عقار “ريمديسيفير”، وبعدما حظي أخيرا بالترخيص اللازم من إدارة الأغذية والدواء الأمريكية ما يجعله أول دواء صرح رسميا باستخدامه لعلاج المصابين بفيروس كورونا المستجد، كشفت هيئات مدنية أن المغرب لن يكون بمقدوره إنتاج هذا العقار بسبب صفقة كانت قد أبرمتها السلطات الصحية مع مختبر أمريكي يمنع بموجبها استيراد العقار من أي دولة أخرى، أو اقتناء مواد لمكوناته.
وأوردت الثلاث هيئات المكونة من الائتلاف العالمي للاستعداد للعلاج في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجمعية محاربة السيدا والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن الشركات المغربية ممنوعة من قبل المختبر الأمريكي “غلياد” من إنتاج دواء “ريمديسيفير”، الذي يجري اختباره حاليا ضد فيروس كورونا، لأنه محمي في المغرب ببراءة اختراع لغاية 2031 على الأقل.
الهيئات المذكورة دعت حكومة العثماني إلى إصدار “تراخيص إجبارية” لجميع الأدوية والتقنيات القادرة على معالجة فيروس كورونا الجديد، وتمكين شركات الأدوية المغربية من إنتاج علاجات ضد المرض.
وأوضحت الهيئات في بلاغها أنه يحق للحكومة، وفقاً للاتفاقيات الدولية والقانون الوطني، تعليق هذه الحماية لأسباب تتعلق بالصحة العامة والسماح بالإنتاج الوطني عن طريق “التراخيص الإجبارية”، مشيرة إلى أن هذا الأمر سيسمح للصناعة المحلية بالاستعداد لتلبية الاحتياجات الوطنية في الوقت المناسب.
هذا، وتنص المادة 67 من القانون رقم 17.97، المتعلق بحماية الملكية الصناعية، على منح “التراخيص الإجبارية” للمنتجات الصيدلانية من خلال قانون إداري، بناء على طلب الإدارة المسؤولة عن الصحة العامة، وينطبق هذا الحكم عندما لا تتوفر الأدوية “بكمية أو جودة كافية” في السوق، أو لأن السعر “مرتفع بشكل غير طبيعي”، فيما تعتبر أن التفاوض مع صاحب البراءة ليس أمراً إلزامياً.
ويقول بلاغ الهيئات أن هذا البند سيمكن إلى جانب تلبية الاحتياجات الوطنية، من الاستناد إليه من أجل تصدير الأدوية إلى البلدان التي لا تمتلك طاقة إنتاجية كافية، ما يمكن للمغرب من مساعدة البلدان العشرين المستثنية من رخصة “غلياد”، حتى في غياب براءة اختراع، كما يمكن أن تستفيد الصناعة المحلية أيضاً من سوق أكبر والمساهمة في جعل الأسعار أكثر معقولية.
وكان عقار “ريمديسيفير” الأمريكي قد أثبت نجاعته كعلاج تجريبي في مساعدة المرضى على التعافي بسرعة أكبر من فيروس “كورونا”، بحسب ما أورده الخبراء والأخصائيون، ما دفع عددا من الدول إلى اعتماده رسميا وكان آخرها اليابان التي بدأت في توزيعه على مستشفيات البلد، ووحدات الرعاية المركزة أو الإنعاش والمرضي الذين يستخدمون أجهزة التنفس منذ 11 ماي الجاري، فيما يعتبره المهنيون والخبراء المغاربة الذين تواصلت معهم “أخبار اليوم” عقارا “فاشلا”.
ويرفض الطبيب مصطفى كرين اعتبار “ريمديسيفير” مضادا للفيروسات الذي أنتج في بادئ الأمر للعلاج من فيروس إيبولا “أملا للبشرية في الخلاص من “كوفيد19” مشيرا إلى أنه لا يوجد دواء ناجع حاليا لكورونا مهما ادعى البعض ذلك.
وأوضح كرين في تصريحه لـ”أخبار اليوم”، أن العقار الأمريكي هو فقط، واحد من التجارب التي أثبتت إلى حد ما نجاحها، “لكن على مستوى دراسات صحيحة بمقاييسها العلمية التي من الممكن أن تثبت أن هذا الدواء فعال أو لا، غير موجودة”.
ولفت الدكتور العام إلى أن هذا العقار يدخل في إطار المزايدات من جهة، على حساب جهات أخرى، فضلا عن الاستعمال للآلة الإعلامية “من أجل الترويج لتصور معين لأن هذا كله ليس بالبراءة التي يتصورها الناس، لكن من المعروف أن هذا الدواء مضاد للفيروسات، لديه فعالية على الفيروسات، لكن ليس على الفيروس التاجي “كورونا”، الذي هو حاليا قيد التجربة”، مضيفا أنه “توجد، أيضا، مدرستان بخصوص “الهيدروكسي كلوروكين”. الأولى تقول إنه فعال، والأخرى تقول إن آثاره الجانبية أكبر من فعاليته في علاج المرض”.
ويعتبر كرين أن ترخيص استعمال هذا العقار من طرف fda هو “ترخيص جديد غير مبني على أساس علمي أو دراسة، كما أنه ترخيص في حالة استعجال، على اعتبار أنه لا يمكن استعماله إلا بهذا الترخيص، وبطبيعة الحال الأمر تدخل فيه، أيضا، الضغوط السياسية، في غياب دراسة علمية حقيقية”.
البروفيسور المصطفى الناجي من جانبه، يعتبر أن هذا العقار يسوق له الأمريكيون باعتباره دواء “أونتيفيرو” للفيروس وكانت شركة صناعة الأدوية كبيرة قررت الاشتغال عليه وتطويره، لكن في النهاية أظهرت دراسة علمية أن لا فعالية لهذا الدواء، ومن المعروف أن هذا الدواء مضاد لبعض الفيروسات الأخرى، من قبيل مرض فيروس الإيبولا، لكن ليست له الفعالية ذاتها على مستوى الفيروسات التاجية المنتمية إلى عائلة الفيروسات RNA.
بالمقابل، يرى الناجي الأخصائي في علم الفيروسات في تصريحه لـ”أخبار اليوم”، أن البروتوكول العلاجي المعتمد حاليا في المغرب ناجع جدا. مشيرا إلى أن المغرب لو كان اعتمد على دواء الكلوروكين وحده في رحلة العلاج، والذي هو دواء antipaludéen لما كان نجح في بلوغ النتيجة التي وصلها اليوم، لكن باعتماده على الهيدروكسي كلوروكين زيادة على مضاد آخر، ومساعدات المضادات المسماة antibug aidant، وغير ذلك من البروتوكول الطبي الذي أقرته اللجنة العلمية ببلدنا لما تمكنا من تجاوز عدد الحالات التي تعافت، مقابل الحالات التي تتلقى العلاج. وبخصوص حصول الدواء على ترخيص fda، يقول الناجي، إن الأمر يدخل فيه ما هو سياسي وما هو تجاري وما هو مرتبط بمصالح الشركات التي تكون وراءها لوبيات، علما أن الهيدروكسي كلوروكين هو دواء لا يتم تصنيعه على مستوى الشركات الأمريكية.
أما البروفيسور الأخصائي محمد جمال البوزيدي، فيقول إن هذا العقار الأمريكي هو أساسا مضاد للفيروسات واستعمل للإيبولا دون أن يحقق نتيجة، لكن لوبيات الأدوية يسعون إلى فرضه.
وأوضح البوزيدي في تصريحه لـ”أخبار اليوم” أن ثمن هذا الدواء باهظ ومكلف إذ يبدأ على الأقل بـ400 دولار، في حين أن الهيدروكسي كلوروكين لا يتعدى 10 دولارات.
الأخصائي في الأمراض التنفسية أورد في تصريحه أن “الدراسة التي يستندون عليها لإقرار هذا الدواء، هي دراسة واهية جدا وتحتوي عيبا منهجيا، فعند إنجاز دراسة حول الدواء المستعمل والدواء الوهمي يجب أن تكون العينات البشرية للمرضى تملك الأعراض ذاتها والمراحل عينها، لكن ما حدث هو أنهم أعطوا الكلوروكين للناس في المراحل المتقدمة، وهذا الدواء أعطوه في المراحل الأولى. ومن المعروف طبيا أن الدواء عندما يؤخذ في المراحل الأولى يكون ناجعا، أما في المراحل المتقدمة لا ينفع وهذا عيب منهجي كبير وغير مقبول. وبخصوص نسبة الفتك بعد استعمال الدواء، تقول الدراسة التي عرضها البوزيدي على “أخبار اليوم” إن من “أخذوا رانديسيفير 0.8، ومن لم يأخذوه 0.12. إذن، عمليا لا يوجد فرق طبي”، يقول المتحدث، مضيفا “أنا أفضل الكلوروكين، والنتيجة هي هذا الارتفاع في منحى الشفاء بالمغرب، وأيضا في مدينة مرساي الفرنسية، خاصة وأن الدواء يأخذه المريض في المراحل الأولى من الوباء، وأيضا، المخالطين قبل أن تخرج النتيجة”.