حلم الهجرة يدفع شباب سيدي إفني إلى الجحيم

03 يوليو 2019 - 06:00

يلقي مصرع ستة مهاجرين مغاربة غير نظاميين، بينهم سيدتان ورضيع، غرقا، بعد انقلاب قارب قرب ميناء سيدي إفني أثناء محاولتهم العبور نحو جزر الكناري الإسبانية، يوم الخميس الماضي، الضوء على مشكلة التنمية المحلية في الأقاليم الجنوبية للمغرب.

لكن أن يصل الأمر بالشباب الساخطين على تدهور أوضاعهم حد المطالبة علنا بالحصول على الجنسية الإسبانية، فهو أمر جديد. إذ لم يسبق أن كان هناك مواطنون يطالبون بالحصول على هذه الجنسية فقط لأن منطقتهم كانت في الماضي مستعمرة إسبانية. تحقيق لصحيفة « الكونفيدينثيال » نقل شهادات عدة لشبان من سيدي إفني لا يجدون حرجا في الإعلان عن ذلك. أيوب، أحد أبناء المدينة، أوضح في التحقيق قائلا: « يوم التخلي عن مدينة إفني (يقصد يوم استرجاعها من قبل المغرب) نسميه « اليوم الأسود في التاريخ »، لأن المدينة وسكانها سُلموا ضد إرادتهم. الكثير من سكان المدينة يتمنون لو بقيت المدينة إسبانية ». ويشرح التحقيق أن أيوب سبق وأن قضى عقوبة سجنية لمدة 7 شهور إلى جانب 7 شبان آخرين بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات التي عرفتها المدينة سنة 2007.

هذا الشاب الذي ولد فوق هذه الأرض وترعرع فيها ويتكلم لغتها، يشعر أنه إسباني، بل يرى أنه يتقاسم هذا الشعور مع العديد من أبناء المدينة قائلا: « أنا مثل أغلبية سكان المدينة، لكن الكبار يخافون من البوح بذلك. لهذا يجب علينا كشباب النضال من أجلهم ». وتابع قائلا: « لن نتوقف. احتجاجات 2007 شارك فيها 7000 شخص، فيما الاحتجاجات التي قمنا بها سنة 2016 شارك فيها 15 ألف شخص في مدينة يبلغ عدد سكانها 24 ألف نسمة »، في إشارة إلى أن الاحتقان في ارتفاع بين شباب المدينة. وأضاف: « الكثير من الأشخاص هنا يشعرون أنهم إسبان. المغرب يعرف هذا، لهذا نحن منطقة مهمشة. لقد فرضوا علينا عقابا جماعيا كانتقام ».

على غرار الشاب أيوب، تحكي فاطمة عن معاناة بعض زوجات وأرامل الجنود المغاربة من سيدي إفني، الذين اشتغلوا في الجيش الإسباني. غضب هذه السيدة من واقع حال المنطقة جعلها تتهم السلطات الإسبانية بالتخلي عنهم عندما تركتهم وأعادت المدينة للمغرب. لكن ما لا تعرفه هذه السيدة هو أن السيادة وكرامة الانعتاق من نير الاستعمار والحرية لا علاقة لها بجشع السياسيين الذين لم يخدموا مصالح المنطقة. في هذا تقول فاطمة: « أهدوا المنطقة ومن فيها للمغرب، لقد نسونا. لقد تخلوا عنا، لقد تركونا بدون حماية ». واستطردت أنها قامت بكل شيء، خيره وشره، من أجل إعانة أسرتها بعد ما سمته تخلي السلطات الإسبانية عنها، لاسيما وأنها تحمل جنسيتها، في هذا قالت: « كان علي العمل في كل ما أمكن. كان علي القيام بكل شيء؛ أشياء جيدة وأخرى سيئة. لكن كان علي إعانة أسرتي »، زوجها عسكري سابق في الجيش الإسباني، والذي كان خلف 8 أيتام وبدون معاش. وهي تتهم السلطات الإسبانية بحرمانها من معاشها قائلة: « أنا إسبانية. لدي الجنسية الإسبانية. أبي وزوجي اشتغلا في الجيش الإسباني. كما أن زوجي شارك في الحرب بين إسبانيا والمغرب. لماذا تتخلى عني إسبانيا بهذه الطريقة. ما هو الشيء السيئ الذي فعلناه وأي جرم اقترفناه ».

ورغم أن سياق نشر هذه الشهادات يبدو عاديا، عقب مصرع أولئك الشبان غرقا في محاولة للهجرة السرية، إلا أن بعض مصادر « أخبار اليوم » تشير إلى أن بعض وسائل الإعلام الإسبانية، خصوصا تلك المقربة من الاستخبارات أو الجيش، تسعى دوما إلى نفض الغبار عن ذلك الميراث الاستعماري، والبحث له عن روابط محلية بالمغرب، فيما ذلك، ليس في الواقع سوى استغلال لغضب محدود من بعض الإشكالات المتعلقة بالتنمية المحلية، وأيضا استثمار المشاعر المنهارة في مثل هذه الحوادث المأساوية.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي