عبدالحفيظ أدمينو: تدبير مرحلة الجائحة لن يكون له تأثير على المرحلة السياسية المقبلة -حوار

18 مايو 2020 - 01:00

هناك بروز لبعض القطاعات الحكومية بشكل قوي خلال تدبير أزمة الجائحة على حساب أخرى. في رأيك، هل يمكن أن يؤثر ذلك على سطوع أو أفول نجم بعض الفاعلين السياسيين؟



الأمر لا يرتبط بأداء فاعل سياسي محدد بذاته، لأن من الطبيعي في مثل هكذا ظروف أن تُعطى الأولوية لبعض القطاعات الحكومية. ثم إذ إن حضور بعض الوزراء الآن في الواجهة لا علاقة له بانتماءاتهم السياسية، بقدر ما هو مرتبط بإشرافهم المباشر على الملفات التي لها علاقة مباشرة بتدبير جائحة كورونا. وهنا بالطبع يأتي الحديث عن وزارة المالية. لكن في هذا السياق بالذات، سأتحدث، أساسا، عن وزارة الداخلية، لأنها الوزارة الموكول لها، حسب اختصاصاتها، الحفاظ على الأمن العمومي والنظام العام. إذن، من الطبيعي أن وزير الداخلية من خلال عدد من القرارات التي يتخذها سواء على مستوى الإدارة المركزية أو الإدارة الترابية، أن تكون له الأسبقية والأولوية. ثم لا ننسى، كذلك، أن الشبكة الإدارية التي في حوزة وزارة الداخلية تجعل باقي الوزراء الآخرين والقطاعات الحكومية الأخرى تعتمد على الداخلية لقيامها بمهامها، فمندوب وزارة الصحة في أي جهة من جهات المغرب أو مندوب وزارة الفلاحة أو مندوب وزارة التجارة والصناعة، لا بد أن يعتمد على الوالي أو العامل لينفذ برنامج القطاع الحكومي الذي يمثله. أما بخصوص وزير التجارة والصناعة، فمن الطبيعي أن يكون في الواجهة لأنه يمثل مجالا مهما في حياة المواطنين المرتبط بحرية التجارة والصناعة والمقاولة، وليس لانتمائه السياسي، لكن كلما كان الوزير قادرا على تدبير هذه المرحلة بالكفاءة المطلوبة إلا ويكون رصيده على مستوى الرأي العام مهما.

 قلت إن نجاعة أو بروز وزير ليس مرتبطا بانتمائه السياسي.

لكن من الممكن أن يؤثر سياسيا في رسم ملامح مرحلة ما بعد كورونا؟



لا أعتقد ذلك .

  لماذا؟

المواطن عندما يريد تقييم أداء حزب سياسي يستحضر رموزه وقياداته، ويستحضر، كذلك، التاريخ الحزبي والسياسي، أما تدبير مرحلة، فلا أتصور أنه سيؤثر في اختيارات الناس المقبلة.

  كيف تنظر إلى أداء رئاسة الحكومة في تدبير هذه المرحلة؟ 

لاحظنا على المستوى العالمي من هم الفاعلون الأساسيون في تدبير الأزمة. رئيس الحكومة كانت ستكون قوته أهم، وكان بإمكانه تعزيز صورة رئاسة الحكومة في نظر المتابعين، لو أنه استطاع أن يقوي الوظيفة التواصلية لهذه المؤسسة، وهي نسبيا ضعيفة. وقد رأينا أن مروره في الفضاء العمومي لم يكن له صدى وقدرة على شد الانتباه لرئاسة الحكومة.



هل لهذا الأمر انعكاسات على الشخص، أم على الحزب الذي يمثله؟



بالنسبة إلى حزب العدالة والتنمية الأمر مختلف عن باقي الأحزاب السياسية الأخرى، والاختلاف يكمن في أن هناك وزراء في الأغلبية الحكومية ليس لهم امتداد حزبي، ولم يمروا من دواليب التنظيم الحزبي،  بل بين عشية وضحاها هناك من وجد نفسه يترأس حزبا سياسيا معينا، بينما في حالة “البيجيدي”، فمعظم وزرائه تمرسوا داخل الحزب. إذن أتصور أن يكون لما ذكرت بعض التأثير النسبي على صورة الحزب، خاصة أن وزراء العدالة والتنمية يتقنون المزج بين المسؤولية الحكومية والحزبية، ودائما يقومون بربط المسؤوليتين في خطابهم التواصلي، وهذا أمر ضعيف لدى الوزراء الآخرين.

تابعنا الغضب الذي أثاره مشروع قانون 20 ـ 22 على حزب الاتحاد الاشتراكي، وكذلك، ردود الفعل النابعة من داخله.

ما وقع ذلك على مستقبله؟



بخصوص الاتحاد الاشتراكي سيؤثر هذا المشروع على مستقبله، لأن الوضع يختلف. ذلك لأنه حزب يبني منظومته الفكرية والأدبية على قضايا حقوق الإنسان، وما يسميه بالحداثة وقضايا القيم التي من المفروض أنها تؤطر اشتغاله. إضافة إلى أن مشروع القانون أتى به وزير ينتمي إلى الحزب، فما عقّد الأمور أكثر وجرّ عليه غضب مواقع التواصل الاجتماعي، هو عملية التدبير التي قامت بها قيادة الحزب وممثلوه من داخل الحكومة وكأنه تصرف ليس له علاقة بالحزب، رغم أن الوزير اتحادي، إضافة إلى عدم عقد الهيئات التقريرية للحزب واتخاذ موقف واحد. كل هذه الأمور جعلت مسؤولية الحزب السياسية تطغى على مسؤولية الوزير.

لننتقل إلى تأثير مشروع القانون ذاته على صورة عزيز أخنوش، خاصة في الشق المتعلق بالمقاطعة. ما تأثير ذلك على مستقبله كوجه قدم نفسه أنه من سيقوم بقيادة المرحلة السياسية المقبلة!؟



لا أتصور أن جزءا في مشروع القانون سيغير بشكل كبير لا من طموح الحزب، ولا رد فعل الناس على أداء حزبي. الناس لاموا الحكومة على الظرفية ويمكن أن نقول إن محاولة تمرير مشروع قانون في ظرفية غير عادية، هو نوع من “الانتهازية السياسية”، هذا أولا. ثانيا، الجزء أو المقتطف لا يطرح فقط، من زاوية المقاطعة وحزب سياسي، وإنما يعبر، كذلك، عن تصور للحكومة لقضية علاقة المال بالسياسة، وكيف يمكن توظيف القاعدة القانونية لخدمة مصالح اقتصاديين معينين أو لوبي معين. ثالثا، كل تلك المقتضيات حول المقاطعة، ربما، موجودة في دول أخرى،  لكن ليس بالمنطق والفلسفة ذاتها التي تحكم المادة داخل النص، بمعنى أن حماية الاقتصاد الوطني توجد في أدبيات عدة في قانون المنافسة وقانون المستهلك، لكن توظيفها هو الذي جعل الاعتقاد يسود حول احتمال وجود خلفية معينة مرتبطة باستغلال الظرف الحالي للبحث عن مكاسب سياسية، وأيضا تموقعات على مستوى القاعدة القانونية للحقل الاقتصادي.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *