بعد مرور سنتين على وفاته يوم 4 يوينو 2017، تعيد «أخبار اليوم» خلال هذا الصيف نشر، في حلقات، مجموعة من المقالات التي سبق ونشرها الكاتب الإسباني العالمي خوان غويتيسولو (ازداد سنة 1931) ، في صحيفة «إلباييس» منذ سنة 2000 حول المغرب، بشكل خاص، والمغرب الكبير والعالم العالم، عامة.
اليوم، ينتشر الإعجاب بفريق بيبي غوارديولا (مدرب البارصا سابقا) من الشمال إلى الجنوب. وقد انتبه مقال في الصحيفة المستقلة والناقدة «نيشان» إلى هذا العشق الجماعي لبرشلونة. رسوم «عاشت البارصا» تزين الكثير من الجدران وأسوار المدينة. فحتى شعار برشلونة يظهر في السيارات والشاحنات والعربات وسيارات الأجرة والحافلات والدراجات الهوائية والنارية، وفي الزجاج الأمامي والمقطورات. وفي المرآة الخلفية الداخلية للسيارات، جنبا إلى جنب مع اسم الله ويد فاطمة (خميسة باللغة العربية وتافوست بالأمازيغية). الحاملون وماسحو الأحذية مثلهم مثل الأطفال الرياضيين وتلاميذ الإعدادي يرتدون قمصان البارصا مع اسم اللاعب المفضل لديهم.
يوم نهائي عصبة الأبطال الأوروبية 27 ماي 2009، بين فريقي برشلونة ومانشستر يونايتد الإنجليزي، كانت الطريق التي تمتد من الحي الذي أقيم فيه إلى ساحة جامع الفنا أشبه بحافلة نقل عمومية في أوقات الذروة. كان الراجلون المكدسون في الطريق يتابعون مجانا المباراة قبالة متاجر بيع الأجهزة المنزلية التي تعلق تلفازات على الهواء متصلة بملعب الأليمبيكو محتضن اللقاء بروما، فيما الأشخاص الذين يتوفرون على بعض الدراهم يصطفون في المقاهي التي تنقل المباراة، أو يملؤون قاعات السينما حيث تنصب شاشة كبيرة.
كنت أتابع طريقي إلى شرفة المقهى الذي أواظب على الجلوس فيه لكي أتأكد من أنه ليس مملوءا عن آخره، قبل أن أتخذ لي مقعدا لقراءة الصحف، في مشهد أشبه بذلك الذي حدث معي عندما أُخبرت بزيارة رئيس الحكومة الإسبانية السابق، خوسي ماريا أثنار، للمدينة (مراكش)، حيث حشرت أنفي في صفحات الجرائد، فيما توقفت الحاشية الصغيرة التي كانت ترافقه على بعد أمتار قليلة مني، وسمعت المرشد يخبر الموكب بأنني أتردد في تلك الساعات على تلك الشرفة (الحركة السريعة التي قمت بها بالاختباء وراء الصفحات أنقذتني من أن تلتقط لي صورة مع كومبارس ثلاثي حرب العراق -أزنار وبوش وتوني بلير- وغازي جزيرة ليلى). بعدها انصرف الموكب، وتابعت قراءتي بابتسامة عريضة.
رغم قلتنا، مغاربة وأجانب، في ذلك المقهى، لم نبد أي اهتمام بنهائي كأس عصبة الأبطال الأوروبية، لكننا كنا نسمع أن المقابلة تسير على إيقاع الفرح والانتشاء بهدفي برشلونة. بعد انتهاء المباراة، عبَّر الشباب عن ابتهاجهم بانتصار البارصا في مسيرة صغيرة مع الكثير من الضجيج. ووفق ما أُخبرت به لاحقا، فإن أصوات منبهات السيارات والاحتفالات الجماعية استمرت حتى الصباح في شوارع وأزقة وسط وضواحي مدينة مراكش كما الرباط وطنجة والدار البيضاء. ليس هناك أي سابق إنذار أو دعوة إلى الاحتفاء، فكل الصخب كان تلقائيا في كبريات المدن. وقد توجه أبناي، من كثرة الفرحة والتأثر، إلى ملعب في ضواحي المدينة لإجراء مقابلة مع رفاقهما احتفاء بفوز البارصا.
وأنا أكتب هذه السطور، أتذكر فتاة في سن العشرين سألها أحد الصحافيين في إحدى القنوات العربية عن المرشح الذي ستصوت له في الانتخابات البلدية يوم 12 يونيو 2009، فأجابته بكل عفوية: «أنا؟ لصالح البارصا».