ألقى السفير الأمريكي لدى المغرب، دافيد فيشر، “خطبة الوداع” عشية انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي. فيشر نظّم، صباح أول أمس، ندوة في أحد فنادق العاصمة، قدّم فيها ما يشبه الحصيلة للعام الذي قضاه ممثلا لبلاده في المغرب، والذي تميّز على الخصوص بالإعلان الثلاثي المشترك، المغربي الأمريكي الإسرائيلي، الذي حمل اعتراف واشنطن بمغربية الصحراء، وإحياء العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين المغرب وإسرائيل.
فيشر عبّر عن فخره الكبير بكونه أول سفير للولايات المتحدة الأمريكية قام بزيارة الأقاليم الصحراوية، والتي قال إنها تتمتع بمكانة خاصة في قلوب المغاربة. كما أكد رجل الأعمال المقرب من الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، مضيه في تحقيق فكرة شراء بيت له في مدينة الداخلة، لما أثارته فيه هذه المدينة من إعجاب خلال زيارته لها قبل بضعة أيام لإعطاء انطلاقة اعتماد قنصلية أمريكية فيها.
وفي مقابل تعداده للمنجزات التي تحققت في العلاقات المغربية الأمريكية في الفترة الأخيرة، فسّر فيشر تأخر افتتاح مركزي الاتصال التجاريين اللذين يفترض أن يتبادلهما المغرب مع إسرائيل، بوجود ترتيبات ضرورية يتم القيام بها في كل من الرباط وتل أبيب. وجوابا عن سؤال لـ”أخبار اليوم” عن الشكوك التي يولّدها هذا التأخر، وما يثيره من تفسيرات تهم وجود صعوبات في تفعيل هذا الشق من التطبيع المغربي-الإسرائيلي؛ قال فيشر إنه وباعتباره رجل أعمال، يعرف أنه حين يأتي أوان اتفاق ما فإنه يتم، في إشارة منه إلى حتمية المضي في الإعلان الثلاثي المغربي الأمريكي الإسرائيلي.
وشدّد فيشر في حديثه على أن المغرب وإسرائيل ماضيان في اتجاه رفع مستوى تمثيليتيهما الدبلوماسية لدى بعضهما البعض، من مجرد مكتب اتصال تجاري إلى سفارتين سيكون على رأسهما سفير معتمد لدى كل من الدولتين.
وكشف السفير الأمريكي في معرض جوابه عن سؤال “أخبار اليوم” عن لقائه بوفد إسرائيلي، قائلا إنه يوجد في المغرب في مهمة للتحضير لافتتاح مكتب الاتصال الإسرائيلي، مضيفا أنه حصل من خلال ذلك على معطيات تفيد بوجود تحضيرات يتطلّبها الأمر في كل من البلدين، من الناحية القانونية بالخصوص، مشددا على أن مستوى التمثيل سوف يرتقي “قريبا” إلى مستوى السفراء.
فيشر قال إن ما تم الاتفاق عليه بين المغرب وإسرائيل لم يتحقق بين عشية وضحاها، “بل تطلب الكثير من الوقت”. وأضاف السفير الأمريكي أنه على يقين بكون مكتبي الاتصال سيفتحان في كل من المغرب وإسرائيل، وأن مستوى التمثيل هذا سوف يرفع إلى درجة السفارات، مشددا على أن وجود مئات الآلاف من الإسرائيليين المنحدرين من أصل مغربي، يجعلهم متحمسين بشدة لافتتاح هذه التمثيليات والحصول على إمكانية زيارة المغرب.
وأمام المخاوف التي يثيرها رحيل إدارة الرئيس ترامب وتنصيب خليفته الديمقراطي جو بايدن، قال فيشر إنه يقول ويكرر إنه متأكد، مائة في المائة، من أن إدارة بايدن سوف تعيّن شخصا عالي الكفاءة في منصب سفير للولايات المتحدة الامريكية في المغرب، وذلك لإتمام “الصرح” الذي تمثله العلاقات المغربية الأمريكية.
السفير الأمريكي الذي قضى عاما واحدا في المغرب، حيث خلت السنوات الثلاث الأولى من ولاية الرئيس دونالد ترامب من سفير أمريكي في المغرب؛ قال إنه، وكرجل أعمال، على يقين من أن بلاده سوف تستثمر كثيرا في صداقتها مع المغرب، مشددا على أن المملكة مقبلة على مستقبل زاهر.
واعتبر دافيد فيشر أن ما وصفه بالتحاق المغرب باتفاقية “أبراهام” سيدعم النمو التجاري، لكون عدد من رجال الأعمال الإسرائيليين يتصلون بنظرائهم المغاربة بهدف البحث عن فرص للاستثمار، حسب الدبلوماسي الأمريكي. هذا الأخير قال إن العلاقات المغربية الإسرائيلية الجديدة سوف تدعم أنشطة أخرى في المغرب، مثل السياحة، مشددا على أن جميع الدول التي انضمت إلى “اتفاق أبراهام” سوف تجني ثماره من خلال الاستثمارات المتبادلة بينها.
وفي معرض تعداده للخطوات التي حققتها العلاقات المغربية الأمريكية في السنة الماضية، ذكّر فيشر بالاتفاق الذي تم توقيعه شهر أكتوبر الماضي، والذي يجسد خارطة طريق جديدة للتعاون العسكري، ويرسي أسس عمل استراتيجي مشترك خلال الأعوام العشر المقبلة. كما عدّد فيشر أنواع الدعم الذي قدمته واشنطن للمغرب في ارتباط بجائحة كورونا، وبشّر بدعم متواصل في مجال توسيع مجال تدريس اللغة الإنجليزية، خاصة في المدارس العمومية المغربية. وشدّد الدبلوماسي، الذي يغادر المملكة بعد عام حافل، على أن المغرب هو بالفعل بوابة نحو إفريقيا، لما راكمه من علاقات واتفاقيات تجارية مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي ودول الخليج العربي.