قواعد اللعبة الاقتصادية مع الأوروبيين تفرض تعديلات ضريبية في المغرب

08 يوليو 2019 - 22:04

يتجه المغرب للتخفيف من التشجيعات الضريبية التي يقدمها للأجانب، وذلك في ما يمكن أن يدخل في إطار توافقات بين الرباط والاتحاد الأوروبي، إذ أصرت بروكسيل على أن يعمل المغرب على التخفيف من هذه المحفزات التي تؤدي في النهاية إلى جعل البلاد ملاذا ضريبيا لرؤوس الأموال. ويتطلع شركاء المغرب الأوروبيين إلى أن تباشر الرباط إصلاحات في التشجيعات الضريبية في المدينة المالية للدار البيضاء، وأيضا في مناطق التجارة الحرة الأخرى.

وتأتي التحركات الحديدة بعدما قام الاتحاد الأوروبي في مارس الماضي بتحديث لائحة الدول التي تعتبر ملاذا ضريبيا، والتي تم فيها الاحتفاظ بالمغرب في اللائحة الرمادية، وهو تصنيف تم بعد تقديم الحكومة المغربية وعودا للقيام بإجراءات تعديلية، فيما تم تصنيف دول أخرى في لائحة سوداء، تتيح قوانينها الجبائية فرص التهرب الضريبي.

ويرى الخبير الاقتصادي المهدي فقير، بأن ما يجري في الحقيقة هو أن الاتحاد الأوروبي طلب من المغرب أن يقوم بما يتوجب من تعديلات حتى لا يبقى في اللائحة الرمادية، والتي يصنفها الاتحاد دولا غير متعاونة أو ذات تعاون محدود في المجال الضريبي، لذلك يمكن اعتبار المغرب في وضع يتطلب إعادة النظر فيه، لأن اللائحة التي يتحدث عنها المتحدث ذاته، تكون دولها تتوفر على أنظمة جبائية غير متوازنة، والتي تعمل، حسب فقير، بتوفير تحفيزات مثيرة ذات طابع مادي، كالترويج لنفسها بأنها دول تستقطب رؤوس الأموال للترويج الاقتصادي وتشجيعا على ذلك، تكون الرسوم الجبائية ضعيفة إلى درجة تشبيهها أحيانا بالإعفاء الضريبي، ما يجعل هذه الدول جنات ضريبية حقيقية.

ويضيف فقير بأن المغرب كان يتوفر على الشركات من نوع الأوفشور التي تم إلغاؤها بموجب القانون المالي للعام الجاري، ويتعلق هنا بشركات أوفشور مالية وليست صناعية، ويشدد الخبير الاقتصادي في هذا السياق بأن هناك فرقا بين الإعفاءات الضريبية على رؤوس الأموال، والتي تخلق منافسة غير متوازنة، وبين الإعفاءات الضريبية في المجال الصناعي مثلا، إذ يشدد في هذا السياق بأنه ما من عيب في استقطاب مستثمرين إلى الداخل المغربي وإغرائهم بإعفاءات ضريبية مقابل الدخول في شراكات واستثمارات صناعية، لأن الأمر هنا يتعلق، حسب فقير دائما، بتحفيزات اقتصادية بحتة، وهو أمر يمكن الدفاع عنه، إلا أن الإعفاء الضريبي على رؤوس الأموال للعمليات المالية، هو ما يخلق مشاكل مع الشركاء. ويشدد فقير على وجوب توضيح الأمور للرأي العام، وعدم الترويج لما يعتبره مغالطات من قبيل « رضوخ المغرب لضغوطات الأوروبيين »، معتبرا أن كل ما في الأمر أن هناك قواعد لعبة اقتصادية يجب الالتزام بها، وإلا فإن الشركاء بإمكانهم صرف النظر عن المغرب والتحول إلا بديل يلتزم بقواعد متعارف عليها بين الشركاء، ويعتبر المتحدث ذاته أن جعل السياسة الجبائية أكثر توازنا يصب في نهاية المطاف في مصلحة المغرب، وبالتالي، فإن الحديث عن ضغوطات يبقى توصيفا غير دقيق بالمرة.

ونقلت وكالة « رويترز » تصريحا للمدير العام للقطب المالي للدار البيضاء سعيد الإبراهيمي، يقول فيه إنه ابتداءً من العام المقبل، سيتم فرض ضرائب على أنشطة التصدير للشركات، مشيرا في الوقت عينه إلى ما اعتبره « ضغوطا » من الاتحاد الأوروبي على المغرب لمواءمة نظامه الضريبي مع معايير بروكسيل، وهو ما قال عنه الإبراهيمي إنه يأتي وسط منافسة شرسة على السوق الإفريقية مع مراكز أخرى في الدول الأوروبية. وبالعودة إلى القطب المالي للدار البيضاء، فإن هناك طموحا مغربيا إلى أن يصبح القطب مركزاً مالياً يخدم تطلعات الشركات التي تريد القيام بأنشطة أعمال في القارة السمراء. وهو ما انطلق المغرب في تطويره منذ 2010، أملا في أن يصبح مركزًا للقطاع المصرفي في إفريقيا، وهو ما تمكن من إزاحة قطب جوهانسبورغ الجنوب الإفريقي من على رأس المراكز المالية الأكثر جاذبية قاريا في تصنيف المؤشر العالمي 
للمراكز المالية لعام 2019.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي