هل يتم تثبيت الدعم المباشر للأسر بعد جائحة كورونا؟..الكتاني: هذا أسوأ حل

02 مايو 2020 - 18:00

كم تكلف المساعدات المباشرة التي تقدمها الدولة في إطار تدبير تداعيات جائحة كورونا، وهل بالإمكان استمرارها مقابل إعادة النظر في عدد من البرامج المتداخلة ذات الطابع الاجتماعي، والتي تكلف ملايير الدراهم سنويا من الخزينة العامة؟

منذ تكوين لجنة اليقظة الاقتصادية التي شكلت عقب تفشي فيروس كورونا تقرر اعتماد 3 مستويات للتعويض تتوافق مع عدد الأفراد في كل أسرة، وتتراوح هذه التعويضات بين 800 درهم و1000 درهم، ثم 1200 درهم، وباعتماد متوسط مبلغ 1000 درهم كمبلغ تعويض شهري، و5 ملايين أسرة معنية بالدعم المباشر نجد أن مجموع المبالغ التي يُفترض صرفها تصل إلى 5 ملايير درهم شهريا، أي ما مجموعه 60 مليار درهم في السنة.

في العموم، المبلغ يقل بكثير عن مجموع المبالغ المخصصة لعدد من البرامج ذات الطابع الاجتماعي، وعلى رأسها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، دون أن تنجح في تحقيق الأهداف التي أُنشئت من أجلها، وبشكل خاص عدم استفادة الفئات المعنية بها بشكل حصري، فضلا عن ملايير أخرى تلتهمها تحملات صندوق الدعم الذي يغطي فروقات اقتناء بعض المواد الاستهلاكية الأساسية.

وقال عمر الكتاني، الأستاذ الجامعي في الاقتصاد: “إن فكرة استمرار الدعم المالي للأسر المحددة غير صائبة لأن الأمر يتعلق بدعم استهلاكي، ويمكن الاستغناء عنه بوضع برنامج يستهدف فردا محددا من كل أسرة، على أساس أن تتكفل به الدولة بشكل تام فيما يتعلق بتعليمه وتكوينه وتحضيره للخروج إلى سوق الشغل، وهو ما سيجعل منه معيلا لأسرته”.

الكتاني، يشير إلى “أن المنطق الذي كان يفكر به لحسن الداودي، الوزير السابق، والذي ينص على إحصاء الأسر المعنية بالدعم المباشر وتمكينها من دعم مالي مباشر، مقابل إلغاء صندوق المقاصة، هو منطق غير صائب لأن الأمر سيقود مباشرة إلى ارتفاع في كلفة المعيشة مع صعوبة إحصاء الفئات الفقيرة بدقة، إضافة إلى أن إلغاء الصندوق سيُسبب ضررا بالغا للطبقة الوسطى أو ما تبقى منها. ولهذا، فالفكرة رغم أنها صائبة، لكن مساوئها أكبر”.

الأسوأ من هذا، يضيف الكتاني، “هو أن نظام المساعدات المالية المباشرة سيخلق لنا أُسرا غير منتجة تستفيد من ريع، والحال أن على الدولة توفير جميع الشروط لكي نمكن الأسر من تكوين أبنائها للانخراط في دورة الإنتاج، ومن تبعات هذا التفكير، أيضا، توسيع الريع الذي كانت الدولة تخصصه للأغنياء سواء عبر التدابير الضريبية أو الأجور العالية والامتيازات والتعويضات الموازية، إلى ريع للفقراء، وفي المحصلة ستجد الطبقة الوسطى نفسها مضطرة لأداء الثمن بدلا عنهما، وهذا أمر غير مقبول بالمرة، وهو من الناحية الاقتصادية أسوأ حل يمكن لحكومة أن تفكر فيه”.

وكانت الحكومة قد صادقت في يناير من السنة الماضية، على مشروع قانون رقم 72.18، والمتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات، الذي بموجبه سيجري إحداث سجل وطني للسكان وسجل اجتماعي موحد، إضافة إلى إحداث مؤسسة عمومية لتدبير هذه المنظومة.

ويتوقع أن تسرع تداعيات جائحة فيروس كورونا من وتيرة عمل اللجان التي تشتغل على السجل، الذي يعتمد على نظام تنقيط معين يُمنح لكل أسرة (Forming of Scoring).

ولا يضم السجل الاجتماعي الموحد لائحة خاصة بفقراء البلد، بل يقوم على ورش صيغة استهداف، بمعنى أن كل أسرة ستحصل على تنقيط، ولا يعني هذا معيار الفقير والغني، وبموجب نظام التنقيط سيتم استهداف عدد من الأسر المغربية بناء على تنقيط من الأقل إلى الأكثر.

من جهته، يقول المهدي الفقير، الخبير الاقتصادي، تعليقا على فكرة تخصيص دعم مباشر للأسر الأكثر هشاشة، على غرار ما يحصل خلال فترة الحجر الصحي، “إن نظام المساعدة موجود منذ زمان، ويكلف مبالغ طائلة من الميزانية العامة، ولهذا فتوحيد هذه الأنظمة بشكل يمكن من أن تشمل جميع الأطراف دون استثناء، بمعنى أن على الدولة أن تفكر في برامج تمكن من القطع مع منطق الريع الذي يحكم هذه المساعدات، طالما هي مساعدات عينية أو استهلاكية”.

الفقير يقول إنه “يجب التفكير بمنطق الديمومة، ولا يمكن بنظام مساعدات مالية مباشرة بناء دولة بنظام مجتمعي متطور، بل سنبقى في إطار نظام ريعي لن يكون في صالح أي طرف داخل المجتمع.. والفرصة مواتية لإعادة النظر في هذه المنظومة لتحويلها إلى منطق الإنتاجية، وخلف القيمة المضافة عبر برامج موجهة ودقيقة لكي تتمكن الفئات المستهدفة من إيجاد مورد رزق يضمن قوت يومهم، مع الاحتفاظ بالتأكيد بنظم مساعدة مباشرة لبعض الحالات الاجتماعية، من قبيل ذوي الإعاقات مثلا، يمكن تمكينهم من رخص استغلال تمكن من توفير مناصب شغل لأفراد آخرين، بدل تمكينهم من مبالغ مالية مباشرة”.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مريم العالي منذ سنتين

مريم العالي