في التجربة المغربية، يعد التخلص الخشن من مدير الأوبئة في وزارة الصحة، نموذجا عن الطريقة التي ينظر بها معدو استراتيجيات مواجهة الجائحة إلى دور العلم في بناء وتنفيذ وتقييم السياسات الصحية.
وفي الواقع، لم يكن للعلم دور ظاهري، منذ حوالي سبعة أشهر، في بناء استراتيجية فعالة. وإذا كان لوزارة الصحة دور في الكيفية التي يجري بها تصنيف المناطق، فإن الأمر يتعلق، في الغالب، بأدوار شكلية لموظفين مكتبيين، وهؤلاء غالبا ما ينصاعون لموظفي وزارة الداخلية الذين يلجون الاجتماعات وقد اتخذوا قرارهم بشأن ما سيفعلون إزاء تطور الجائحة في مناطقهم.
وفي حقيقة الأمر، فإن أول قرار جرى اتخاذه بمجرد ما لاحت الأزمة من بعيد، هو أن تصبح للرأي العلمي مساحة صغيرة، وهي تتضاءل باستمرار. كان لوزارة الصحة مقعد واحد في لجنة القيادة بين دزينة من المسؤولين الآخرين. وحتى ولو أجري تصويت، فإن رأي الصحة ما كان سيكتب له أن يُسمع. في الإدارة السياسية لأزمة كوفيد19، تنازل مسبق بين الأطراف. لكن، ماذا سيحدث في حال لم يُصغ إلى الرأي العلمي بتاتا؟
بينما كان الموظفون الحكوميون والقادة السياسيون يصوغون جملهم حول الجائحة، كان صوت العلم بالكاد يُسمع. كانت التضحية كبيرة من لدن رجال الأعمال وطبقات المجتمع، وعلى ما يبدو، لم يكن ليسمح للعلم بأن يدفع بالجميع إلى الجحيم. كان وزير الصحة قد عرض، في اجتماع للجنة القيادة، توصية بإعادة فتح تدريجي للمدارس. لم يكترث وزير التعليم بها، وأقر ما في رأسه، ولاحقا شرع في إعادة إغلاق جزء منها بعد تفشي الفيروس بين طواقمها.
الأطباء المختصون في الأوبئة -وهم أقرب إلى العلماء- وقد اختلطوا بالبياطرة والدجالين، ملؤوا وسائل الإعلام ضجيجا بقول ما يعرفه الجميع مسبقا. لم «نر» العلم حيث يجب أن يكون في مثل هذه الأوقات، وقد حرصت الدوائر الرسمية على ألا تقدمه لنا كما ينبغي. بشكل ما، ربما لم نكن نملك «علما» كي يقدم لنا مساعدة في ساعة الضرورة هذه.