غويتيسولو: حرب عالمية غير متوازنة

15 أغسطس 2019 - 23:40

ما حدث في العامين الأخيرين يظهر تناقضات السياسة الخارجية الأمريكية. ومع اضطراره إلى تسيير الوضع الكارثي في العراق الموروث عن عهد بوش، فشل أوباما في التصرف والتحرك بشكل حاسم ضد القمع الدموي لبشار الأسد، في الوقت الذي كان فيه ذلك ممكنا، إلا أنه فضل التوصل إلى اتفاق مع روسيا لإتلاف الأسلحة الكيماوية، متراجعا بذلك عن الخطوط الحمراء المزعومة التي كان قد هدد بها الدكتاتور السوري. لقد أثبتت الوقائع شيئا واحدا؛ بوتين يعرف ما يريد، في المقابل، يعرف أوباما فقط ما لا يريده، لذلك، انجر إلى اتخاذ القرارات التي لا تستجيب لاستراتيجية عالمية.

4 – العديد من الأشياء التي تحدث الآن في سوريا والعراق مازال يلفها الغموض: من الذي يمول الدولة الإسلامية؟ إلى أين تصدر نفطها؟ ومن يتوسط لها في ذلك؟ لذلك، من الصعب تصديق أن أجهزة الاستخبارات الغربية ليست على علم بكل هذا. هل هناك تمويل سري من السعوديين أنفسهم الذين أسهموا في إنشاء القاعدة؟ ازدواجية اللعب المتبعة من لدن بعض دول الشرق الأوسط توضح اختلاط الأوراق على من يتابعون عن كثب تعدد الصراعات وتلك المواكب المأسوية من الضحايا.

5- أدت سياسة الدولة الإسلامية المبنية على تمجيد «بطولاتها» إلى التأثير في أوساط الشباب الذين يعانون أزمة هوية، والذين يعتقدون أنهم وجدوا في تمجيد الرعب والإرهاب حلا لمشاكلهم. كما أن الصور الوحشية التي تعكسها هجمات باريس الأخيرة تحمل في طياتها إمكانية تغذية الميول والنزعات الانتحارية سواء داخل العالم الإسلامي أو الغرب الأوربي. وإذا كانت مشاهد قطع رؤوس من يزعمون أنهم كفار ومرتدون، وتدمير التراث الثقافي للعراق وسوريا، والوحشية غير المحدودة التي يعانيها السوريون في المناطق التي تسيطر عليها داعش، ولدت، بفعل بشاعتها، الرفض الكوني للمسلمين، وغذت الإسلاموفوبيا، فإن داعش ستستقطب المزيد من الأتباع بين أقلية صغيرة من المسلمين -هم أول ضحايا إرهاب الجهاديين- لكن ذلك سيكون كافيا لتعزيز صفوف داعش بالمزيد من الجلادين. إننا نواجه حربا عالمية تتسم بعدم التوازن؛ من جانب، هناك الدول الغربية الديمقراطية وحلفاؤها العرب، وفي الجانب الآخر، منظمة إرهابية دون جيوش حقيقية، لكنها قادرة على زراعة الرعب في العالم برمته. الرعب الذي عاشته أخيرا باريس هو شيء عادي جدا (بمثابة خبز يومي) في بلد مثل سوريا؛ حيث الملايين من المشردين في البلدان المجاورة، ومئات الآلاف الذين يأتون إلى أوروبا بحثا عن السلام والحرية

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي