اعمراشا: معاناتي داخل السجن لم تؤثر أبدا على حبي لبلدي أو رغبتي في أن أخدمها

06 ديسمبر 2020 - 23:00

المرتضى اعمراشا/ معتقل سابق

الجائحة حقيقة عشتها في قسمها الأول داخل أسوار السجن، وفي البداية كنت ورفاقي السجناء نستهين بالوباء ونقلل من شأنه، بل كنا نعتبر أنه مجرد أكذوبة وليس حقيقة، لكن وجدنا أنفسنا تحت الضغط وتشديد الإجراءات داخل السجن وتوقيف زيارات الأهالي، وهو ما أفاض معاناتنا وقتها، قبل أن يتيسر الأمر وأغادر أسوار السجن بعفو ملكي بمناسبة عيد العرش.

أقول اليوم إنه لحسن الحظ خرجت ولم أقضِ كل هذه السنة داخل الزنزانة بعيدا عن أسرتي وعائلتي، وحدث إطلاق سراحي هو في حد ذاته أهم حدث عشته في 2020، لكونه لم يكن متوقعا أبدا.

من الخارج أبدو للناس وكأنني نوعا ما إنسان « معتدل »، لكن داخل السجن كنت راديكاليا جدا وهذا حتى أثناء التحقيق، وخروجي أو معاناتي داخل السجن لم تؤثر أبدا على حبي لبلدي أو رغبتي في أن أخدمها، غير أن ظروف الجائحة صعبت الأمر وحالت دون ذلك.

بعد خروجي من السجن كان لدي أمل في أن ألتقي بعدد من الأصدقاء، خاصة المعتقلين السابقين على هامش حراك الريف، لنتبادل الأحاديث ونسطر أهدافا تتحقق فيها المنفعة العامة وخدمة وطننا، لكن للأسف ظروف الجائحة حالت دون ذلك، ومع ذلك أحاول ومجموعة من الشباب أن نبقى أوفياء لمبادئ حراك الريف، وننفع بلدنا بطريقة مؤسساتية، ونتمنى أن تكون هناك مبادرة في القريب العاجل في هذا الشأن ووقتها سنعلن عنها.

حدث الإفراج كان شيئا رائعا بالنسبة لي، لأنه حقيقة كنت أقول إني لن أغادر السجن إلا وابنتي أمل بدأت الدراسة، وستبقى في ذاكرتها أن والدها داخل السجن، لكن الحمد الله خرجت وابنتي لا تزال في عمر ثلاث سنوات وستنسى أن والدها كان في السجن، لأنه حقيقة كان أكبر مخاوفي هو ذاكرة رضيعتي، أما زوجتي ووالدتي فلازال جرح سجني لم يندمل بعد، ولا تزالان متأثرتين بما حدث نفسيا، ولكن سنتجاوز إن شاء الله هذه الأزمة، وسنستطيع تغليب قيم التسامح التي نؤمن بها وقيم الوطنية لنخدم المصلحة العامة.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي