ما تعليقك بخصوص حصول بيدرو سانشيز على ثقة مجلس النواب الإسباني بفارق صوتين فقط، وتشكيل الحكومة الائتلافية المرتقبة بين الحزب الاشتراكي وتحالف « موحدون نستطيع »؟
الحظ وحده من كان وراء تنصيب بيدرو شانشيز، الكاتب العام للحزب الاشتراكي العمالي الإسباني، رئيسا للحكومة الإسبانية الجديدة في عملية التصويت الثانية، والتي ستكون لا محالة يسارية التكوين وتقدمية المضمون، فضلا عن أن ما سيميزها كتحالف، تعدد مكوناتها بمرجعيات يسارية وإيديولوجية متقاربة قد تستجيب لضرورات المرحلة السياسية لمواجهة تحديات أقطاب اليمين واليمين المتطرف الذي يتنامى بشكل خطير، في ضوء هفوات وأخطاء قوى اليسار السابقة. وبما أن حظ سانشيز في تنصيبه رئيسا للحكومة التقدمية اليسارية يعود الفضل فيه للممتنعين الـ18 المنتمين إلى اليسار الجمهوري الكطلاني ولتحالف « بيلدو » الباسكي، ذي النزعة الاستقلالية، فإن باقي أقطاب اليمين واليمين المتطرف، (الحزب الشعبي، سيودادانوس، فوكس وتحالف الكنارس)، كادت حملتهم الشرسة والمنسقة داخل الكونغرس بما ميزها من تهديدات وتشهير وتخوين، أن تعيد سيناريو إفشال عملية تنصيب رئيس الحكومة بهدف الذهاب إلى انتخابات تشريعية ثالثة يكون لهم فيها حظ الظفر بالحكم. لكن قدر السياسة خيب ظنهم وسمح ولو بهامش صوتين، (167 مؤيدا و165 معارضا و18 ممتنعا)، للاشتراكي بيدرو سانشيز بتنصيبه رئيسا للحكومة الجديدة التي ستكون حكومة تحالف يساري بامتياز، قطباه الرئيسان الاشتراكي العمالي وحزب « بوديموس »، بزعامة بابلو إغليزياس، وهذا الأخير ستكون له خمس حقائب وزارية مهمة.
أي مستقبل لهذا التحالف؟
التعايش بين مكونات اليسار داخل الحكومة الجديدة إذا ضمن مستقبلا توازنا بين تحقيق إنجازات على المستوى الاقتصادي، تستفيد منه الطبقات الشعبية التي تضررت من سياسية اليمين، وبين معالجة مشكلات الانفصال وإيجاد حلول تكفل اندماج الأقاليم المهددة بالانفصال مثل كطالونيا والباسك في إطار الدولة الوطنية؛ فسيكون ذلك كافيا لدحر سياسة اليمين واليمين المتطرف التي تتغذى من منطق الوطنية الشوفينية المستمدة من ماضي العهد الفرنكاوي.
لكن التعايش سيكون صعبا، في ظل وجود اختلافات واضحة..
في نظري، التعايش بين مكونات يسار الحكومة الجديدة سيكون ضروريا كاستحقاق أساسي لضمان قوة تقدمية تحد من مغامرات اليمين الذي يريد أن يغرق إسبانيا في مستنقع سياسات التطرف، واعتماد نموذج الليبرالة المتوحشة والمعاداة المطلقة للمهاجرين، خصوصا إذا تم الاقتناع بأن لا مفر من ترسيخ تحالف يساري تناط به مهمة الدفاع عن القيم السياسية.
هناك تخوف من وجود بوديموس في الحكومة على العلاقات الثنائية الممتازة بين المغرب وإسبانيا منذ يونيو 2018..
هذا التحالف لن يتسبب في الإضرار بالعلاقات الثنائية بين إسبانيا والمغرب، خصوصا إذا أخذنا بالاعتبار أن الحكومات التي كان على رأسها الحزب الاشتراكي كانت تحافظ على العلاقات المميزة مع المغرب، الأمر الذي كان يسمح بانتزاع كل بوادر الصدام والمواجهة التي كانت باستمرار تميز السلوك السياسي لحكومات يمين الحزب الشعبي.
صحيح أن مواقف بوديموس من قضية الصحراء المغربية، ومن المغرب لا تبشر بالطمأنينة، ولكن هذه المواقف لن يتمكن من تفعيلها داخل الحكومة التي يعي رئيسها سانشيز أهمية العلاقات الثنائية مع المغرب، ودور الأخير في التعاون مع إسبانيا في ملفات مهمة، من بينها مراقبة الحدود للحد من الهجرة ومحاربة الإرهاب التي تشيد إسبانيا بفعاليته، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الدور الذي مافتئ يلعبه المغرب على مستوى محاربة الاتجار بالمخدرات.