الشهادة التي يحصل عليها الضباط والضباط السامون، ما بين 4500 درهم في الحد الأقصى تمنح على ثلاثة أشطر (يوليوز 2019- يناير 2020- يناير 2021)، و1280 درهما في الحد الأدنى توزع بدورها على ثلاثة أشهر.
أما ضباط الصف والعرفاء الأولون، فتتراوح مقدار المنحة تعويضا عن الشهادات والدبلومات ما بين 1200 درهم شهريا في الحد الأعلى تدفع على ثلاثة أشطر، كذلك، و228 درهما في الحد الأدنى موزعة على ثلاثة أشطر كذلك.
وكان القانون العسكري قد أقر نظام الشواهد والدبلومات منذ مطلع التسعينيات في إطار التكوين المستمر للعسكريين بمختلف رتبهم، لكن من دون إقرار تعويضات لهم عن تلك الشواهد والدبلومات، وإن أدرجت ضمن نظام الترقية، حيث إن المرور من درجة عسكرية إلى أخرى، يتطلب الحصول على شهادات ودبلومات عسكرية محددة بدقة في النظام الأساسي للضباط والضباط السامون.
وكان الملك محمد السادس قد كشف عن قرار تحسين الوضع الاجتماعي للعسكريين والدرك الملكي في الأمر اليومي الموجه إلى الجيش الملكي يوم 14 ماي الماضي بمناسبة الذكرى الثالثة والستين لتأسيس الجيش، حيث ورد ما يلي: « أصدرنا تعليماتنا السامية من أجل تحصين مكتسباتكم المادية، وتحسين ظروف عملكم اليومية، ومدكم بكل الوسائل الضرورية، للرفع من معنوياتكم، لتظلوا دائما، تحت قيادتنا الرشيدة، صمام أمن وأمان للوطن، ودرعا حصينا لحماية وحدته وسيادته ومؤسساته ».
وتعتبر الزيادات الحالية (2019) في أجور وتعويضات العسكريين الثالثة من نوعها في عهد الملك محمد السادس، حيث تقررت الأولى في مارس 2001، وجاءت الثانية في سياق الربيع العربي وحركة 20 فبراير، حيث استفاد العسكريون من قرار الرفع في الأجور التي استفاد منها المدنيون، كذلك، (600 درهم)، ثم الثالثة التي تقررت في المجلس الوزاري يوم 4 يونيو 2019 وستُنفذ على مدى سنة ونصف، وتبدو قيمتها أفضل بكثير، مقارنة مع الزيادات المقررة للمدنيين في إطار الحوار الاجتماعي (ماي 2005).
ويلاحظ وجود تركيز من قبل الدولة على النهوض بالأوضاع الاجتماعية للعسكريين والأمنيين والقوات شبه العسكرية مثل القوات المساعدة والوقاية المدنية منذ سنة 2011، ويبدو من خلال المراسيم التي نشرت أن التوجه العام هو الرفع من أجور موظفي هذه المؤسسات الأمنية والعسكرية لتقارب 5000 درهم في الشهر في الحد الأدنى، على غرار رجال ونساء التعليم، لكن يلاحظ وجود اهتمام أكبر بأفراد الأمن الوطني.