غويتيسولو بالعربي.. وصفة الحد من الوحشية -الحلقة26

09 أغسطس 2019 - 22:20

بعد مرور سنتين على وفاته يوم 4 يوينو 2017، تعيد «أخبار اليوم» خلال هذا الصيف نشر، في حلقات، مجموعة من المقالات التي سبق ونشرها الكاتب الإسباني العالمي خوان غويتيسولو (ازداد سنة 1931) ، في صحيفة «إلباييس» منذ سنة 2000 حول المغرب، بشكل خاص، والمغرب الكبير والعالم العالم، عامة. 

1 – بعد المجزرة الأخيرة في حق المتظاهرين الأكراد في أنقرة، وانفجار الطائرة الروسية في صحراء سيناء، والهجوم الدموي على مسجد شيعي ببيروت، والذي يعتبر مركزا للتجنيد من لدن عناصر حزب لله، والتهديدات الموجهة إلى الغرب، خاصة في ظل تضاعف تلك التي تستهدف الدولة الفرنسية، لم تفاجئني كثيرا الهجمات الوحشية التي قام بها تنظيم الدولة الإسلامية في قلب العاصمة الفرنسية باريس (13 نونبر 2015)، بل الذي فاجأني، بالتأكيد، هو التخطيط وتنفيذ الهجمات المختلفة بشكل جلي عن تلك التي تقوم بها «الذئاب المنفردة» التي قامت بالاعتداء على هيئة تحرير «شارل إيبدو»، ومركز تسوق يهودي في يناير الماضي (2015)، إذ اتضح أن الهجمات الأخيرة من تدبير منظمة إرهابية حربية، وهو الأمر الذي يعتبر بمثابة قفزة نوعية في الاستراتيجية الحربية لما يسمى الخلافة الإسلامية.

2 – رد الفعل العسكري المتوقع لفرنسا وحلفائها ضد تنظيم الدولة الإسلامية هو جزء من مخططات هذا الأخير، لأنها سوف تغذي دعايته ضد الصليبيين ووعوده لشهدائه المفترضين بالجنة. دون تدخل عسكري على الأرض -لا توجد أي دولة غربية على استعداد الآن للقيام به- فإن القصف الجوي في العراق والشام لم يتمكن إلى حد الآن من إلحاق هزيمة كبيرة بالجهاديين. في العامين الأخيرين، تعقد الوضع في سوريا إلى درجة أنه تحول إلى متاهة حقيقية؛ الشيعة ضد السنة، لكن، في الوقت نفسه، هناك استراتيجيات متعارضة ومتناقضة للمملكة العربية السعودية وإيران، ودور غامض لتركيا، زد على ذلك التحالفات غير الطبيعية. أنقرة، المتحالفة مع الغرب تحارب الأكراد السوريين حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية. روسيا، الحليف المدافع عن دكتاتور دمشق، تهاجم أعداء الدكتاتور المتحالفين مع الغرب. الصراع الذي اشتعل في العراق وسوريا يشمل الآن شبه الجزيرة العربية. إذ إنه في الوقت الذي تدمر فيه الرياض التراث والإرث التاريخي اليمني بغية محاربة الحوثيين، فهي بذلك تشجع فعلا الفرع الإقليمي لتنظيم القاعدة هناك.

3 – ما حدث في العامين الأخيرين يظهر تناقضات السياسة الخارجية الأمريكية. ومع اضطراره إلى تسيير الوضع الكارثي في العراق الموروث عن عهد بوش، فشل أوباما في التصرف والتحرك بشكل حاسم ضد القمع الدموي لبشار الأسد، في الوقت الذي كان فيه ذلك ممكنا، إلا أنه فضل التوصل إلى اتفاق مع روسيا لإتلاف الأسلحة الكيماوية، متراجعا بذلك عن الخطوط الحمراء المزعومة التي كان قد هدد بها الدكتاتور السوري. لقد أثبتت الوقائع شيئا واحدا؛ بوتين يعرف ما يريد، في المقابل، يعرف أوباما فقط ما لا يريده، لذلك، انجر إلى اتخاذ القرارات التي لا تستجيب لاستراتيجية عالمية.

نشر يوم 16 نونبر 2015

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي