في خضم الجدل القائم حول مساعي تقنين زراعة القنب الهندي، نوقشت في كلية الآداب والعلوم الإنسانية، التابعة لجامعة محمد الخامس في الرباط، اليوم الاثنين، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في موضوع “التحولات الأسرية في مناطق زراعة القنب الهندي.. جماعة فيفي نموذجا”.
وسجلت الأطروحة، التي قدمتها الطالبة الباحثة نجاة التزروتي، تحت إشراف الأستاذين سعيد بنيس، والمختار الهراس، أن زارعة القنب، التي انطلقت كزراعة “تكميلية”، في تسعينيات القرن الماضي، تحولت لتصبح النشاط الزراعي المهيمن على نشاط الفلاحين في المنطقة، ما أفضى إلى إحداث تحولات على مستوى الدخل، والعلاقات الاجتماعية داخل الأسرة، وخارجها، وكذا تغيرات قيمية لدى سكان المنطقة.
استغلاليات صغيرة
واستنادا إلى مقابلات ميدانية، وإنجاز 350 استمارة، استعملت في البحث، تضم 70 سؤالا، وجه إلى أرباب الأسر في مداشر الجماعة، التابعة لإقليم شفشاون، توصلت الباحثة إلى أن 98 في المائة من المزارعين، هم مزارعون صغار، مقابل 2 في المائة لديهم استغلاليات متوسطة.
وأشار البحث ذاته إلى وجود تفاوت في مداخيل المزارعين، تبعا إلى حجم الحيازات الزراعية، وجودة المحاصيل، وهما العاملان المحددان لكمية، وسعر إنتاج القنب الهندي الخام، ما يحسم بالتالي مجموع الدخل السنوي للفلاح، الذي يبقى محدودا في حدود 20 ألف درهم بالنسبة إلى الفلاحين الصغار بمتوسط أراضي لا يتجاوز 4 هكتارات، مقابل 28 ألف درهم للفلاحين بحيازة متوسطة (7 هكتارات)، بينما يصل المبلغ إلى 48 ألف درهم سنويا بالنسبة إلى الحيازات الكبيرة ما فوق 10 هكتارات.
انعكاسات زراعة القنب على الواقع المعيشي
أشارت خلاصات البحث إلى حدوث تحولات مورفولوجية للمساكن الأسرية في منطقة البحث، بتنوعها بين مساكن حديثة، وتقليدية، إلا أن هذا التحول يبقى محدودا، إذ لا تتجاوز المساكن الحديثة 16 في المائة، مقابل 82 في المائة تعد مساكن تقليدية، خاضعة لبعض الإصلاحات.
وأكدت الباحثة نفسها وجود تحولات في الممارسة الاستهلاكية للسكان، مدعومة بتطور الدخل الأسري، حيث رصدت في هذا السياق ظهور ما أسمته “الاستهلاك التفاخري” في طقوس الزواج لدى الأسر، بارتفاع قيمة الهدايا، والمهور، وغيرها.
ورصد البحث ذاته تحولات أخرى على مستوى العلاقات الأسرية، لاسيما نزوع الأبناء إلى الاستقلال عن السلطة التقليدية للوالدين، وانفتاحهم على الإعلام، والمدرسة، لاسيما في مجتمع يغلب عليه غياب التمدرس بنسبة 48.86 في المائة، بسبب رغبة الآباء في الاستفادة من مساعدة أبنائهم في زراعة القنب الهندي.
وعلى المستوى الأسري، أيضا، سجل البحث نفسه حدوث تحول من البنية الأسرية، الممتدة إلى البنية النووية، مع اتجاه واضح نحو إشراك الزوجة في القضايا المهمة، بعدما انحصرت، سابقا، في الذكور من كبار السن، الأمر الذي اعتبر تحولا دالا على استقلالية مسكنية، واقتصادية .
جدير بالذكر أن لجنة مناقشة البحث قررت منح الطالبة المذكورة شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جدا، مع توصية بالنشر، وتضم اللجنة كلا من الأساتذة: عبد الغني منديب رئيسا، وسعيد بنيس مشرفا، والمختار الهراس خبيرا، وجمال الوفا مقررا، وعبد الهادي الحلحولي مقررا.