"البيجيدي" ووزارة الداخلية.. علاقة متوترة أعادتها "حادثة" الرباط إلى الواجهة

27 يناير 2021 - 19:20

بدأت، في الأيام الأخيرة، تظهر بوادر توتر جديد بين حزب العدالة والتنمية، قائد التحالف الحكومي في البلاد، ووزارة الداخلية، بسبب الاحتكاكات المتواصلة بين رؤساء الجماعات المنتخبين، ورجال السلطة المعينين، ما ينبئ بمعركة ساخنة تلوح في الأفق مع اقتراب موعد الانتخابات.

وشكلت حادثة تقريع والي جهة الرباط – سلا – القنيطرة، محمد اليعقوبي، لعمدة الرباط المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية، محمد الصديقي، النقطة التي أفاضت الكأس، واستنفرت الحزب، الذي خصها بفقرة قوية في البيان الختامي لمجلسه الوطني، المنعقد نهاية الأسبوع الماضي.

وجاء في بيان برلمان الحزب « يعبر المجلس الوطني عن استهجانه لبعض العقليات الإدارية المعرقلة للتدبير المحلي، والمحكومة بثقافة متجاوزة، لم تنخرط بعد في روح دستور 2011، ولم تتشبع بمقتضيات القوانين التنظيمية الجديدة، وعلى رأسها مبدأ التدبير الحر، الذي يعتبر مبدأ دستوريا راسخا ».

ولم يقف برلمان الحزب، وهو أعلى هيأة تقريرية بعد المؤتمر الوطني، في تنديده عند هذا الحد، بل جدد عزم مؤسسات الحزب على الاستمرار في النضال ضد « الفساد، والاستبداد، وتشبث أعضائه بمواصلة أداء مهامهم السياسية، والتمثيلية على أفضل الوجوه الممكنة، على الرغم من حجم الإكراهات، والتحديات، وفي مواجهة حملات التبخيس، والتشويش »، وذلك في محاولة لاستعادة الخطاب، الذي كان سائدا خلال مرحلة الأمين العام السابق، عبد الإله بن كيران.

وفي تعليقه على الموضوع، رأى عبد الحفيظ اليونسي، الأكاديمي، والمحلل السياسي، أن بلاغ المجلس الوطني لحزب رئيس الحكومة « لم يأت بجديد، وهو امتداد لأحد بلاغات الأمانة العامة، التي تحدثت، من قبل، فيه عن العلاقة المتوترة بين ممثلي وزارة الداخلية على مستوى الأقاليم، والجهات، ورؤساء الجماعات المنتمين إلى حزب العدالة والتنمية ».

واعتبر اليونسي، في تصريح لـ »اليوم 24″، أن العلاقة بين رجال السلطة، والمجالس، التي يسيرها حزب العدالة والتنمية « امتداد لطريقة تدبير السلطة لما بعد 2016، والمحكوم بمنطق البلوكاج ».

وسجل المتحدث ذاته أن هناك تجاذبا في تدبير السلطة، ما بين وزارة الداخلية، وحزب العدالة والتنمية، « قائم بين شرعيتين، هما الشرعية، التي يمثلها المنتخب، الذي يعبر عنها منتخبو الحزب، وشرعية المعين، التي يمثلها رجال وزارة الداخلية وفق منطق يحن إلى ضبط المجال بالشكل القانوني، والاجتماعي، والاقتصادي ».

وزاد اليونسي مبينا أن المنطق الذي يحكم سلوك رجال السلطة، جاء نتيجة « تطور تاريخي قديم، مثل الظاهرة القايدية والعمال وأدوارهم في تاريخ البلاد »، ولفت إلى أن البعد النفسي والشخصي « حاضر في تدبير رجال السلطة وتنزيل القانون في بعض الحالات تكون فيه أمزجة الناس وهناك من يشتغل وفق منطق (أنا بوحدي نضوي البلاد) ».

وأشار اليونسي إلى أن الدستور نص على مبادئ التدبير، و »جاءت القوانين التنظيمية وعكست إلى حد ما منطق التدبير المبني على احترام الشرعية المنتخبة »، مبرزا أن القوانين التنظيمية التي أخرجتها الحكومة بما فيها وزارة الداخلية « قوضت ما جاء في الدستور وما ورد في القوانين التنظيمية »، مشددا على أن الجائحة « كرست أكثر تمركز السلطة في يد رجال السلطة المعينين ».

وذهب المحلل السياسي ذاته في قراءته لهذه التجاذبات بين الطرفين، إلى أنها تمثل أحد فصول « محاولة دمقرطة المجال السياسي بالبلاد، وبحكم أن حزب العدالة والتنمية من يدبر الحكومة، كان يتم حل المشاكل، التي تقع بين رؤساء الجماعات، وممثلي وزارة الداخلية بشكل من الأشكال بالتفاوض، وبعض المرات تخرج الأزمة ».

واستدرك اليونسي، وقال: « ردة فعل حزب العدالة فيها شيء من السياسة، لأننا مقبلون على الانتخابات، وبالتالي فهو يهيء لمضمون خطاب انتخابي في المستقبل، يقوم على « نحن نريد أن نشتغل، ولم يتركونا نشتغل »، وهو في الحقيقة واقع، ولكن لا يعالج جوهر المشكل، وهو إعادة النظر في مركزية السلطة ».

ودعا اليونسي إلى إعادة النظر في سلطة التأشير، التي يتمتع بها العامل، ويراقب عمل المنتخب، قبل تنزيل المشاريع، التي ينوي القيام بها، وطالب بـ »إرساء مراقبة بعدية يتولاها القضاء الإداري، أو القضاء الزجري، ورئيس الجماعة إذا أخطأ سيكون السجن مآله، ونحقق بذلك مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، الذي نص عليه الدستور ».

من جهته، اعتبر المحلل السياسي محمد شقير، أن العلاقة بين حزب العدالة والتنمية، ووزارة الداخلية كانت دائما « تعرف نوعا من التوتر، وعدم الانسجام »، وأكد أن الحزب « يتهم وزارة الداخلية بأنها تعرقل عمله، ولا تسهل على منتخبيه أداء مهامهم، خصوصا أن له مجموعة من عمداء المدن الكبرى، كالرباط، وفاس، والدارالبيضاء، وطنجة، ومراكش.

وأضاف شقير، في حديث مع « اليوم 24″، أن الخلاف سيبقى قائما بين الطرفين، خصوصا أن الحزب « يحاول إظهار أن مشاريعه وعمله يلاقي نوعا من المحاصرة، ويحاول تبييض وجهه أمام الناخبين، ويظهر أن المسألة مرتبطة بالعراقيل، وليس بالحزب ».

وأفاد شقير بأن واقعة الرباط وضعت الحزب في مواجهة مباشرة مع الوالي، وكرست نوعا من « عدم الثقة، والتجاذب بين الوزارة الوصية، والحزب، لأن هذا الأخير يتهم وزارة الداخلية في شخص الولاة بعرقلة عمل منتخبيه ».

وأشار المحلل السياسي إلى أن الحادثة عرفت نوعا من « التسييس، وترديد خطاب المظلومية، الذي أعتبره نوعا من عدم تحمل المسؤولية أمام الفشل، الذي تعاني منه كل الأحزاب، ولماذا الحزب يرفع هذه المسألة، لأن من دخل دواليب العمل السياسي ينبغي أن يقبل بكل التبعات، وهي مسألة تبين أنك عجزت عن تحقيق مطالب المواطنين »، وذلك في انتقاد للحزب، وطريقة تدبيره للخلافات، التي تظهر بين الفينة، والأخرى مع ممثلي وزارة الداخلية.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي