باحثون يناقشون في ندوة "مؤسسة الفقيه التطواني" رهان المستقبل المشترك بين المغرب والجزائر بعيدا عن أحقاد السياسة

17 سبتمبر 2021 - 10:30

المغرب والجزائر: « الرهان على مستقبل مشترك »، هو محور الندوة العلمية التي نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني مساء أمس الخميس، بمشاركة مؤرخين ومفكرين وإعلاميين من المغرب وخارجه، شدد بمناسبتها، بوبكر الفقيه التطواني، رئيس المؤسسة، على أن حلم السلام والمحبة بين الشعبين المغربي والجزائري، سيظل حلما مشروعا، وأي خطاب يميل إلى تكريس الأحقاد وبث التفرقة لا يعني هذه الشعوب في شيء، مؤكدا على أهمية أسلوب الثقة واليد الممدودة، فهو شعار ستظل مؤسسته ترافع من أجله بنفس كبير، لا يطاله اليأس في الحال ولا في المستقبل من الأيام، قبل أن يشدد القائمون على الندوة ذاتها على أن السجالات السياسية ضعيت على البلدين أكثر من نصف قرن، وتسببت في تعميق الفجوة بينهما.
وفي الوقت الذي حاولت فيه ندوة مؤسسة الفقيه التطواني، إبراز المحطات التاريخية المشرقة في العلاقات بين المغرب والجزائر، فقد سعت بالمقابل، إلى تقديم صوت المثقف والشاعر والباحث في التاريخ والسيوسيولوجيا، لتقف مع هؤلاء جميعا على المشروع الفكري الذي يقترحونه للخروج من الأزمة بين البلدين التي طال أمدها.

محمد أمطاط، أستاذ التعليم العالي، في التاريخ المعاصر، توقف عند المحطات التاريخية التي تبرز المشترك بين المغرب والجزائر، في أربع محطات تاريخية، وهي استقلالية الشعوب المغاربية عن المستعمر التي أبرزت وحدتها، وتمسكها بالحرية كعقيدة ومنهج حياة، حين بادر وا للدفاع عن الشخصية الأمازيغية خوفا عليها من الذوبان والانصهار، قبل أن يجىء الإسلام ليشكل عاملا لوحدة هاته الشعوب المغاربية، ورابطة قوية لحفظ لحمة وجدانها.

ووفقا لرؤية أنتروبولوجية، شدد مصطفى راجعي الأستاذ الباحث في علم الاجتماع من الجزائر، خلال مشاركة له في الندوة، على أهمية الروابط التي تجمع بين المغرب والجزائر، والتي وصفها بـ »المتينة والعميقة والقديمة »، وفي مقدمتها الروابط الدينية، مؤكدا على أن التاريخ بين الجزائر والمغرب هو تاريخ مشترك، مبرزا أن الروابط الدينية وفي مقدمتها الدور الرئيسي الذي لعبته الزوايا الصوفية، ساهم في بث روح التضامن بين الشعبين، مما استفادت منه الحركة الوطنية في البلدين فيما بعد، قبل أن يختم أن من قدر الشعبين الاستمرار في بناء حلم التاريخ المشترك.

من جانبه، قال ادريس بنسعيد، أستاذ السوسيولوجيا، في جامعة محمد الخامس، في مداخلة له تحت عنوان: »أسئلة للتاريخ والجغرافيا »، إن القوى اللاعقلانية في البلدين، تراكم شرائح للجهل المتبادل، بين شعوب المغرب والجزائر وتونس، وموريتانيا، وتجرف بها عواصف حارقة، من وحي اللحظة، والتدافع السياسي، ناهيك عن انزلاقات مواقع التواصل الاجتماعي والأقلام المتسرعة التي تسيء إلى عمق العلاقات بين البلدين، وضبابها يقف حاجزا يمنع الباحثين والمثقفين من التفكير في مستقبل المغرب الكبير، الذي يصبو إليه الجميع.

وتساءل المفكر بنسعيد، هل الانزلاق السياسي نتيجته جهل مركب يؤدي إلى إنتاج هويات إقليمية لم تكن موجودة من قبل؟ في الوقت الذي كانت فيه هويات مغاربية أوسع، وفي وسط إنتاجاتها، تم إنتاج العدو والخصم بطريقة خطيرة، مما جعل المنطقة تعيش في منزلق أخطر وأعمق، بعيدا عن أي تدافع سياسي.

وشدد بنسعيد، على أهمية دعوة العقل الذي يحتاج من الباحث والمثقف، تقديم خدمة لشعوب البلدين، لتنويرها، من طبقات الجهل التي جعلتها متنافرة.

قبل أن يستعرض المعطيات الانتروبولوجية الجديدة، التي تجعلنا أمام كتلة شبابية صاعدة ومؤثرة في كل من بلدان المنطقة، باتت تؤثر في المجتمعين الجزائري والمغربي، ولا تكترث للصراعات، وهو ما يختصره في شعار: « المغرب والجزائر خواة خواة »، وهي شروط أخرى، تطرح هواجس جديدة أمام الشباب يفسر الباحث بنسعيد.

كما أوضح أيضا أن مفهوم الدولة المبني على قواعد الحدود والتراب، هي أشياء جديدة تتكون بطريقة خاطئة، مشددا في هذا السياق، على أهمية استشراف المستقبل من طرف المثقف، وإبداعه لتفكير جديد، لمصلحة المنطقة.

منصف سليمي، رئيس المؤسسة المغاربية، الألمانية للثقافة والإعلام، عاد ليؤكد هو بدوره، على أن علاقات المغرب والجزائر باتت بحاجة إلى أدوار حكماء من الجانبين، ينبغي أن يحاولوا وضع تصورات غير تقليدية في معالجة الملفات الحساسة والتاريخية وتفتح آفاق المستقبل للأجيال الجديدة وعدم رهنها بتراكمات الماضي، وبكل جرأة وتشريح قاس.

وهي المهمة الصعبة، التي أصبحت أشبه بعملية جراحية في العلاقات، ولكنها ممكنة حسب سليمي، ما دامت علاقات أخرى أكثر تعقيدا تشهد إرهاصات للخروج من المأزق التاريخي، وفي مقدمة هذه العملية أن يتم الحديث عن الماضي الأليم بين البلدين، للعمل على تشريحه وتقويمه.

 

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي