المغــرب أصبــح أكثـــر جـــاذبيــة لمهــربــي البشــر

04 يناير 2021 - 21:00

أكدت الإحصائيات والأرقام الدولية والأوروبية والإسبانية المرتبطة بسنة 2020، مرة أخرى، أن الهجرة غير النظامية ظاهرة تتطلب مقاربة شاملة ومتعددة الأبعاد بدل المقاربة الأمنية أو عسكرة الحدود. إذ في الوقت الذي استطاعت فيه السلطات المغربية والأوروبية والإسبانية محاربة شبكات تهجير الشباب وشل حركة قوارب الموت سنة 2019، بحيث لم تعد السواحل المغربية والجزائرية والإسبانية البوابة الرئيسة للعبور إلى أوروبا، يلاحظ أنها عادت في 2020 لتصبح البوابة الرئيسة من جديد. لكن المستجد البارز في السنة المنصرمة هو أن الحريك، انطلاقا من السواحل الموريتانية والسنغالية والغامبية، ساهم، كذلك، في انتعاشة هذه الطريق. مع ذلك، يبقى المغاربة يتربعون على عرش الحريك إلى إسبانيا.

وقد كشفت أرقام وإحصائيات مؤقتة اطلعت عليها «أخبار اليوم» وصول نحو 94 ألف مهاجر غير نظامي من مختلف الجنسيات من مختلف الواجهات البحرية المتوسطية، برا وبحرا، إلى أوروبا في 2020، حيث إن 41 ألفا وصلوا إلى إسبانيا، مقابل 34100 مهاجر إلى إيطاليا، و15500 شخص فقط إلى اليونان، و2281 إلى مالطا، و985 إلى قبرص. هكذا يتضح أن تدفقات الهجرة على إسبانيا ارتفعت بمعدل 30 في المائة مقارنة بسنة 2019 التي سجلت وصول 32500 مهاجر فقط. مع ذلك، فالرقم (41 ألفا) المسجل في 2020 يبقى أقل بكثير من رقم 60 ألفا المسجل سنة 2018. للإشارة، فإن صيف 2018 شهد ثاني أكبر أزمة للهجرة غير النظامية انطلاقا من السواحل المغربية بعد تلك التي سجلت سنة 2006، عندما وصل 31 ألف مهاجر إلى جزر الكناري. فسنة 2018 عُرفت بسنة «الفانطوم» أو القارب الشبح، في إشارة إلى استعانة المهربين بالدراجات المائية السريعة والقوارب السريعة لتهجير الشباب.

ويتضح أن الحرّاكة المغاربيين ساهموا بشكل كبير في تنشيط منافذ الهجرة غير النظامية، رغم أن سنة 2020 عرفت بإغلاق أغلب دول المنطقة حدودها، وفرض الحجر الصحي، وحظر التجول أحيانا لشهور في بعض المناطق. إذ تبين أرقام الوكالة السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن التونسيين تربعوا على عرش الهجرة غير النظامية إلى أوروبا في عام الجائحة بـ19.9 في المائة (12776 مهاجرا)، ثم أتى الجزائريون (9042) في المرتبة الثانية بـ14.1 في المائة، والمغاربة (4978) في الصف الثالث بـ7.7 في المائة، متبوعين بالبنغال (4402) بـ6.9 في المائة، والأفغان بـ6.7 في المائة، والسوريين بـ5.6 في المائة، والأرتيريين بـ5 في المائة، والإيفواريين بـ4.8 في المائة، والماليين بـ4.7 في المائة، والغينيين بـ3.5 في المائة. تخص هذه الأرقام الفترة الممتدة ما بين فاتح يناير و30 نونبر 2020، في انتظار الأرقام والإحصائيات النهائية، لكنها أرقام تعكس حصرا تدفقات الهجرة عبر طريق البحر الأبيض المتوسط، ولا تتحدث عن الهجرة عبر المحيط الأطلسي إلى إسبانيا. وهذا ما يجعل عدد المغاربة، إذا ما جمعنا عدد الواصلين عبر المتوسط والأطلسي إلى أوروبا، قد يصل إلى 15 ألف مهاجر.

وأصبح من المؤكد أن أكثر من نصف المهاجرين الواصلين إلى إسبانيا نزلوا بجزر الكناري، أي حوالي 21452 مهاجرا، وفق الحكومة الإسبانية، و22249 مهاجرا، حسب الأمم المتحدة. ونقل تقرير لصحيفة «إلباييس»، عن المصادر ذاتها وأخرى أمنية، أن المغاربة يمثلون 51 في المائة من الواصلين إلى الكناري، متبوعين بالماليين (19.5 في المائة)، والسنغاليين (11.5 في المائة)، والمتحدرين من ساحل العاج (7 في المائة)، وغينيا كوناكري (6 في المائة)، وغامبيا (2 في المائة)، فيما نسبة 3 في المائة ينحدرون من موريتانيا وجزر القمر وغينيا بيساو والكاميرون.

أمام هذا الوضع، تحاول إسبانيا إقناع الدول المصدرة للهجرة بإعادة استقبال أكبر عدد من رعاياها. وأوضح تقرير لصحيفة إلباييس قائلا: «وتستمر عملية الترحيل إلى موريتانيا أو السنغال أو المغرب؛ غير أنها تبقى محدودة بعد شهور من التوقف بسبب إغلاق الحدود الذي فرضه فيروس كورونا. وبعد تجديد التزام السنغال وموريتانيا بقبول إعادة المهاجرين غير النظاميين الحاملين لجنسيتيهما، توصلت إسبانيا إلى اتفاق مع المغرب على استقبال رعاياه الذين يمثلون أكثر من نصف عدد الواصلين» إلى جزر الكناري خلال السنة المنصرمة على متن قوارب الموت». وتكفلت بعملية إعادة الحرّاكة المغاربة من جزر الخالدات الخطوط الملكية المغربية، حيث «منذ 7 دجنبر المنصرم، خرجت أربع طائرات في الأسبوع، على متن كل واحدة منها 20 مهاجرا»، وفق المصدر ذاته. لكن العدد المرحل في الطائرة الواحدة يبقى قليلا جدا مقارنة بمجموع الواصلين في 2020، إلى درجة أن عدد عناصر الأمن الإسبان في الطائرة الواحدة يضاعف عدد المغاربة المرحلين. ويرى المصدر عينه أن إسناد عملية الترحيل إلى الخطوط الجوية المغربية صفقة مربحة للشركة المعنية، في المقابل، تتمنى الحكومة الإسبانية أن يؤدي كل هذا إلى «شل حركة خروج المغاربة» صوب جزر الكناري.

ويلاحظ ارتفاع عدد الجزائريين الراغبين في الهجرة بسبب الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها البلاد منذ سنوات، إذ سجل في 2020 وصول ما يزيد على 11200 حرّاك جزائري إلى الجزيرة الإيبيرية، خاصة إلى سواحل مدن آليكانتي، وموريبا، وألميريا، وغرناطة، وجزر البليار. «يتعلق الأمر بالجالية الثانية الأكثر عددا بعد المغاربة»، وفق مصادر أمنية.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي