أن يزور الموت أحد الأقارب فهذا أمر مؤلم، لكن أن يختطف ثلاثة أفراد في وقت قياسي، فهذا مدمر، تلك هي قصة حسن، المهاجر المغربي بالديار الهولندية، الذي أنهى فيروس كورونا حياة والديه معا وعمه في ظرف 9 أيام، ولا زال يتربص بأفراد من عائلته.
يتحدث حسن، من مدينة اوتريخت الهولندية إلى ” rtlnieuws ” عن مأساته وهو يدفن والده، فعمه، ثم والدته، تباعا، دون أن يجد الوقت ليحزن على أي منهم، فالفيروس القاتل يتربص أيضا ببقية عائلته!
سبعة أفراد آخرين من أسرته تم نقلهم إلى المستشفى، بينهم أحد أشقائه الذي غادر مؤخرا العناية المركزة. أيام تمر على حسن يشعر فيها أن الفيروس يستهدفه بشكل شخصي.
ويروي حسن تفاصيل الفاجعة التي بدأت برحلة إلى العمرة، حيث توجه والداه معا وعمه في فبراير الماضي لأداء مناسك العمرة، لكنهم اضطروا لاحقاً إلى العودة سريعاً بسبب إغلاق الحدود إثر تفشي فيروس كورونا. وتبعًا لذلك، تمكنوا من العودة في 15 مارس عبر إسطنبول وصولا إلى هولند، وفي اليوم الموالي قاموا بتنظيم حفل عشاء بحضور عدد كبير من أفراد العائلة.
ويضيف حسن “يوم الثلاثاء بدأت أمي تشعر بضعف واضح، لم تكن لديها حمى ولا صعوبة في التنفس، لكنها لم تكن تريد أن تأكل أو تشرب أي شيء، أردت تقبيلها على الجبين، فردت: “لا ، ربما أنا مصابة بفيروس كورونا أو بالأنفلونزا”.
بعد بضعة أيام، يحكي حسن: “اتصلنا بالطبيب الذي قرر أن تذهب والدتي إلى المستشفى. نظر والدي إلينا بفخر من شرفته ورفع إبهامًا آخر، كل شيء سيكون على ما يرام..لا أحد منا كان يعتقد أنها كانت اللحظة الأخيرة التي يرى فيها والداي بعضهما البعض”.
وأضاف: “تأكدت إصابة والدتي بفيروس كورونا، وتم نقلها للعناية المركزة في اليوم الموالي بعد تدهور حالتها، وتأكدت إصابة والدي كذلك بالفيروس، ونقل هو الآخر إلى المستشفى”.
يوم 30 مارس، قضيت أربع ساعات على سرير والدي، تجاذبنا أطراف الحديث، يحكي حسن الذي ودع والده على أن يعود لاحقًا لرؤيته، لكنه بعد فترة من وصوله إلى المنزل تلقى اتصالا من المستشفى يفيد بوفاة والده. يقول: “والدي غادر في نفس اليوم الذي توفي فيه أخي بسبب مرض التصلب العصبي المتعدد عام 2017… يا لها من صدفة!”.
شراسة الفيروس القاتل لم تنته عند هذا الحد، فبعد ثلاثة أيام، تلقى حسن نبأ وفاة عمه الذي لم يصمد أمام فتك الفيروس، فدخل في دوامة إجراءات الجنازة والمقبرة والدفن مرة أخرى، ’’في ذلك الوقت، كان علينا أن نرتب جنازته، لم يكن هناك وقتا للحزن‘‘، يقول حسن.
ولم يكن وقت ليحزن مرة أخرى، ففور انتهاء عملية دفن عمه، تلقى حسن مكالمة من المستشفى، والدته في وضع صعب، ركض إلى المستشفى برفقة أخيه، أمسك بيد والدته اليمنى وشقيقه بيدها اليسرى وجلس يتحدث إليها وهو يأمل أن يعيدها إلى البيت، كان يرغب أن ينتزعها من يد الموت، يقول بألم.
يوم 9 أبريل لفظت والدة حسن أنفاسها الأخيرة، ’’قمنا بغسلها في اليوم التالي ولم يكن من الممكن وصف كيفية وضعها في الصندوق.. إنها جميلة وهادئة… بدت شابة وجميلة‘‘، هكذا يصف لحظات وداع والدته. لحظات فقط، لأن عليه أن يعود للاهتمام ببقية العائلة الذين لازالوا في العناية المركزة.