قبل عام كامل من اندلاع احتجاجات الربيع العربي، وفي سياق كان يتّسم بمحاولات المغرب تحضير الإطارالسياسي والمؤسساتي للشروع المحتمل في تنفيذ مقترح الحكم الذاتي لإنهاء النزاع حول الصحراء، شكّل الملكمحمد السادس لجنة استشارية وكّلفها بتحضير تصوّر شامل حول كيفية تنزيل نموذج جديد للجهوية الموسعةبالمغرب. وقام الملك بتنصيب هذه اللجنة يوم 3 يناير 2010، جاعلا المستشار الملكي الحالي، عمر عزيمان، رئيسالها. وقال الملك في خطاب تنصيب هذه اللجنة، إن الجهوية الموسعة « ليست مجرّد إجراء تقني أو إداري، بل توجهاحاسما لتطوير وتحديث هياكل الدولة، والنهوض بالتنمية المندمجة« .
انطلقت لجنة عزيمان تخوض نقاشات جهوية مكوكية وموسعة، وتخص قطاعات حكومية ومؤسسات وخبراء بجلساتاستماع، إلى أن خلصت إلى تقريرها النهائي، لتخلص بعد أكثر من عام، إلى تقرير نهائي سوف يتطلّب تنزيلهانتظار سنوات طويلة، خاصة بعدما جاء التعديل الدستوري ليفرض أجندة سياسية وتشريعية غير متوقعة.
لم يكن شكيب بنموسى، الرجل الذي كلّفه الملك حاليا بترؤس لجنة خاصة بإعداد نموذج تنموي جديد، بعيدا عنأشغال لجنة عزيمان الخاصة بالجهوية. فبعد أسابيع قليلة من تكليفه من لدن الملك محمد السادس، بإعداد تصوّرحول كيفية تنزيل الجهوية المتقدمة في أقاليم الصحراء، بادر شكيب بنموسى في مارس 2013، من خلال المجلسالاقتصادي والاجتماعي الذي كان يترأسه، للكشف عن وثيقة جديدة تتضمن توصيات بالشروع في تنفيذ بعضالأفكار والمقترحات التي خلصت إليها لجنة عمر عزيمان حول الجهوية المتقدمة.
وخصّص الرأي الذي أصدره المجلس وخصصه لموضوع الرأسمال البشري باعتباره العامل الحاسم في كيفية تطبيقمشروع الجهوية، وركّزت الوثيقة على بعض المعيقات القانونية والإدارية، خاصة منها تلك النرتبطة بالطابع المتمركزللسلطات، والتي قد تحول دون إنجاح مشروع الجهوية المتقدمة.
فقد صادق المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في إحدى دوراته على رأي يتعلّق بتدبير وتنمية الكفاءاتالبشرية، باعتباره رافعة لنجاح الجهوية المتقدمة. الوثيقة الجديدة التي تبناها أعضاء المجلس بالإجماع، تضمنتتوصيات بالشروع في تطبيق بعض المقترحات التي انتهت إليها اللجنة الاستشارية حول الجهوية، والتي كان قدترأسها المستشار الملكي الحالي عمر عزيمان.
من بين هذه المقترحات، أوصى المجلس بالشروع في تنفيذ فكرة إحداث وكالة لتنفيذ المشاريع في كل جهة، تحتإشراف ومراقبة المجلس الجهوي، تكون مهمتها الرئيسة العمل على تنفيذ المشاريع والبرامج التنموية الجهوية وتقديمالحساب عن ذلك إلى الهيئات المسيرة للجهة. فكرة علّق عليها تقرير مجلس شكيب بنموسى بعبارة: « وهي توصيةصائبة وفي محلها« ، موضحا أن الوضع القانوني لهذه الوكالة بصفتها مؤسسة عمومية، « سيتيح لها استخدام أواجتذاب أفضل الكفاءات البشرية، مما سينعكس على تأهيل وفعالية البنيات الجهوية« .
المجلس الذي كان يترأسه بنموسى أوصى، كذلك، من باب الاحتياط، بتنزيل الفكرة بشكل تجريبي في مرحلة أولى،من خلال إنشاء وكالات لتنفيذ المشاريع في جهة واحدة أو جهتين، « وذلك قبل اتخاذ القرار حسب النتائج المحصلعليها، بشأن تعميم تلك الوكالات على مجموع جهات المملكة من عدمه« . فيما أوصى المجلس بالعمل على توظيف عددمن الأطر عالية المستوى، وإعدادها لممارسة مهمات التدبير والإدارة والتنشيط داخل البنيات الجهوية المستقبلية.