بعد مرور سنتين على وفاته يوم 4 يوينو 2017، تعيد «أخبار اليوم» خلال هذا الصيف نشر، في حلقات، مجموعة من المقالات التي سبق ونشرها الكاتب الإسباني العالمي خوان غويتيسولو (ازداد سنة 1931) ، في صحيفة «إلباييس» منذ سنة 2000 حول المغرب،ذبشكل خاص، والمغرب الكبير والعالم العالم، عامة.
تأكد أسوأ التوقعات. ما الذي يمكن فعله حيال الكارثة الكبيرة في الشرق الأوسط، وردود الفعل العنيفة المتوقعة في المجتمعات الإسلامية؟ في ظل غطرسة القوة الأمريكية، وعدم كفاءة وفساد الأنظمة العربية، لا يمكننا عرض أي شيء آخر غير لغة العقل. إن شعوب الشرق الأوسط والمغرب الكبير بحاجة ماسة إلى حكومات ديمقراطية، متحررة من الثقل القمعي للتقاليد الرجعية والاستغلال الوهابي للقرآن. لكن الديمقراطية لا تُفرض بالتفجيرات، ولا بسياسات المعايير المزدوجة، والمقاييس التفضيلية بشأن إسرائيل والدول المجاورة لها. لن يكون هناك سلام ممكن دون حل عادل للمأساة الفلسطينية، وفهم أعمق من جانب واشنطن للمجتمعات الإسلامية، ولغز الثقافات والجماعات الإثنية في أكثر مناطق الكوكب تنوعًا وصراعًا. لماذا الحاجة إلى فهم أعمق؟ قبل خوض غمار الحملات الاستعمارية، قامت فرنسا وإنجلترا بدراسة ميدانية واستطلاعية بشأن البلدان التي احتلتاهما، ما سمح لهما عمليًا بمعرفة كل شيء عنها. أما أمريكا جورج بوش، فجلست على عش الدبابير، في جهل تام بعواقب أفعالها، باستثناء الاستفادة الآنية للمصالح النفطية والمجمع الصناعي العسكري، وإمكانات إعادة انتخاب الرئيس.
المشهد الذي نرصده قاتم للغاية. عنفه يولد المزيد من العنف، والدائرة المفرغة التي يحشر فيها شارون إسرائيل تزداد تمددا، بفضل الاستراتيجية المتقاربة لبوش والقاعدة، إلى أمريكا الشمالية ومفوضيها، وكذلك، إلى الأنظمة العربية التي وصفها ابن لادن بالمرتدة. إن الاعتداءات الانتحارية القاتلة ضد المنشآت السكنية والمصالح الغربية في الرياض والدار البيضاء -بما في ذلك بيت إسبانيا بسبب تحالف أثنار، رئيس الحكومة الإسبانية، غير المشروط مع بوش الابن- هي دليل حي على هذا، وما أخشاه هو أنها لن تكون الأخيرة.
إرهاب على إرهاب يولد المزيد من الإرهاب. إن تجارب محاكاة الهجمات بالأسلحة البيولوجية أو النووية في سياتل وغيرها من مدن أمريكا الشمالية تُظهر إرادة إدامة مثل هذه الحالة؛ أي حرب دون حدود زمنية ودون حدود جغرافية (يقصد المناورة الأمنية الأضخم في تاريخ أمريكا، ما بين 14 و19 ماي 2003 بمشاركة 8500 شخص للتدرب على مواجهة احتمال التعرض لاعتداء بالأسلحة البيولوجية). وهكذا يعيش السكان الأمريكيون المهتزون بين الوطنية المفرطة وهوس الإحساس بالخطر المخطط له بعناية. إذ إن وسائل الإعلام ستظل تظهر صورا لملتحين وبرك الدماء، لأن مكتب الدعاية العالمي يحتاج إليها. انعدام الأمن الحقيقي هو أفضل حجة لصالح سياسة قائمة حصرا على الأمن، مثل سياسة بوش.
وكما يقول المثل، فإن العقل هو فارس متوثب ويقظ، لذلك، دعونا نتشبث به لتجنب الانهيار، وعدم الاستسلام للمشاعر التي تغذي دوامة الكراهية والحرب. ينبغي ألا ننظر إلى المسلم أو العربي أو المغربي (المورو) باعتباره خصما، وينبغي ألا نسمح بتحميلنا وزر المواقف الحربية للحكومة (الإسبانية) أو المشاركة الإسبانية السخيفة في احتلال العراق. ألا يكفي ما نعيشه مع الكابوس السرمدي لحركة ETA؟