يناقش المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة هذه الأيام، مسودة ما سيصبح أطروحته السياسية الجديدة، بدلا عن الوثائق التي شكلت حتى المؤتمر الأخير في فبراير الفائت، عقيدة سياسية بالكاد كان هذا الحزب حديث النشأة يتزحزح عنها.
المشروع قدمه لحسن الخليل، وهو أستاذ لعلم الاجتماع بكلية الآداب في فاس، وكلفه الأمين العام للحزب، عبد اللطيف وهبي، بالإشراف على صياغة أطروحة سياسية جديدة لحزبه، بينما كان بعض أعضاء المكتب السياسي يعرضون بعض الملاحظات حول بعض التقييمات أو العناصر الرئيسية في تحليل مسار الحزب، يقوم الخليل بإدراجها في نسخته.
وتبدو هذه الأطروحة وفق مصادر بالحزب، كاستمرار للأفكار التي كان قد طرحها وهبي نفسه في تحضيرات المؤتمر الأخير، بخصوص إعادة توجيه الحزب، وهي أفكار خططت لتجديد قواعد العمل في هذا الحزب. وكان وهبي قد أعد مشروعا سعى إلى طرحه في ذلك المؤتمر، لكن جرى التخلي عن ذلك لاحقا، بينما أقر المؤتمر مشروعا هيأته لجنة للوثيقة السياسية، لكن معديها الرئيسيين، مثل عبد المطلب أعميار، وسامر أبو القاسم، كانا ينتقدان “الاستخفاف إزاء الوثيقة التي صادق عليها المؤتمر”، بينما توقف أبو القاسم عن المشاركة في حياة الحزب.
وتستند الأطروحة الجديدة بشكل كبير، على المشروع نفسه الذي كان وهبي يرغب في دفع المؤتمر إلى إقراره كي يكون بمثابة “عقد عمل” بينه وبين الحزب. ورغم سحبه لمشروعه قبيل المؤتمر الأخير، إلا أن أفكاره وعناصره الرئيسية قد جرى تفصيلها أكثر في مشروع الأطروحة الجديدة.
وفي 80 صفحة، تبرز الانتقادات التي طالما كانت القيادة الجديدة للحزب تكيلها للطريقة التي جرت بها إدارة “البام” منذ تأسيسه. وفي هذا الصدد، ينتقد المشروع “جيل المؤسسين” باعتباره نزع إلى الاتكالية السياسية؛ و”اتخذ من وثائق ودراسات وطنية أنجزتها الدولة المغربية، مثل تقرير الخمسينية، وتقرير هيئة الإنصاف والمصالحة، مراجع فكرية وسياسية لسياسة الحزب”، هذه العملية أدت في نهاية المطاف كما تعترف الأطروحة، إلى “جعل الحزب في نظر الناس حزبا للدولة”.
واستخدم معدو مشروع الأطروحة لأول مرة، عبارة “الخطيئة” لتوصيف تأسيس الحزب، ويقول: “لقد تماهى الجيل المؤسس للحزب مع كل سياسات الدولة في انفتاحها على الديمقراطية، ولم يستطع الحفاظ على مسافة في الموقف والخطاب إزاء القضايا الأساسية للمجتمع المغربي، وصار وهو يواجه خصومه، خصوصا الإسلام السياسي بالمغرب، يظهر وكأنه يدافع عن الخطاب الرسمي للدولة”.
ثم يضيف: “هذا الوضع الملتبس الذي خلقته ظروف التأسيس كان بمثابة الخطيئة التي أخفت حقيقة الفكرة التأسيسية للحزب، وجعلت الذي جاء لدعم والدفاع عن الديمقراطية بصيغة تاريخية جديدة، يظهر على أنه عدوها الأول بفعل كونه تبنى سلوكات ومواقف نفت عنه أية استقلالية عن الدولة” (ص 40 من المشروع). وعادة ما يستعمل خصوم “البام” عبارة الخطيئة لانتقاد الطريقة التي تشكل بها حزب الأصالة والمعاصرة عام 2009، وكان قادة هذا الحزب دوما يهاجمون مستخدميها.
وتضمن الباب الثالث في المشروع، الكثير من هذه الانتقادات للحزب، لكنه أيضا يتوجه في أبواب إضافية، إلى تشكيل صلات جديدة تتجاوز المعوقات التي أبطأت مسار الحزب لنحو 10 سنوات.
وسيعرض مشروع الأطروحة السياسية الجديدة للحزب على أعضائه، ثم للمناقشات العامة، قبل الانتخابات، على ما هو مقرر. ويقول قيادي بالحزب إن أعضاء المكتب السياسي كما قياديون آخرون، سيسعون بسرعة إلى تنقيح مشروع الأطروحة قبل نشره.