تقرير المجلس الأعلى للحسابات، الذي أثبت أن 20 حزبا لم ترجع أزيد من 2 مليار سنتيم من الدعم، إلى خزينة الدولة، وأن أحزابا ممن تلقت ذلك الدعم لا تستحقه، فيما أحزاب أخرى لم تستعمله أصلا، ناهيك عن صنف ثالث من الأحزاب استعمل الدعم في غايات غير الغايات التي مُنح إياه من أجلها، لا يطرح فقط سؤال مصداقية الأحزاب وقدرتها على حكامة وحسن تدبير شؤونها، قبل أن تقوم بتدبير شؤون الدولة، بل يطرح أيضا على الدولة سؤال: لأي غرض تُدعم الأحزاب، إذا كان أغلبها قد تخلى عن دور تأطير المواطن، وكان 69 في المائة من المغاربة لا يثقون في جميع الأحزاب السياسية، حسب ما خلص إليه المعهد المغربي لتحليل السياسات في تقريره السنوي لقياس وتحليل مستوى ثقة المغاربة في مختلف المؤسسات السياسية والاقتصادية؟
وهذا لا يستدعي فقط تشديد المراقبة على الدعم الممنوح للأحزاب، وتفعيل الآليات الزجرية لحث من لم تصرفه منها ومن صرفته في غير محله، على إرجاعه إلى خزينة الدولة، بل يستدعي إعادة النظر في الدعم أصلا، بجعله مقرونا بالمردودية السياسية، وهذا يستلزم وجود إرادة حقيقية لدى الدولة لإعادة الاعتبار إلى السياسة، بما يجعل الأحزاب شريكا سياسيا حقيقيا، وليس مجرد ديكور مساعد للحاكمين الفعليين.