قام رئيس النيابة العامة، محمد عبد النباوي، بخرجات إعلامية متتالية في الأيام الأخيرة، دافع فيها عما تقوم به سلطة الادعاء. في خرجة أولى، قام السيد عبد النباوي بتأويل جريء لتعليمات مؤسسته الصادرة من الرؤساء للمرؤوسين، معتبرا إياها بمثابة قانون، لأنها مشروطة باحترام القانون وبصدورها كتابيا.وفي خرجة أخرى، دافع رئيس النيابة العامة عن حملة التطهير المخيفة التي يعرفها المغرب حاليا في صفوف المدونين، وعموم المغاربة ممن يستعملون الشبكات الاجتماعية للتعبير، معتبرا أن وكلاء الملك لا يقومون سوى بتطبيق القانون.
معذرة، لا علاقة لما يجري في المغرب حاليا بالقانون ونصوصه، فالتشريعات قد تستعمل لحماية الحقوق والحريات، كما قد توظف لسلبها. هناك روح لا تسكن النصوص إلا حين تتحرّك يد الساهرين على إنفاذها.
لم يخبرنا السيد عبد النباوي لماذا قرّرت النيابة العامة، فجأة، شن حملة تطهيرية ضد أشكال التعبير الرقمية، ولا لماذا اختارت تكييفا معيّنا ينطوي على فزاعة المقدسات والثوابت والمؤسسة الملكية، كان لله في عون القضاة الذين توضع بين أيديهم. كما لم يخبرنا السيد عبد النباوي لماذا اختار الاعتقال في حالة شبان كل سلاحهم ميكروفون وعدسة يغنون أمامهما…
المشكلة ليست في القانون، السيد الوكيل العام، بل في السياسة الجنائية التي أصبحتم واضعها ومنظّرها ومنفّذها، بعيدا عن كل رقابة أو محاسبة أمام المؤسسات التي تمثل إرادة المجتمع.